بقلم: أحمد رزق منذ 1 ساعة 17 دقيقة أخيراً حانت لحظة الحقيقة.. وتوافقت القوي السياسية علي الذهاب إلي صناديق الاقتراع، لاختيار مجلس شعب يؤسس لمصر الجديدة، لتبدأ مرحلة جديدة تم دفع ثمنها غالياً من دماء مئات الشهداء وجراح آلاف المصابين وملايين المتظاهرين الذين هتفوا في جميع ميادين مصر ضد القهر والفساد والاستبداد، انتهاء بالضغط الشعبي لتعديل قوانين الانتخابات والوصول إلي حلول توافقية بعدما أخفق المستشارون السريون في إخراج تشريع واحد يلقي ترحيباً من أية قوة سياسية مما سبب الحرج للمجلس الأعلي للقوات المسلحة ودفعه لتغيير مراسيم قبل أن يجف المداد الذي كتبت به، لذا نأمل أن يكون البرلمان الجديد علي مستوي الحدث التاريخي الذي نمر به. أيام قليلة ويبدأ فتح باب الترشح للانتخابات، لذا علي الجميع أن يتركوا الميادين ويستعدوا لأول اختبار ديمقراطي، الكل سيخوضه وكفي رفع شعارات والإلحاح علي مطالب جديدة، كلما تمت الاستجابة لبعضها، فهناك بعض الفصائل السياسية ترغب أن تعامل كما يعامل الطفل الصغير فهي تشعر أن المجلس العسكري لا يلاطفها مثل فصيل آخر ورغبة في حب إثبات الوجود نجدهم يعلنون مواقف متشددة بغرض لفت الانتباه إليهم علهم يحظون بنظرة عطف من المجلس الأعلي أو محاولة لاسترضائهم وهكذا ندور في دوامة المليونيات والمطالب التي لا تنتهي. وعلينا جميعاً التزام نحو أهلنا الأميين والبسطاء في الريف والصعيد أن نوعيهم سياسياً لأنهم الأغلبية التي كان يستخدمها النظام السابق لانتخاب الهلال والجمل إذا جازفوا وذهبوا لصناديق الاقتراع وليس مهما البرنامج الانتخابي، وكان يكفي أحد وكلائه أن يوزع بطاطين أو بعض الأطعمة، لكن مصر الجديدة تطالب أحزابها أن يكون لها برامج واضحة يتم محاسبتها عليها بعد انتخابها، ومن يحنث في تنفيذ برنامجه يعاقب انتخابياً ولا يحظي بالثقة مرة أخري وكل المرشحين بشر يخطئون ويصيبون وليس هناك أحد مبعوث العناية الإلهية أو أن تياراً واحداً يملك مفاتيح الجنة والباقين من الشياطين. لقد أنفقنا وقتاً طويلاً حتي نصل إلي الانتخابات ونجاحنا في عبور تلك المرحلة لا يقل عن نجاحنا في اقتحام خط بارليف لأنه يعني ببساطة أننا أرسينا أول لبنة في البناء الديمقراطي ونتقدم لانتخاب هيئة تأسيسية لوضع دستور جديد ثم انتخاب رئيس جمهورية ليبدأ عهداً جديداً في الجمهورية الثالثة، فهل سنمضي إلي الأمام أم سنظل نراوح في مكاننا نصرخ في الفضائيات وندعو لمليونيات لا طائل منها، بعدما ضج العامة من كثرتها، في ظل الارتفاع الجنوني للأسعار وفشل الحكومة في اتخاذ قرارات لضبط الأسعار أو وضع برامج طويلة الأمد لزيادة الإنتاج برغم أنها مؤقتة وليس من صلاحيتها تحميل الحكومة المنتخبة بأعباء من سبقها! القوي السياسية تشرذمت عقب خلع مبارك ودخلت في جدل سياسي كبير قبل وضع أسس جديدة للعمل السياسي واتهم كل فصيل الآخر بما فيه وما ليس فيه من عمالة للخارج إلي عقد صفقة سرية مع المجلس العسكري للاستيلاء علي السلطة، وفات الجميع أن يدركوا أن المصريين قبل 25 يناير غير بعد الثورة وأنهم لن يسمحوا لأحد بسرقة أحلامهم وطموحاتهم الذين ضحوا من أجله بالغالي والنفيس، ومن سيتولي سلطة منتخبة كالقابض علي الجمر فهو مطالب بتحقيق المعجزات في أقل وقت ممكن ومن لا يستطيع أن يفعل عليه ألا يغامر ويستخف بعقول الشعب لأنه سيواجه من 85 مليوناً، مستعدين أن يعودوا إلي الميادين كي يستردوا تفويضهم ممن خذلهم. [email protected]