توالت تداعيات القرار 992 لعام 2015، الذي تضمن تسجيل الشركات المصدرة للسوق المصري والمالكة لعلامات تجارية ولها وكلاء في مصر بهيئة الرقابة علي الصادرات والواردات ورغم ما تضمنه القرار من بدء العمل به اعتبارا من 1 مارس 2016 إلا أن أصداء صدوره كان لها أثرا بالخارج فأبدت شركات برتغالية وهولندية وألمانية رفضها للقرار وأرسلت الشركات البولندية طلبا للسفير المصري استفسرت خلاله عن ملابسات القرار وطلبت صورة منه وهو الأمر الذي يعني أن هناك توجها داخل أوساط الشركات الأجنبية للحد من التصدير لمصر وربما تقوم حكوماتهم بإعمال مبدأ المعاملة بالمثل وربما تحمل الأيام القادمة مفاجآت بصدور قرارات مماثلة أو أكثر صرامة وقد تصل لحد الشكاوي بمنظمة التجارة العالمية WTO خاصة أن مصر عضو بالمنظمة وملزمة بمبدأ التجارة العالمية وهي حرية فتح الأسواق أمام البضائع المستوردة. وفي اجتماع عاصف بالغرفة التجارية الخميس الماضي أكد المستوردون توقف الاستيراد خلال الفترة القادمة وهو ما سينجم عنه عجز في السلع وبالتالي ارتفاع الأسعار وأكد معظمهم أن القرار صدر لصالح أصحاب مصانع وشركات مصدرة كبري من المدرجين بالقائمة البيضاء التي يتم الكشف الظاهري لشحنات بضائعهم بدعوي التزامهم خلال الفترة السابقة بالمعايير الدولية وجودة المنتج متهمين أصحاب المصالح بالمنطقة الحرة بتهريب سلاح للخارج وأوضحوا أن القرار صدر لصالح أصحاب المصالح من أصحاب التوكيلات والشركات المتعددة الجنسية وعددها لا يشكل 10٪ من العاملين في قطاع الاستيراد وهو الأمر الذي يعني مزيدا من الاحتكار واختفاء للسلع بعد منعها بدعوي عدم استيرادها من مصانع أو توكيلات مسجلة بالسوق المصري. وطالبوا بخضوع جميع البضائع المستوردة للرقابة علي الصادرات والواردات والتأكد من مطابقتها للمواصفة المصرية والمفترض إلزام جميع الموردين بتوريد سلع مطابقة للمواصفة بدلا من وضع قيود قد تطيح بشركات عديدة. وقد تصاعدت حدة الأزمة مؤخرا بين المستوردين المحليين ووزير الصناعة وقام المستوردون برفع مذكرة الي رئيس الجمهورية يطالبون فيها بإلغاء قرار قابيل لأضراره البالغة بالتجارة من وجهة نظرهم. من جانبه أكد أحمد شيحة رئيس شعبة المستوردين بغرفة القاهرة التجارية صدور القرار بضغط من مجموعة من المحتكرين تحت دعاوي مسئولية المستوردين عن أزمة الدولار موضحا أن إعداد قائمة بالسلع التي وضعت قيود علي استيرادها تستهدف منع استيرادها وهو ما سيواجه بسلبيات كثيرة تؤثر علي مسار التجارة المصرية سواء بالداخل أو الخارج، معتبرا الاشتراطات المطلوبة لتسجيل المستوردين مخالفة للقانون 118 لعام 2005 حيث إن القانون ينظم عمل الشركات صاحبة العلامات التجارية وكيفية إدارتها في حالة رغبتها في التسجيل بهدف حصولها علي تسهيلات في الإجراءات فقط حسب رغبتها، بالإضافة الي أن الاشتراطات تخالف ما جاء في اتفاقية التجارة العالمية حيث نظمت الاستيراد والتصدير ما بين الدول الأعضاء بحرية والقرار الأخير ربما يعرض مصر لعقوبات عديدة ومنها المعاملة بالمثل. ويري «شيحة» أهمية العدول عن القرار الذي سوف يتسبب في اغلاق العديد من الشركات العاملة في مجال الاستيراد وبالتالي مزيد من البطالة واحتكار شركات مستوردة سوف تتحكم في الأسعار وبالتالي تؤثر علي المستهلك بالإضافة لنقطة مهمة وهي التأثير علي حصيلة الجمارك التي قد تصل الي 18 مليار جنيه. أوضح أحمد صقر عضو غرفة الإسكندرية التجارية أن القرار الصادر بإلزام تسجيل المصانع الموردة سيعني أن السلع التي سوف تدخل السوق المصري ستقتصر علي مصانع كبري ولها وكلاء بالسوق من أصحاب العلامات التجارية فقط، معتبرا صدور مثل هذا القرار استسهال الحل من قبل المسئولين الذين اخفقوا في ايجاد حلول اقتصادية للأزمة فكان البديل هو إصدار قرارات معوقة للاستيراد بدلا من الاتجاه لتنمية الصادرات وتطوير الصناعة بالإضافة الي منح أصحاب التحويلات من العاملين بالخارج أسعارا متميزة بالبنوك لاجتذابهم بتحويل أموالهم داخل أروقة البنوك بدلا من اتجاه معظمهم لتحويلها للخارج. وأكد أن الوزارة تناست عند إصدارها القرار أن شح موارد مصر من العملة الصعبة وفشل البنوك في تدبير العملة بالإضافة لقرار الحد الأقصي للإيداع الدولاري ب50 ألف دولار شهر أدي لارتفاع سعر الدولار وتحكم سماسرة العملة في أصحاب الشركات وتدبيره بأسعار مرتفعة مستغلين احتياجهم له في ظل الغرامات التي تفرض علي أرضيات وحراسات الكونتينر في الموانئ ولا سبيل لأصحابها لإخراجها من الموانئ إلا بدفع الرسوم الجمركية وتغطية الجزء المتبقي من الاعتماد الاستيرادي. ويتساءل «صقر»: كيف تطالب الحكومة التجار والمستوردين بخفض السلع ومعظم إجراءاتها تؤدي لزيادتها بنسبة لن تقل عن 25٪ وقال: خضوع الوزير لطلبات أعضاء باتحاد الصناعات شيء غير مفهوم فمن حق الدولة أن تحمي صناعاتها في حالة قيام أصحاب المصانع بتصنيع سلعة تامة الصنع بمعني أن كل مدخلاتها بالكامل محلية فمعظم الصناعات بمصر تجميعية فمثلا في صناعة السيارات تحتاج لكماليات يتم استيراد معظمها من الخارج فمصر تفتقد للصناعات المغذية والصغيرة وهو الأمر الذي يعني أنه ليس لدينا صناعة متكاملة. قال الدكتور رشاد عبده رئيس المنتدى الاقتصادي المصري إن من المفترض أن تسير الحكومة في اتجاهين متوازيين هما تخفيض الاستيراد وزيادة من الصادرات ولكن للأسف هناك أصحاب مصانع أقنعوا المسئولين بأهمية إصدار القرار للحد من الاستيراد بدعوي مسئوليته عن الأزمة. لافتا الي أن هناك أسبابا أخري للأزمة وهي النقص الحاد في موارد مصر من العملة الصعبة معتبرا أن الحل سيصب في صالح طرف دون الآخر فمحافظ المركزي لن يصبح مطالبا بتدبير دولارا أما مسئولو الجمارك فسوف يحرمون من حصيلة جمركية تقوم الشركات المستوردة بسدادها بالموانئ وأشار إلى أحقية المواطن في الحصول علي سلع جيدة ولكن ليس لدرجة خنق السوق معتبرا أن المسألة لها بعد احتكاري لأنه سيمنح فرصة لأصحاب التوكيلات للمصانع الكبري التحكم في السوق وخروج الشركات المستوردة الصغيرة هو ما يخل بمبدأ المنافسة أهم آليات السوق وتداول السلع موضحا أهمية الحد من استيراد السلع الاستفزازية التي لا يحتاجها السوق أما الضرورية فمن المهم تواجدها خاصة أن هناك خامات وسلعا مكملة تحتاجها الصادرات وذلك يستلزم مرونة من المسئولين ودراسة جيدة لاحتياجات السوق سواء من سلع أو خامات وتوقع «عبده» تعديل القرارخلال الفترة القادمة.