استقلال القضاء عن السلطتين التشريعية والتنفيذية وحصانته ضمانة أساسية للحقوق والحريات وأى تدخل في عمل القضاء من جانب أى سلطة يخل بميزان العدل ويقوض دعائم الحكم. ولذا كان استقلال القضاء منصوصاً عليه في جميع المواثيق العالمية والدساتير التى شهدتها مصر، فكما قيل قديما «العدل أساس الملك» وتعديل قانون السلطة القضائية كان من أهم أهداف كل الثورات بداية من ثورة 1919 ثم ثورتي 25 يناير 2011 و30 يونية 2013، ويجتهد قضاة مصر دوما لاستكمال استقلالهم ولذا أعدوا مشاريع قوانين وتعديلات جوهرية في قانون السلطة القضائية خلال السنوات الأخيرة لمنحهم هذا الاستقلال، ومع استكمال الاستحقاق الثالث في خارطة الطريق ووجود مجلس تشريعى منتخب أصبح السؤال الملح الآن متى سيكون مشروع قانون السلطة القضائية الذى يعد من القوانين المكملة للدستور تحت قبة مجلس النواب لمناقشته وإقراره. كشف عدد من القضاة أن آلية إقرار قانون السلطة القضائية الجديدة تتمثل في ضرورة أن تقوم الحكومة أو من يمثلها في التقدم بمشروع قانون السلطة القضائية للمجلس التشريعي أو أن يتقدم أحد النواب بالمجلس بأحد مشاريع القوانين أو أى جهة ذات صلة ثم تقوم اللجنة التشريعية داخل مجلس النواب بتنقيح القانون أو القوانين المقدمة ثم يتم عرضها على مجلس القضاء الأعلى لأخذ رأيه في التعديلات التى أجريت على القانون أو القوانين التى قدمت طبقاً لما أقره الدستور من حق أصيل لمجلس القضاء الأعلى ثم يعود مرة أخرى مشروع القانون لمجلس النواب للتصويت عليه وإقراره، حيث يشترط فى صحة القوانين أن يوافق عليها ثلث أعضاء البرلمان أو أن يتم رفضه. التفتيش القضائي وأشار القضاة إلى أنه رغم تعدد مشاريع قوانين السلطة القضائية التى أعدت سابقاً إلى أن جميعها تتمحور في 5 مواد جوهرية في تلك القوانين وتدور جميعها في نقل تبعية التفتيش القضائى من وزارة العدل لمجلس القضاء الأعلى وكذا تعيين رؤساء المحاكم الابتدائية ورئاسة الجمعية العمومية للمحكمة وتوزيع العمل وإعداد مشروع الحركة القضائية والترقيات والنقل من الوزارة إلى مجلس القضاء الأعلى وإلغاء سلطة وزارة العدل في مجازاة القضاة وتعديل البند الخاص بالموازنة المالية للقضاة ليكون بنداً واحداً وليس مجزأ، فضلاً عن بعض البنود المتعلقة بالإعارة والندب والنقل. حركة القضاة 2006 خلال اعتصام القضاة ووقفتهم الاحتجاجية في نهاية 2005 و2006 كانت من ضمن مطالبهم تعديل قانون السلطة القضائية ونجحوا بالفعل في تمرير القانون رقم 142 لسنة 2006 الذى تضمن بعض التعديلات وأهمها موازنة مالية مستقلة للقضاة بدأت من العام المالى 2008 و2009 وجعل التقاضى على درجتين للقضاة المحالين للصلاحية، فضلاً عن بعض البنود التى تم تغييرها لاحقاً والمتعلقة بالإعارة والندب والنقل. قانونا مكى والزند بعد ثورة يناير 2011 شكل المستشار حسام الغريانى رئيس مجلس القضاء الأعلى آنذاك لجنة برئاسة المستشار أحمد مكى وزير العدل الأسبق لإعداد مشروع قانون السلطة القضائية وفي نفس الوقت قام نادى القضاة العام برئاسة المستشار أحمد الزند حينذاك لجنة برئاسة المستشار عبدالستار إمام رئيس نادى قضاة المنوفية الحالى لإعداد مشروع مماثل ممثلاً لقضاة مصر واحتدم الصراع بين الطرفين حول من سيرى النور من المشروعين أولا وبسبب قيام كلا المشروعين بالإصرار على الإبقاء على المادة 18 التى تنص على حبس المحامين في قضايا الجلسات الذى قوبل بالرفض من المحامين نشب صدام وخلاف هائل وصل إلى حد أعمال العنف والتظاهر ضد القضاة والذى على أثره عقد نادى قضاة مصر جمعية عمومية غير عادية في 29 أكتوبر 2011 بحضور المستشارين حسام الغريانى وأحمد مكى وأحمد الزند، ثم قام رئيس مجلس القضاء الأعلى آنذاك حسام الغريانى بقبول صلح من المحامين في مكتب رئيس الوزراء الأسبق عصام شرف وبحضور أحمد الزيات دون حضور سامح عاشور نقيب المحامين ومع تولى الإخوان حكم مصر لم ير أى مشروع لتعديل قانون السلطة القضائية النور. مشروع الإخوان فى أواخر حكم جماعة الإخوان مصر في 2013 طرحت الجماعة المحظورة مشروع تعديل قانون للسلطة القضائية وإحالته إلى مجلس الشورى تمهيداً لإقراره وأهم نص في هذا المشروع هو خفض سن التقاعد للقضاة إلى 65 عاماً وكان المشروع يهدف للإطاحة بقرابة 3500 قاض من شيوخ قضاة مصر وإحلالهم بمحامين منتمين للجماعة المحظورة وضمهم إلى السلطة القضائية بهدف أخونتها وعقد نادى القضاة العام برئاسة المستشار أحمد الزند جمعيات عمومية طارئة لمواجهة والتصدى لقانون الإخوان وقامت ثورة 30 يونية وأجهضت مخطط المحظورة. مطلب قضائي طالب عدد من القضاة بضرورة سرعة التقدم بقانون السلطة القضائية لمجلس النواب تمهيداً لإقراره وتحقيق الاستقلال المطلوب ليتوافق مع أحكام الدستور 2014 وأشاروا إلى أن بعض أحكام القانون الحالى تتعارض مع نصوص الدستور الجديد الذى أوجب تعديل القانون مما قد يشوبه بعوار دستورى بين الآن، فضلاً عن أن المطالب بمشروع قانون جديد للسلطة القضائية يعتبر استحقاقًا دستوريًا، لأن الدستور جاء ببعض الأحكام الجديدة الخاصة بضمان دعم استقلال القضاء وموضوعيته ولحل مشكلة بطء التقاضى.