من أين يأتي الإرهابيون بتلك المتفجرات التي يزهقون بها أرواح الأبرياء في أي مكان؟ سؤال يطرح نفسه عقب كل عملية تفجير إرهابية تتعرض لها البلاد ومع ذلك لم ينجح أحد في وقف تجارة المواد المتفجرة، وهي تعد من أخطر أنواع التجارة، حيث تقتل الأبرياء وتضر بالأمن القومي للبلاد. فإذا كانت تجارة المخدرات محرمة وممنوعة لخطورتها علي الشباب، وإذا كانت تجارة السلاح كارثة تهدد أمن المجتمع وسلامته، فإن تجارة المتفجرات أخطر بكثير، فهي تجارة محرمة ومجرمة وتهدد أمن المجتمع وسلامته وتزهق أرواح الأبرياء، بل إنها تهدد بفتنة طائفية لا يعلم أحد إلي ماذا تنتهي؟! التحقيقات الخاصة بتفجير الإسكندرية، كشفت أن وراء جريمة كنيسة القديسين التي وقعت الأسبوع الماضي، عبوة ناسفة وزنها حوالي 2 كيلو جرام، وتتكون من بلي ومسامير ومادة شديدة الانفجار »T.N.T«. وأجسام صلبة، كانت سبباً في قتل حوالي 21 شخصاً، وإصابة 60 آخرين. وقد سبق هذه الجريمة جرائم أخري كثيرة راح ضحيتها مئات الضحايا من الأبرياء، سواء كانوا مسلمين أو مسيحيين، فالإرهاب لا يفرق بين مسلم ومسيحي، إنما يحصد الأرواح بلا هدف سوي إثارة الفتن، وتهديد أمن المجتمع وسلامته. وإذا كان وراء هذه الجرائم أشخاص لا دين لهم، فهناك من يساعدهم من ذوي النفوس الضعيفة الذين يبيعون لهم هذه المواد المتفجرة، في سوق غير مشروعة، كل عملياتها مجرمة، ومع ذلك يحصلون علي ما يريدون من متفجرات تودي بحياة الأبرياء. صناعة القنابل وإذا كانت طرق تصنيع هذه القنابل القاتلة سهلة وبسيطة ومنتشرة علي آلاف المواقع علي شبكة الإنترنت، فكيفية الوصول إلي المواد المستخدمة في هذه القنابل هي تجارة محلية بحتة، خاصة أنه لا يستطيع أي غريب دخول البلاد بمثل هذه المواد، وإنما يحصل عليها الإرهابيون من السوق الداخلية. جدير بالذكر ان كبسة زر واحدة علي شبكة الإنترنت للبحث عن طرق تصنيع المتفجرات، تعطي لك ما يقرب من 142 ألف نتيجة علي محرك البحث الشهير Google، وبعض هذه المواقع يحتوي علي أفلام فيديو ودروس تفصيلية حيث طرق تصنيع القنابل والأسلحة وكاتم الصوت، وطرق تصنيع السموم المختلفة، وتصنيع العبوات الناسفة والمؤقتات ووسائل التفجير عن بعد، وحتي كيفية صناعة الصواريخ، وبعض هذه المواقع يحتوي علي طرق تصنيع القنابل بوسائل بسيطة ومواد سهلة الحصول عليها، منها الأسمدة الزراعية والجلسرين والمتفجرات التي تستخدم في صناعة المناجم والمحاجر. ويعتبر البارود الأسود هو أول أنواع المتفجرات التي عرفها التاريخ، في عام 1300 تقريباً وهو عبارة عن خليط مكون من فحم الكربون والكبريت ونترات البوتاسيوم، إلي أن حل محله الديناميت الذي توصل إليه العالم السويدي الفريد نوبل عام 1867. وقد طور العلماء بعد ذلك هذا المركب، الذي يعتمد في أساسه علي مادة النيتروجلسرين ليصبح أكثر تدميراً، وتوصل العلماء بعد ذلك إلي مواد كثيرة ذات قدرات تدميرية عالية. مثل مركبات ال CX وال PDX، وأزيد الرصاص وفلمونات الزئبق، وكثير من هذه المواد يباع في الأسواق، حيث إنه يدخل في كثير من الصناعات، ولكن الإرهابيين يقومون بشراء مثل هذه المواد لاستخدامها في أعمالهم الإجرامية غير المشروعة. المناجم والمحاجر أعمال المناجم والمحاجر تعد المتهم الأول في هذا النوع من التجارة المحرمة، حيث إن الشركات العاملة في هذا المجال تتسلم كميات معينة من مادة ال T.N.T والبارود، شديدة الانفجار لاستخدامها في أعمال تفتيت الحجارة في الجبال، ولكن لا توجد وسيلة لتحديد الكميات التي يتم استخدامها في العمل داخل المناجم والمحاجر. وهذا ما أكده اللواء فؤاد علام - وكيل جهاز أمن الدولة سابقا - وقال أن بعض العاملين في هذا المجال يقومون بتوفير كميات من المواد المتفجرة التي يحصلون عليها ويقومون ببيعها في السوق السوداء بأسعار مرتفعة جداً، وتحقق لهم أرباحاً خيالية، أكثر بكثير مما تحققه لهم أعمالهم العادية في سنوات بأكملها. وأضاف أن هناك أيضا كميات من هذه المواد يتم الحصول عليها عن طريق السرقة وكل هذه المواد يتم توجيهها للأعمال الإرهابية. ورغم أن اللواء فؤاد علام نفي أن تجارة هذه المواد المتفجرة أصبحت أسهل من أي تجارة أخري - كما يقول البعض - إلا أنه أشار إلي أنها أصبحت أسهل كثيرا من ذي قبل، حيث ساعد الإنترنت عليها، خاصة أن الشبكة تحتوي علي مواقع عديدة تدل علي كيفية تصنيع هذه المتفجرات وبمواد بدائية وبسيطة، وإذا كانت التنظيمات تلجأ من قبل للسرقة أو تجنيد أي شخص من أجل هذا، فقد أصبحت شبكة الإنترنت وسيلة أسهل لتصنيع المتفجرات بدون اللجوء للسرقة أو غيرها. صناعة ممكنة الخبير الاستراتيجي اللواء طلعت مسلم قال إن صناعة المتفجرات ليست صناعة سهلة ولا صعبة ولكنها صناعة ممكنة، والمسألة كلها تتوقف علي نوع المتفجرات، فهناك متفجرات سهلة وبسيطة مثل البارود الأسود، وهناك مواد معقدة مثل T.N.T وألتراي نتيروسيليلوز »قطن البارود« وقد تمكن الإرهايون من استخدام مواد أخري مع المتفجرات لتزيد من قوتها التدميرية مثل المسامير والبلي، وكل هذه المواد وبعض المواد الكيميائية التي تستخدم في صناعة المتفجرات لا يمكن منعها لأنها تدخل في كثير من الصناعات الأخري. وأكد أنه رغم وجود رقابة علي تجارة المواد القابلة للانفجار في الشركات والمصانع الكبري، إلا أن الورش الصغيرة لا رقابة عليها، لذلك قد تكون هذه باباً خلفياً لتجارة هذا النوع من المتفجرات. ولذلك يجب رفع درجة الوعي لدي شبابنا ليعلموا ان الإرهاب عملية تستهدف أمن الوطن ومصالحه، ولابد من وجود تماسك اجتماعي لضمان سلامة الوطن من الإرهاب. مواد قاتلة الدكتور سيد محمد عبدالباري - أستاذ الكيمياء - كشف أمراً في غاية الخطورة، وهو أن الإرهاب لم يعد مقصوراً الآن علي استخدام المواد المتفجرة المعروفة من قبل، مثل ال T.N.T أو البارود، إنما هناك مواد مستحدثة يستخدمونها في التفجيرات، منها مواد كيمياوية متاحة في الأسواق يضاف إليها البارود الأسود الذي يستخدم في تصنيع البمب والصواريخ الخاصة بلعب الأطفال، لتصنيع مادة شديدة الانفجار، ورغم أن مادة حمض النيتريك ومشتقاته من المواد المحظور بيعها إلا أن البعض يستطيع التوصل إليها، وبإضافته للبنزين بكميات معينة تنتج مادة شديدة الانفجار، كما أن الألغام الموجودة في الصحراء الغربية تحتوي علي كيمات كبيرة من مادة ال T.N.T، وهناك خبراء من البدو يستطيعون استخراج هذه الألغام وبوضعها في الماء الساخن، يمكنهم استخراج هذه المادة ويبيعونها في السوق السوداء. أما الأمر الأخطر فهو أن حامض النيتريك الذي يستخدم في صناعة الأسمدة الزراعية. يمكن استخدامه في تصنيع المتفجرات، وهذه المواد من الصعب فرض رقابة عليها، وبالتالي قد تصل إلي من يستخدمونها بشكل خاطئ.