عبد الكريم: تغيير مسار الخطة الاستثمارية بالبنوك والاستفادة من النظام الإسلامي بسيوني: استكمال برنامج الإصلاح المصرفي وجذب بنوك عالمية جديدة محمد: تحسين أداء الإدارات والاهتمام باحتياجات العملاء القدرة علي إيجاد قطاع مصرفي قوي وقادر على مواجهة الأزمات وعواصف الإفلاس باتت مطلباً هاماً خلال المرحلة المقبلة التي يتم فيها بناء الاقتصاد المصري من جديد بعد رياح التغيير العاتية التي أطاحت بنظام فاسد أضر بالأخضر واليابس طيلة الفترة الماضية. فما هي الاستراتيجيات التي يمكن من خلالها زيادة أرباح البنوك من جانب وتقوية مراكزها المالية من جانب آخر؟ وما هي الركائز التي تحتاج إليها خلال المرحلة المقبلة لتكون قادرة علي الوقوف ضد أمواج الأزمات المالية العالية؟. صحيفة "التغيير" تجيب على هذه الأسئلة في روشتة الخبراء .. كما يلي: بداية يقول حمدي عبد الكريم مدير إدارة الائتمان بأحد البنوك العامة، إنه من المفروض أن تكون البنوك قد استفادت من تبعات الأزمة المالية العالمية التي خلقت تحدياً جديداً أمام البنوك وهو الخروج عن الشكل التقليدي والمتعارف عليه للبنوك من استثمار الودائع عن طريق إعادة إقراضها، مؤكداً ضرورة أن يكون للبنوك دور أكبر في عملية التنمية والاستثمار الحقيقي وهو الأمر الذي ترسخه المعاملات الإسلامية وأن تستفيد بشكل جاد من هذا النظام في المعاملات وحجم السيولة الضخم المتوافر لدى البنوك المصرية، والذي تجاوز أكثر من 850 مليار جنيه مصري. وأكد عبد الكريم ل "التغيير" علي ضرورة دراسة تبعات الأزمة العالمية والدروس المستفادة منها كي تساعدنا على تحديد الأسلوب الذي يجب إتباعه في إدارة القطاع مصرفي خلال المرحلة المقبلة حتى يكون هذا القطاع قادراً على دعم الاقتصاد بشكل كبير، مشيراً إلي أن البنوك المصرية تحتاج إلى نوع من الرقابة الصارمة والدقيقة التي تساعد علي تقدمها ونجاحها. أما حمدي بسيوني الخبير الاقتصادي فيرى أن الأزمة المالية العالمية دعت لإعادة النظر في النظام المالي العالمي في الوقت الذي كشفت فيه هذه الأزمة عن التجاوزات والمخالفات في تطبيق أسس وقواعد الرقابة السليمة والإفصاح، خاصة في ظل الفوضى التي صاحبت عمليات الابتكار للأدوات المالية الجديدة، وطبيعة المخاطر المصاحبة لهذه الأدوات، وفشل مؤسسات التقييم في فهم طبيعة المخاطر الخاصة ببعض الأدوات المالية الحديثة، وقد زاد من حدة الأزمة درجة التشابك والترابط العالية بين المؤسسات المالية العالمية. وأضاف بسيوني أنه بعد مرور أكثر من ثلاث سنوات على الأزمة المالية كان لزاماً على المصرفيين وصناع القرار في البنوك على حد سواء البحث عن إجابات شافية لسؤالين هامين هما ماذا تعلمنا من هذا الحدث غير العادي، وكيف يمكننا أن نطبق ما تعلمناه لتعزيز نظامنا المصرفي، ولتجنب أو تخفيف الأزمات في المستقبل؟ باعتبار أن الإجابة على هذه الأسئلة ستكون هي دوافع خلق جهاز مصرفي قوي قادر على مواجهة أي أزمة خلال الفترة القادمة. ولقد قامت مجموعة من حكومات وبنوك مركزية عدة حول العالم بمجموعة من الإجراءات للتخفيف من الأزمة ومن تداعياتها على اقتصادياتهم من خلال مجموعة من الإجراءات الفورية مثل ضخ السيولة، ورسملة المؤسسات المالية المختلفة. بالإضافة إلى هذا هناك الكثير من التوصيات التي أفرزتها نتائج اجتماعات المؤسسات الدولية والجهات الرقابية المختلفة مثل مجلس الاستقرار المالي ولجنة التسويات الدولية وصندوق النقد الدولي. وأكد بسيوني أنه ينبغي على البنوك أن تضع في اعتبارها بعض التوصيات الهامة التي نتجت عن اجتماعات المؤسسات والهيئات الدولية والبنوك المركزية عقب براثن الأزمة المالية العالمية ومنها الحاجة إلى السيطرة على المخاطر النظامية وذلك من خلال الاتجاه الرقابي الأمر الذي يتطلب من البنوك رفع رؤوس أموالها، وضمان مستويات السيولة وتوافر الاحتياطيات قصيرة وطويلة الأجل وتأكيد رفع معدلات الاحتياطي من رأس المال بمعدلات أعلي أثناء فترات الركود عن مثيلاتها في فترات الرخاء الاقتصادي بالإضافة إلي أن طبيعة وحجم المخاطر النظامية في القطاع المالي مرتبط ليس فقط بوجود نقص في السيولة أو حدوث أي حالات إفلاس متوقعة للمصارف الكبيرة أو غيرها من المؤسسات المالية الكبرى، ولكنه يعتمد أيضا علي التشابك الوثيق بين المؤسسات المالية والأسواق والبنية التحتية الخاصة بها. وأكد أن القطاع المصرفي المصري يحتاج إلى تحقيق اندماجات ناجحة ودخول بنوك عالمية كبرى للعمل في السوق المصرية، حيث يوجد في مصر حالياً 39 بنكاً مقابل 57 بنكاً في 2004، وزادت أصول القطاع المصرفي من 577,9 مليار جنيه في 2003 إلى أكثر من تريليون جنيه في 2008 فضلاً عن العمل على تدفق رؤوس أموال جديدة واستثمارات أجنبية من خلال حركة اندماجات واستحواذات بلغت 42 مليار جنيه، وتحسين معدلات متوسط العائد على حقوق المساهمين من 10% في 2003 إلى 14% في يونيو 2009، كما نجحت خطة الإصلاح في تطوير قطاع الرقابة والإشراف ورفع كفاءته من خلال الاستفادة من أفضل الممارسات الدولية لضمان قوة وسلامة الجهاز المصرفي. وأكد بسيوني ضرورة استكمال برنامج الإصلاح المصرفي الذي يستهدف رفع كفاءة أداء الجهاز المصرفي وزيادة تنافسيته ومقدرته على إدارة المخاطر المصرفية، من خلال ثلاثة محاور الأول منها وهو تطبيق مقررات بازل 2 ثم بازل 3 في البنوك المصرية التي تهدف إلى إرساء قواعد دولية منظمة للجهاز المصرفي والتي تتجه أيضاً لقياس المخاطر بشكل دقيق على أن يتم هذا القياس بشكل نوعي، أي أن يكون هناك تقدير للمخاطر المختلفة التي يتعرض لها البنك مثل مخاطر التشغيل ومخاطر السوق, أما المحور الثاني فيتناول تحفيز البنوك على تقديم التمويل للمشروعات الصغيرة والمتوسطة لما لهذه المشروعات من دور حيوي في رفع معدلات النمو الاقتصادي ومستويات التشغيل، وقام البنك المركزي بمبادرة إيجابية بتشجيع البنوك على الإقراض للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، من خلال إعفاء البنوك من معدل الاحتياطي على القروض الممنوحة للشركات الصغيرة والمتوسطة، وإنشاء وحدات بالمعهد المصرفي لتأهيل الكوادر في الجهاز المصرفي وأصحاب المشروعات الصغيرة والمتوسطة في حين يتمثل المحور الثالث في تطبيق قواعد الحوكمة في الجهاز المصرفي، خاصة فيما يتعلق بتوزيع الصلاحيات بين الإدارة التنفيذية ومجلس الإدارة خاصة لجنة المراجعة وغير ذلك من نظم وآليات قواعد الحوكمة الدولية. وأضافت أن الجهاز المصرفي المصري على عكس الوضع في الأسواق العالمية بدرجة عالية من السيولة، تمكنه من التوسع في أنشطته، كما يتمتع الاقتصاد المصري بدرجة عالية من التنوع يسمح بتمويل القطاعات المختلفة في حين يتركز التمويل في بعض الدول علي البورصة والبترول العقارات. أما أسامه محمد نائب مدير بالبنك الأهلي فيعتبر أن إدارة الموارد البشرية هي أكثر الإدارات قدرة علي تحسين أداء مختلف الإدارات داخل البنوك سواء المرتبطة بمسئولياتها تجاه المجتمع، أو فيما يرتبط بخدمة العملاء ذاتها، مشيراً إلى أن البنوك قاربت علي الدخول تدريجياً في أزمة جديدة ناتجة عن إغفال العملاء والموظفين وعدم الاهتمام باحتياجات المجتمع. ويري محمد أن من أهم طرق نجاح البنوك خلال المرحلة المقبلة هو التعرف على احتياجات العملاء وخلق قيمة مضافة لهم، بالإضافة إلى بعض الحلول التي يمكن أن تتبعها البنوك لتحقيق المسؤولية الاجتماعية والوصول إلى أغلب شرائح العملاء خاصة منخفضة الدخل ومنها تقسيم المجتمع إلى شرائح ومجموعات وخلق المنتجات التي توفر قيمة مضافة لجميع العملاء وتعود بالنفع على المساهمين وعلى البنك، بالإضافة إلى التركيز على تحسين قاعدة تكنولوجيا المعلومات لرفع جودة المنتجات والحرص على الاستثمار في مشروعات استثمارية حقيقة فضلاً عن أهمية تمويل الشركات الصغيرة والمتوسطة باعتبارها الدافع الرئيسي لنمو الدخل القومي كنوع من المشاركة في تقوية الاقتصاد بشكل عام وهو ما يجعل البنوك تعمل في اقتصاد قوي وقادر علي حمايتها من أزمة قد تفتك بها.