حصاد 2025| جهود «التعليم» في سد العجز في المعلمين    مصر تتسلم 3.5 مليار دولار ضمن صفقة تطوير «سملا وعلم الروم» بالساحل الشمال الغربي    حصاد 2025.. "وزارة التعليم تواصل تطوير التعليم وتعزيز التحول الرقمي استعدادًا للعام الدراسي الجديد"    بعد تصريحات ترامب بدعم ضرب إيران.. روسيا تحث على الامتناع عن التصعيد    تصادم ناقلتي نفط قبالة سواحل إسطنبول (فيديو)    تعرف على مواعيد مباريات الجولة الثالثة بدوري السلة للسيدات    دينامو زغرب يضم عبد الرحمن فيصل بعد فسخ عقده مع باريس سان جيرمان    ضبط صانع محتوى ينشر مقاطع رقص خادشة للحياء فى القاهرة    تأييد سجن طفل المرور 3 سنوات بتهمة الاعتداء على طالب ب"عصا بيسبول"    «التعليم» تعلق على شكاوى عدم دخول منصة امتحان البرمجة    خلاف على أملاك الدولة.. الداخلية تضبط طرفي مشاجرة بالأسلحة النارية في أسوان    إصابة 8 أشخاص إثر انقلاب ميكروباص على طريق القاهرة- أسيوط الصحراوي الغربي بالفيوم    بمناسبة احتفالات رأس السنة.. مد ساعات عمل مترو الخط الثالث وقطار العاصمة    "النهر والبحر" جديد كمال نصر الدين في معرض الكتاب 2026    مهرجان المنصورة الدولي لسينما الأطفال يكشف عن بوستر دورته الأولى    رئيس الوزراء يتفقد أقسام المستشفى الجامعي بجامعة الجيزة الجديدة (صور)    الصحة: تقديم 22.8 مليون خدمة طبية بالشرقية وإقامة وتطوير المنشآت بأكثر من ملياري جنيه خلال 2025    طريقة عمل بسكويت الشاي البسيط فى خطوات سريعة    محافظ المنوفية يوجه بفتح مقر جديد للمركز التكنولوجي لاستقبال طلبات المواطنين    وزير الثقافة يُطلق «بيت السرد» بالعريش ويدعو لتوثيق بطولات حرب أكتوبر| صور    وزارة العدل تقرر نقل مقرات 7 لجان لتوفيق المنازعات في 6 محافظات    وزير الداخلية يعقد اجتماعا مع القيادات الأمنية عبر تقنية (الفيديو كونفرانس)    الجامعة الأمريكية بالقاهرة في 2025، عام من الابتكارات والتأثير على المستوى العالمي    معهد الأورام يستقبل وفدا من هيئة الهلال الأحمر الإماراتي لدعم المرضى    أحمد الفيشاوى يحتفل مع جمهوره بالكريسماس.. فيديو    وزير العمل يهنئ الرئيس والشعب المصري بالعام الجديد    كيف يستفيد أطفالك من وجود نماذج إيجابية يحتذى بها؟    أسباب تأجيل إقالة أحمد عبد الرؤوف فى الزمالك.. اعرف التفاصيل    مهرجان أسوان لأفلام المرأة يعلن عن برنامج تدريبي للشباب بأسيوط    كل ما نعرفه عن محاولة الهجوم على مقر إقامة بوتين    معبد الكرنك يشهد أولى الجولات الميدانية لملتقى ثقافة وفنون الفتاة والمرأة    محمد يوسف: حسام حسن يثق في إمام عاشور.. وكنت أنتظر مشاركته ضد أنجولا    فيديو.. متحدث الأوقاف يوضح أهداف برنامج «صحح قراءتك»    محافظ القاهرة: اختيار موقف السبتية لإقامة معرض سلع ليستفيد منه أكبر عدد من المواطنين    محافظة الجيزة تعزز منظومة التعامل مع مياه الأمطار بإنشاء 302 بالوعة    تراجع معظم مؤشرات البورصة بمستهل تعاملات الثلاثاء    حازم الجندى: إصلاح الهيئات الاقتصادية يعيد توظيف أصول الدولة    الصحة تنفذ المرحلة الأولى من خطة تدريب مسؤولي الإعلام    حكام مباريات غداً الأربعاء في كأس عاصمة مصر    حسام عاشور يكشف سرًا لأول مرة عن مصطفى شوبير والأهلي    بنك مصر يخفض أسعار الفائدة على عدد من شهاداته الادخارية    رئيس جامعة الجيزة الجديدة: تكلفة مستشفى الجامعة تقدر بنحو 414 مليون دولار    الهلال الأحمر المصري يطلق قافلة زاد العزة ال105 مُحملة بسلال غذائية ومواد طبية وشتوية لدعم غزة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 30-12-2025 في محافظة الأقصر    لهذا السبب| الناشط علاء عبد الفتاح يقدم اعتذار ل بريطانيا "إيه الحكاية!"    اليوم.. طقس شديد البرودة ليلا وشبورة كثيفة نهارا والعظمي بالقاهرة 20 درجة    اسعار الفاكهه اليوم الثلاثاء 30ديسمبر 2025 فى اسواق المنيا    «التضامن» تقر توفيق أوضاع جمعيتين في محافظة القاهرة    مساعد وزير الخارجية الفلسطيني الأسبق: تهديد ترامب لحماس رسالة سياسية أكثر منها عسكرية    مجانًا ودون اشتراك بث مباشر يلاكووووورة.. الأهلي والمقاولون العرب كأس عاصمة مصر    إصابة منصور هندى عضو نقابة المهن الموسيقية فى حادث تصادم    إعلام فلسطيني: طائرات الاحتلال تشن غارات شرقي مخيم المغازي وسط قطاع غزة    بيان ناري من جون إدوارد: وعود الإدارة لا تنفذ.. والزمالك سينهار في أيام قليلة إذا لم نجد الحلول    بوينج توقع عقدًا بقيمة 8.5 مليار دولار لتسليم طائرات إف-15 إلى إسرائيل    محافظة القدس: الاحتلال يثبت إخلاء 13 شقة لصالح المستوطنين    ما أهم موانع الشقاء في حياة الإنسان؟.. الشيخ خالد الجندي يجيب    هل تجوز الصلاة خلف موقد النار أو المدفأة الكهربائية؟.. الأزهر للفتوى يجيب    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 29-12-2025 في محافظة الأقصر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خسائر بلا نهاية... لماذا تواصل الهيئات الاقتصادية النزيف رغم خطط «الإصلاح»؟

رغم تعاقب خطط "الإصلاح وإعادة الهيكلة"، لا تزال الهيئات والمؤسسات الاقتصادية المملوكة للدولة في مصر تغرق في خسائر مليارية، تعكس أزمة أعمق من مجرد خلل إداري عابر، وتطرح تساؤلات جدية حول كفاءة القيادات، وغياب المحاسبة، وتحول ما يُسمى بالإصلاح إلى مجرد إعادة تدوير للفشل.
أحدث فصول هذه الأزمة أعلنه رئيس حكومة مصطفى مدبولي، بإقرار تصفية وإلغاء أربع هيئات اقتصادية من أصل 59، ودمج سبع هيئات في أخرى، وتحويل تسع هيئات اقتصادية إلى هيئات عامة، مع الإبقاء على 39 هيئة دون تغيير، في إطار ما تالانقلاب صفه الحكومة بالمرحلة الأولى من خطة إصلاح الهيئات الاقتصادية وإعادة هيكلتها.
لكن هذه القرارات، التي تبدو على الورق جريئة، تأتي بعد سنوات طويلة من نزيف مالي متواصل، تكبّدت خلالها الدولة خسائر تراكمية بلغت نحو 236.7 مليار جنيه حتى يونيو/حزيران 2024، وفق تقارير الجهاز المركزي للمحاسبات، ما يثير الشكوك حول جدوى المعالجات المطروحة، وقدرتها على كسر الحلقة المفرغة ذاتها.
إصلاح إداري أم إعادة ترتيب للفشل؟
تؤكد الحكومة أن لجنة خاصة شُكلت لإعادة حوكمة الهيئات الاقتصادية، ودراسة أوضاع كل هيئة على حدة، ووضع آليات لإعادة هيكلتها بما يضمن استدامة أدائها. غير أن واقع الأرقام يشير إلى أن المشكلة لا تكمن فقط في الهياكل التنظيمية، بل في نمط إدارة متكلّس يعتمد على قيادات غير خاضعة للمساءلة، ويعمل بمنطق الإنفاق الحكومي لا بمنطق الكفاءة الاقتصادية.
ففي الوقت الذي حصلت فيه الهيئات الاقتصادية على دعم مباشر من الدولة بلغ 468 مليار جنيه، استمرت الخسائر نتيجة ضعف التخطيط المالي، وسوء استغلال الأصول، وتداخل المصالح، خصوصاً في قطاعات مثل الإعلام والنقل، التي تحولت إلى عبء دائم على الموازنة العامة.
«ماسبيرو» نموذج للهدر المؤسسي
تتصدر الهيئة الوطنية للإعلام قائمة الهيئات الأكثر خسارة، بعدما سجلت خسائر بلغت 11.4 مليار جنيه خلال عام مالي واحد (2023-2024)، في مشهد يلخص أزمة الإعلام الحكومي برمّتها: ترهل إداري، تراجع في المحتوى، فقدان القدرة التنافسية، واستمرار الاعتماد على الدعم الحكومي.
ورغم الحديث المتكرر عن خطط لتطوير ماسبيرو، وإطلاق منصات رقمية، ودمج قنوات، والاستعانة بشركات خاصة لإدارة المحتوى الرقمي، إلا أن هذه الإجراءات تبدو حتى الآن محاولات تجميلية لا تمس جوهر المشكلة، والمتمثل في غياب الرؤية الاقتصادية، وتضخم العمالة، وتحويل الإعلام الرسمي إلى أداة سياسية أكثر منه مؤسسة قادرة على تحقيق الاستدامة المالية.
مفارقة الاحتكار: أرباح مضمونة وخسائر مستمرة
المفارقة اللافتة أن عدداً من الهيئات الاقتصادية يعمل في أنشطة احتكارية تضمن لها أرباحاً شبه مضمونة، مثل هيئة قناة السويس، وهيئة المجتمعات العمرانية، وهيئة التأمين الصحي الشامل، التي تحقق أرباحاً بمليارات الجنيهات سنوياً.
في المقابل، تتصدر هيئات أخرى قائمة الخسائر رغم امتلاكها أصولاً ضخمة، مثل هيئة سكك حديد مصر، والهيئة القومية للأنفاق، وهيئة النقل العام، ما يعكس خللاً بنيوياً في الإدارة لا يمكن تبريره بعوامل السوق أو نقص الموارد، بل يرتبط أساساً بسوء التخطيط، وغياب الكفاءة، واستمرار القيادات ذاتها رغم فشلها.
الخصخصة الجزئية... إنقاذ أم بيع أصول؟
في ظل هذا الواقع، تتزايد مخاوف من أن تتحول خطط "الإصلاح" إلى مدخل لتوسيع الخصخصة، أو بيع أصول استراتيجية تحت ضغط الخسائر، كما هو الحال في الجدل الدائر حول صفقة بيع بنك القاهرة، أو إسناد إدارة المطارات لشركات خاصة، وسط غموض يلف معايير التقييم والشفافية.
ويحذر خبراء من أن تحميل المؤسسات الخاسرة للمواطن، عبر الدعم أو رفع الرسوم أو التفريط في الأصول، دون معالجة جذرية لأسباب الفشل، يعني عملياً نقل كلفة سوء الإدارة من الدولة إلى المجتمع.
أزمة قرار قبل أن تكون أزمة موارد
تكشف تجربة الهيئات الاقتصادية في مصر أن المشكلة ليست نقص التمويل، بل غياب القرار الرشيد، وانعدام المحاسبة، واستمرار إدارة الاقتصاد بعقلية أمنية–بيروقراطية لا ترى في المؤسسات سوى أدوات للسيطرة، لا كيانات إنتاجية.
وبينما تتحدث الحكومة عن «خريطة طريق للإصلاح»، تبقى الأسئلة الجوهرية بلا إجابة:
من يحاسب القيادات التي راكمت الخسائر؟
ولماذا يُعاد تدوير الفشل تحت مسميات جديدة؟
وهل يمتلك النظام السياسي إرادة حقيقية للإصلاح، أم أن ما يجري ليس أكثر من محاولة لشراء الوقت؟
إلى أن تُحسم هذه الأسئلة، ستظل الهيئات الاقتصادية المصرية نموذجاً صارخاً لكيف يمكن للدولة أن تمتلك كل شيء... وتخسر كل شيء في الوقت ذاته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.