شهدت القاهرة أمس عقد أول مؤتمر عن التمويل الإسلامي بعد سنوات من الغضب علي هذا النوع من التمويل من جانب النظام السابق في الوقوف ضد انتشاره. عقد المؤتمر الجمعية المصرية للتمويل الإسلامي بحضور وزير التخطيط الدكتور أشرف العربى الذى ألقى كلمة أشاد فيها بهذا الدور دور الذي تتبعه الجمعية فى نشر المصرفية الإسلامية التى أصبحت هى الرائجة على مستوى العالم , وشارك في المؤتمر عدد كبير من علماء مصر والعالم العربى والذين أسهموا بشكل كبير فى دعم وانتشار صناعة التمويل الإسلامى . استثمار المال وتنميته في البداية أكد الدكتور محمد البلتاجى رئيس مجلس إدارة الجمعية أن تمويل رأس المال العامل يعد أهم أسباب لجوء الشركات الصناعية والتجارية للبنوك التجارية للحصول علي تمويل لسداد المصروفات التشغيلية, مشيراً إلي أن العديد من الفتاوي صدر بتحريم هذا النوع من التعامل ونتج عن ذلك مشكلة لدي المصارف الإسلامية فى إيجاد صيغ شرعية لتمويل الشركات بديلاً عن الحساب الجاري المدين وكيفية تمويل النشاط الجاري. وأضاف البلتاجى أنه قد تم تطبيق تلك الصيغ في العديد من المصارف الإسلامية وثبت نجاحها وهى المشاركة المتغيرة ، بيع السلم ، المضاربة ، التأجير ، مرابحة ومشاركة الاعتمادات المستندية , مشيراً إلي أهمية المرابحة المصرفية كواحدة من أهم صيغ التمويل الأكثر تطبيقاً في الصناعة المصرفية الإسلامية حيث بدأ استخدامها مع بداية نشأة المصارف الإسلامية عام 1975 ، ويقوم المصرف من خلال هذه الصيغة بتلبية احتياجات العملاء من السلع الاستهلاكية والأصول الإنتاجية. واقترح عدة مقومات لنجاح تطبيق صيغ تمويل رأس المال العامل بالمصارف الإسلامية منها ضرورة توافر موارد بشرية مؤهلة للقيام بتطبيق تلك الصيغ وذلك من إلحاقهم بالعديد من الدورات التدريبية المتخصصة وعقد ورش العمل التي تقدم من قبل الخبراء والمتخصصين في التمويل الإسلامي ، وضع مجموعة من الإجراءات المحاسبية وأدلة نظم العمل بما تتضمنه من دورة مستنديه وعقود شرعية ، مع قيام القائمين علي المصارف الإسلامية بتشجيع العاملين علي الدخول في تلك الصيغ وتحمل جزء من المخاطر مقابل ربحية أكبر ، والعمل علي الحد من تلك المخاطر من خلال الضمانات . تشريعات وليد حجازي الخبير القانوني والمتخصص في قضايا التمويل الإسلامي فيؤكد أنه لايمكن بدء صناعة التمويل الإسلامي لتحقيق التنمية بدون تشريعات , وأشار إلي أننا شاركنا قبل حل مجلس الشعب بمشروع قوانين تتعلق بالبنوك الإسلامية ونتمني تطبيقها بعد عودة المجلس. وطالب حجازي بضرورة قصر منح الرخص الإسلامية من جانب المركزي علي المؤسسات التي تلتزم بأحكام الشريعه الإسلامية بالكامل مع ضرورة وجود رقابة شرعية تابعه للمركزي كما في ماليزيا والإمارات وغيرهم, فضلاً عن جهاز رقابة شرعيه بالمؤسسة المالية الإسلامية ذاتها ويكون من مهامها وضع المعايير ومراقبة البنك في تحقيق هذه المعايير الإسلامية. العزوف عن الوقف كما كشف الدكتور يوسف ابراهيم مدير مركز صالح كامل عن أهم المعوقات التى تقف فى سبيل قيام الوقف بدوره المنوط به شرعا فى تحقيق التنمية الاقتصادية وقال لابد من إزالة الظروف والأوضاع والسياسات التي كانت سبباً وراء عزوف الناس عن عبادة الوقف، مثل استيلاء الدولة على الأوقاف، وإدارة الحكومة للباقي منها إدارة سيئة تجعل عوائدها عند الحد الأدنى، وتستنفد رواتب العاملين فيها معظم هذه العوائد الضئيلة، إلى غير ذلك من الأسباب. وأضاف أنه لايوجد هناك دليل على غياب ثقافة الوقف في عصرنا الحديث أكثر من الحديث الطويل الذي دار على صفحات الصحف يطلب من الناس التبرع لشراء قطعة أرض تلاصق مباني جامعة القاهرة، وهي في حاجة إليها، المفجع أن هذه الأرض ملك للدولة، وجامعة القاهرة منشأة على أرض وقفتها عليها سيدة مسلمة ووقفت لنفقاتها قدراً من الأراضي الزراعية، لكن ذلك حدث منذ قرن سابق، أما اليوم فقد غابت ثقافة الوقف فلم يتحرك مسئول في الدولة، لتخصيص هذه الأرض لهذه الجامعة كوقف سلطاني، وهي أرض الأمة والجامعة جامعة الأمة، فهذا مثال لغيبة ثقافة الوقف، وهو مايشير إلى أن الجهد الأكبر يجب أن يبذل في تثقيف الناس ثقافة إسلامية بصفة عامة، تتضمن ثقافة وقفية بصفة خاصة ، وبعد ذلك يكون حديثنا عن دور الأجيال المقبلة في تحقيق مقاصد الوقف، وإن شئنا قلنا إن أهم واجبات الأجيال المقبلة هو نشر ثقافة الوقف، ثم يأتي موقفها من المقاصد. كما أوصى يوسف الأجهزة الإعلامية والتعليمية والتثقيفية في البلاد الإسلامية إلى ضرورة الالتفات إلى أهمية الوقف ونشر ثقافته بين أبناء الأمة حتى يشبوا مؤهلين لممارسة هذه العبادة، متقبلين لشتى أشكالها، دون الوقوف عند قول فقيه معين. التأمين التكافلى من جهته، تحدث ناصر عبد الحميد مدير تكافل الحماية و الإدخار بإحدى شركات التأمين التكافلى عن " دور التأمين التكافلي في دعم التنميةالاقتصادية" حيث تناول بداية ظهور التأمين التكافلى في عام 1979 في دولة السودان حيث أسس بنك فيصل الاسلامي السوداني أول شركة تأمين إسلامي و فق نموذج المضاربة لتقوم بتقديم التغطيات التأمنية التي يحتاجها البنك بما يرفع عنه حرجا شرعياً و عائقاً تنموياً كادا يهدد مسيرة البنك ، وأنطلقت المسيرة و إنشأت العديد من شركات التأمين التكافلي (الإسلامي ) في مختلف دول العالم و قدمت حلول تأمينية بديله للتأمين التجاري و متوافقة مع الضوابط الشرعية لتلبي إحتياجات المصرفية الاسلامية و تدعم نموها وترتب على ذلك ارتفاع حجم أعمال التأمين التكافلي عالميا ب 8,8 مليار دولار أميريكي عام 2009 مقابل 5,3 مليار دولار أمريكي عام 2008 ، و أن معدل النمو العالمي المركب لصناعة التكافل علي مستوي العالم يبلغ 39 % و في منطقة الخليج يصل إلي 45% . كما ساعد ترسيخ مفهوم التامين التكافلى قيام صناعة إعادة التأمين ، حيث تأسست في البحرين شركة "هانوفر ري تكافل" و في ماليزيا شركة "ميونخ ري تكافل" وعدد آخر من شركات إعادة التكافل والمتوافقة مع الضوابط الشرعية . كما قدم شريف عرموش العضو المنتدب لشركة جارانتي للأوراق المالية ورقة عمل إلى المؤتمر أشاد فيها بدور البورصة وأهميته في جذب رأس المال غير المستثمر في الاقتصاد القومي حيث تستوعب السوق مدخرات الأفراد وتوظفها بما يحقق عائد مناسب ، ومن جانب آخر توفر البورصة الموارد الحقيقية اللازمة لتمويل المشروعات من خلال طرح الأسهم والسندات المملوكة للمشروع . وأشار إلي أن تقدم الأمم المعاصرة يقاس بمدى تقدم وازدهار بورصاتها وتحقيقها سوق كفء تعبر فيه أسعار الأوراق المالية المتداولة فيها عن قيمتها العادلة ، ويمكن من خلالها الحصول على معلومات صادقة معبرة تعكس حقيقة الأنشطة الإقتصادية تتمتع بالافصاح والشفافية بما يكفل سلامة العمليات ويؤمن المستثمرين على أموالهم بدون غش أو تدليس . وعرض عرموش عدة شروط لنجاح البورصة في تحقيق التنمية منها ، أن يتم تنظيم نشاط المستثمرين والمتعاملين في البورصة بتشريعات محكمة واضحة ومستقرة ومفعلة لصالح جميع المتعاملين فيها والمجتمع على حد سواء،وأن تقوم الجهات الرقابية المسئولة عن البورصة بصفة خاصة وعن سوق رأس المال بصفة عامة بمتابعة المشكلات التي تواجه المستثمرين والمتعاملين وحلها بأيسر وأسرع طريق حتى تكون جاذبة للأموال والاستثمارات الداخلية والخارجية وهو ما يؤهلها للنجاح ثم التقدم للعالمية بما يوفر موارد مالية تحتاجها الدولة ، وأن تكون إجراءاتها ومعاملاتها على قدر كبير من الإفصاح والشفافية ، ويجب أن تمتد هذه الشفافية لتشمل القطاعات الاقتصادية التي يتم تداول أسهمها في البورصة. وأشار إلى أن أهم المعوقات التى تقف فى سبيل نجاح البورصة في تحقيق التنمية منها قصور التشريعات التي تحمي حقوق مستثمري البورصة ، تعدد الجهات القضائية المنوطة بمشكلات المستثمرين ، المشكلات الخاصة بالجهات الرقابية والقضائية المسئولة عن مستثمري البورصة لحل المشكلات التي تواجههم وحلها ،غياب الشفافية والافصاح وتعارض المصالح ، حرية تداول المعلومات واختتم عرموش حديثه بأن أهم الحلول المقترحة لحماية المساهمين وسوق رأس المال المصري من التلاعب فى السوق ومنها عرض بيع 10% من أسهم شركات القطاع العام -التي لم يبع منها شيئا- للمصريين فقط ، مع تأجيل الضريبة على الأرباح الرأسمالية المحققة من البورصة واستصدار الصكوك الإسلامية وحماية سوق المال المصرية من بعض العمليات الدولية. توصيات - حث الباحثين على تطوير وابتكار منتجات تمويلية ومصرفية واستثمارية متوافقة مع أحكام الشريعة لتلبية احتياجات المتعاملين مع استخدام التقنيات والمهارات الحديثة بما يحقق أهداف التنمية. - بناء قدرات العاملين في الصناعة المالية الإسلامية خاصة في مجال تطوير واستحداث منتجات مصرفية بما يعزز التمويل الإسلامي ويحقق التنمية المنشودة . - صلاحية تطبيق البدائل الشرعية لتمويل الاستثمار العامل التي قدمها فقه المعاملات وتم تطبيقها في عديد من المصارف الإسلامية ، وهي: المشاركة المتغيرة ، مرابحة ومشاركة الاعتمادات المستندية، بيع السلم ، التأجير ، المضاربة. - وضع الإطار القانونى لتنظيم واصدار الصكوك الإسلامية والاستفادة من التجارب الدولية المتعددة فى هذا الإطار. وفيما يتعلق بتفعيل دور البورصة المصرية في تحقيق التنمية اقترح المؤتمر جانبين هامين إحداهما القضاء على المعوقات التي تواجه المستثمرين بما يتطلب وجود تشريعات محكمة مفعلة لتنظيم التعامل في البورصة لصالح المجتمع و قيام الجهات الرقابية المسئولة عن البورصة والاستثمار بمتابعة مشكلات المتعاملين وحلها بأيسر وأسرع طريق مع تحقيق الإفصاح والشفافية في جميع مراحل الاستثمار وأن تمتد الشفافية لكل القطاعات الاقتصادية العاملة في السوق المصري. أما الجانب الثاني أن تستحدث السوق المالي خدمات مالية إسلامية جديدة وأدوات تمويل إسلامية مالية بما يمكن من تطوير سوق المال المصري. - تشجيع التأمين التكافلي ليقوم بدور فعال في حماية أدوات الانتاج و حماية المنشآت والمشروعات الانشائية ، تحقيقا لمقاصد الشريعة الاسلامية. - مساعدة شركات التأمين بالقطاع العام والشركة المصرية لإعادة التأمين لتحويلها إلي شركات تأمين تكافلية. - سرعة تقنين نشاط التمويل الاسلامي ممثلا في التمويل المصرفي في كل من البنوك الاسلامية والتقليدية وتقنين التأمين التكافلي وصكوك الاستثمار الاسلامية. - النظر للزكاة باعتبارها اداة تمويلية اجتماعية تعالج مشكلات كثيرة منها الفقر والبطالة بتمليك أدوات الحرفة للقادر على الكسب . - إحياء الإهتمام بالوقف باعتباره أحد مصادر التمويل الهامة لتحقيق تنمية اقتصادية واجتماعية ملموسة تمكن المجتمع من النهضة المأمولة وتعتبر احدى آليات النظام الاقتصادي الاسلامي.