بكل ما يمكننى من تعبير بألفاظ التوفيق والسداد أتقدم للرئيس مرسى مهنئا على القانون الذى أصدره لإلغاء الحبس الاحتياطى فى جرائم النشر. ولا أرى أى مبرر لمراجعته فى هذا القرار الذكى، لأن الحبس الاحتياطى فى حقيقته إجراء احترازى وليس عقوبة، فمن يُتهم فى جريمة قتل أو غيرها من الجرائم الكبرى، يغلب الظن عليه أنه سيهرب حتى لو كان بريئا، وبذلك يفلت من يد العدالة، والحبس الاحتياطى يضيع عليه هذه الفرصة، وهو فى أثناء هذا الحبس بريء حتى تحكم المحكمة بخلاف ذلك. وهذا ما يجعل للمحبوس احتياطيا معاملة مختلفة فى السجن من حيث الزى والزيارات وحتى إمكانية إدخال الطعام من خارج السجن، فهو بريء فى نظر القانون ولكنه متحفظ عليه فى مكان ما لحين تجلية الأمر بالبراءة أو الإدانة. ودأب نظام الطاغية السابق على استخدام الحبس الاحتياطى فى محاكمات وهمية تطول لسنوات، تجاه الفئات التى لم يكن من المبرر أو اللائق التعامل معها بالاعتقال بمقتضى قاون الطوارئ، خوفا من الضجيج الدولى والداخلى من دعاة حقوق الانسان، وقد كان مطلبا ملحا للكثير من الإعلاميين إلغاء الحبس الاحتياطى فى جرائم النشر، فالرئيس قد أخرسهم وأبطل حججهم بهذا القرار. أما الجدير بلفت النظر إليه، هو أن المحاكمة مستمرة، وهيئتها هى التى ستقرر وقوع الجرم من الصحفى من عدمه، وتقرر أيضا عقوبته، وعندها سيسجن إن كان مدانا، وليس لأى من الحقوقيين أو غيرهم الاعتراض حينئذ. وقد يسأل أحد الأذكياء، لم لا يهرب الصحفى أثناء المحاكمة؟، فنقول أن ذلك سيكون أجمل المُنى، إذ سيظهر الصحفى بمظهر الجبان الذى لا يقف فيواجه عاقبة فعله، ويفوت على نفسه صورة المناضل فى وجه الظلم بزعمه، وفوق ذلك ستستمر المحاكمة، ويصدر الحكم غيابيا، لينفذه فور السقوط فى يد العدالة.