أنا حين أكتب، أكتب «من» آحاد الناس مثلي، و ل«آحاد» الناس مثلي. نتشارك الحيرة سويا، ونجري حوارا بيننا، نعلم أن كلنا فيه نبحث عن الحقيقة، ولا يتصور أحد منا— نحن بسطاء الناس— أننا نملك الحقيقة أو نحتكر الحكمة، لأن الحقيقة ستبقى أبدا في البحث دون الوصول. آحاد الناس مثلي حين نتحاور .. نقرأ هموم وطننا بمشاعرنا قبل أعيننا .. ونفهمها بفطرتنا قبل منطقها وهو عين منطقها. أما من هو على يقين بأن الحق كل الحق، والوطنية كل الوطنية، والثورة كل الثورة في موقفه الذي يتبناه، وأن الباطل لا يأتيه من بين يديه ولا من خلفه، فهو قد أصبح فوق الحيرة وفوق البشر وفوقنا جميعا. ف«هواه» هو الحق وما عداه باطل، وهو من أنُزِل الوحي بفهمه .. وخلقت الدنيا بوقع خطوه. فلا أرى في قراءته لما يكتبه مقتفو الحقيقة— منا آحاد الناس— أي جدوى. وتكفيه حقيقته التي يظن أنه يملكها ومن ملّكها له .. و ليرفع يد الوصاية عن بسطاء هذا الوطن، وتكفيه معركته من أجل الهيمنة على مقدراتهم باسم العلو عليهم. نحن ندندن حول الحقيقة .. وأنت لن تفهم دندنتنا .. لأنك تظن أنك قد ملكتها. بسطاء المصريين و مساكينهم هم من يكتبونني، ومنهم أكتب ما يصدق في يقيني عنهم .. في كل قضية سياسية أو مجتمعية كانت أو تكون إن شاء الله. أما أصحاب الدثور السياسية ومن له ظهر من حزب أو جماعة أو نظام أو تنظيم فلا تشغلوا بالكم بنا معشر المساكين .. فأنتم في عرفكم أفهم منا وأسبق. مساكين هذا الوطن لايزالون يخشون قول الله: «إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُم مَّا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمٌ» و قول رسوله (ص): «بِحَسْبِ امْرِئٍ مِنَ الْكَذِبِ أَنْ يُحَدِّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ» ويعلمون أن الجرم أفحش فيمن يختلق ما لم يسمع، ويخلق في الناس فتنا بضلالة فهمه الأصم وتبعيته العمياء لغيره. اللهم اجعلنا لسان حال مساكين هذا الوطن وبين زمرتهم.