الإخوان المسلمون فصيل وطنى له حلم و مشروع. له ما له وعليه ما عليه. اجتهدوا وناضلوا وأصابوا حينا. وأخطأوا في حق أنفسهم وفي حق الوطن أحيانا— شأنهم فى ذلك شأن فصائل أخرى— فكان منهم ما رآه البعض أخطاء ومنهم مارآه البعض خطايا، يسددون استحقاقات هذه الأخطاء جفوة مجتمعية وفقدانا لثقة مجتمع بسيط فتح ذراعيه لهم فبادلوه بالحفاوة تعاليا. لكن مهما يكن الاستدراك أو التحفظ أو التوجس من مواقفهم تجاه هذا الوطن، فليس من سبب يمنع أي وطني عاقل إلا أن يدعوهم للعودة إلى قلب المجتمع والالتحاق بتيار الوطن الرئيسي حماية لأنفسهم وللوطن، حتى وإن تعالوا أو ترددوا. وبمثل ذلك ليس من سبب يدفع أي عاقل بأن يقبل أن في سياق تقويم الإخوان المسلمين وحملهم على الإصلاح من أنفسهم، أن يُزَيَف تاريخ أو أن تُطمَس حقيقة. فالتاريخ و الحقيقة ملك لهذا الوطن وحده .. ملككم أنتم! قد يكون من خطايا الإخوان فى حق أنفسهم— قبل الوطن—التخلي عن الثورة في أحداث محمد محمود وأحداث مجلس الوزراء والتحالف مع المجلس العسكرى قبل ذلك وبعده من أجل مكتسبات سياسية. وقد يكونوا يقترفون نفس الإثم الوطني في شأن الانتخابات الرئاسية الجارية الآن. قد تكون تلك حقائق تاريخية مرة، يقر بها كل عقلاؤهم. لكن قطعا .. لم يكن الإخوان هم من قتل الثوار ولا من دبر بليل لإجهاض الثورة في موقعة الجمل وغيرها. و هذا ليس لشيء غير منطق الأشياء الذى يقول أن من كان حاضرا على أرض مصر ولا أقول الميدان «حينها» كانوا إما «أحرار مصريين» وإما «نظاما بائدا» يدافع بوجه سافر عن آخر معاقله. كان الفرز جليا و لا يحتمل تأويلا أو التباسا. قد يكون من المواقع ما تغير على مدار عام وأكثر، لكن الفرز حينها كان هكذا و ليس غيره. أما من يريد الآن أن يشكك فى هذا الفرز فهو يريد أن يسلب كل «مصري حر» شرف استرداده لملكية وطنه، وأن يصرف الأمر إلى فكرة مؤامرة خارجية ساذجة، يراد بها امتهان هذا الفعل السامي في تاريخ مصر الحديث وهو ثورة 25 يناير 2011. ورغم ما يُرى من خطايا الإخوان، نقول أن المراد— بإقحامهم كمتهمين في موقعة الجمل— ليس هو النيل منهم أو تشويه صورتهم، لكن المراد هو أن يكفُر المصريون بقدرتهم على صنع مستقبلهم، وبأنهم حين «أرادوا» هذا المستقبل، «قرروا» ذلك و«قادوا» وطنهم في اتجاهه. من أجل الحقيقة، ومن أجل هذا الوطن، قبل أن يكون من أجل الإخوان المسلمين— وإن كان من أجلهم أيضا—دعونا نكن أكثر وعيا بما يراد بنا. وكما أننا نذكر أنفسنا بقوله تعالى: «(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى)». نذكر شركاء الوطن جميعا أن العودة للوطن فضيلة وأن الخروج من ضيق الأطر التنظيمية إلى رحاب الوطن الأوسع واجبة. هذا قبل أن تتسع الجفوة فتصير صدعا قد يستحيل معه الرأب ويصبح القبول بالهدم والإحلال واردا. إذاً إعمال العقل ونبذ الكِبْر وإنكار الذات هم السبيل لبناء هذا الوطن ولا سبيل غيرهم .. فكروا تصحوا! ---------------------------------------------------------------------- من مدونات الكاتب على صفحته بمنتدى التواصل الاجتماعي «فيسبوك»