ملخص الاستراتيجيات العشر لخداع الجماهير، كما صنفها في مقالة بنفس العنوان الكاتب والمفكر الأميركي نعوم تشومسكي، اقدمها هنا في سياق تأمل كل ما حدث ويحدث لمصر والثورة المصرية منذ 11 فيراير 2011. حاول تضع بنفسك أمام كل استراتيجية ما رأيته أو لا زلت تراه قد تم بالفعل ممن يحكمون مصر الآن. ولك في البداية والنهاية حرية تكوين الرأي. 1- استراتيجية الإلهاء عنصر أساسي للضبط الاجتماعي، حيث تتمثل استراتيجية التسلية في تحويل أنظار الرأي العام عن المشاكل الهامة والتحولات المقررة من طرف النخب السياسية والاقتصادية، وذلك بواسطة طوفان مستمر من الترفيهات والأخبار اللامجدية. استراتيجية الإلهاء لازمة أيضا لمنع الجمهور من الاهتمام بالمعارف الأساسية، في ميادين العلوم، والاقتصاد، وعلم النفس، وعلم التحكم من أجل «الإبقاء على انتباه الجمهور بعيدا عن المشاكل الاجتماعية الحقيقية، مأسورا بمواضيع دون فائدة حقيقية. الحفاظ على جمهور منشغل دائما دون أدنى وقت للتفكير؛ ليرجع إلى مزرعة مع باقي الحيوانات» كما جاء لدى تشومسكي نقلا عن نص استخباراتي «أسلحة كاتمة من أجل حروب هادئة». 2- خلق المشاكل .. ثم تقديم الحلول هذه الطريقة تدعى أيضا «مشكلة ردود الفعل-الحلول»! يخلقون أولا مشكلة، حالة يتوقع أن تحدث ردة فعل معينة من طرف الجمهور، بحيث يقوم هذا الأخير بطلب إجراءات تتوقع قبولها الهيئة الحاكمة. مثلا، غض الطرف عن نمو العنف الحضري، أو تنظيم هجمات دموية، حتى يطالب الرأي العام بقوانين أمنية على حساب الحريات. أو مثلا: خلق أزمة اقتصادية لتمرير تراجع الحقوق الاجتماعية وتفكيك المرافق العمومية. 3- استراتيجية التقهقر من أجل تقبل إجراء غير مقبول، يكفي تطبيقه تدريجيا، بالتقسيط، على مدى عشر سنوات. فبهذه الطريقة تم فرض ظروف اجتماعية اقتصادية جديدة كليا مثل «النيوليبرالية»، في عقد الثمانينيات. بطالة مكثفة، هشاشة اجتماعية، مرونة، تحويل مقرات المعامل، أجور هزيلة، كثير من التغييرات كان يمكن أن تحدث ثورة لو تم تطبيقها بقوة. 4- استراتيجية المؤجل طريقة أخرى لإقرار قرار غير شعبي، بحيث يتم تقديمه باعتباره «شرا لا بد منه»، عبر الحصول على موافقة الرأي العام في الوقت الحاضر من أجل التطبيق في المستقبل. من السهل دائما قبول تضحية مستقبلية بدل تضحية عاجلة. أولا، لأن المجهود لا يتم بذله في الحال. ثم يميل الجمهور إلى الأمل في «مستقبل أفضل غدا»، وأن التضحية المطلوبة قد يتم تجنبها. وأخيرا، هذا من شانه أن يترك الوقت للجمهور للتعود على فكرة التغيير وقبولها باستكانة عندما يحين الوقت. 5- مخاطبة الرأي العام كأطفال صغار تستخدم أغلب الإعلانات كلما توجهت إلى الكبار خطابا يستخدم شخصيات ولهجة صبيانية جدا، غالبا ما تكون أقرب إلى التخلف العقلي، كما لو كان المشاهد طفلا صغيرا أو معاقا ذهنيا. كلما حاولوا خداع المشاهد، كلما تبنوا لهجة صبيانية، لماذا؟ إذا توجهت إلى طفل في الثانية عشرة من عمره، فبسبب الإيحائية إذن، سيكون من المحتمل جوابه أو ردة فعله خالية من الحس النقدي «كما الطفل في الثانية عشرة من عمره». 6- اللجوء إلى العاطفة بديلا عن التفكير اللجوء إلى العاطفة هي تقنية كلاسيكية لسد التحليل العقلاني، وبالتالي الحس النقدي للأفراد. كما أن استخدام المخزون العاطفي يسمح بفتح باب الولوج إلى اللاوعي، وذلك من أجل غرس أفكار، رغبات، مخاوف، ميولات، أو سلوكيات معينة مستهدفة. 7- إغراق الجمهور في الجهل والخطأ العمل على أن لا يفهم الجمهور التقنيات والطرائق المستخدمة من أجل ضبطه وعبوديته. «يجب أن تكون جودة التربية المقدمة إلى الطبقات الاجتماعية الدنيا منخفضة جدا، بحيث تكون وتبقى هوة الجهل التي تعزل الطبقات الاجتماعية الدنيا عن الطبقات العليا غير مفهومة للطبقات الدنيا» نقلا عن كتاب: «أسلحة كاتمة من أجل حروب هادئة». 8- تشجيع الجمهور على استساغة البلادة، وتقبل أن يكون أخرقا، أبلها، فظا، جاهلا. 9- استبدال الشعور بالذنب والتقصير بالانتفاض جعل الفرد يشعر أنه هو المسؤول الوحيد عن شقائه، بسبب نقص ذكائه أو قدراته أو مجهوداته. وهكذا، فبدلا من الانتفاض ضد النظام الاقتصادي، يشعر الفرد بالذنب، وانحطاط تقديره الذاتي لنفسه، مما يسبب حالة اكتئاب من آثارها تثبيط الفعل. وبدون فعل، لا ثورة كذلك! 10- معرفة الأفراد أكثر مما يعرفون أنفسهم خلال الخمسين سنة الأخيرة، حفر التقدم المذهل للعلوم هوة متنامية بين معارف العامة وتلك التي تمتلكها النخب الحاكمة. بفضل البيولوجيا، البيولوجيا العصبية وعلم النفس التطبيقي، توصلت الأنظمة المسيطرة إلى معرفة متقدمة بالكائن البشري، نفسيا وبدنيا. توصل النظام إلى معرفة الفرد المتوسط أكثر مما يعرف هو ذاته. هذا يعني أنه في معظم الحالات، للنظام سيطرة وسلطة على الأفراد أكثر مما لهم أنفسهم.