قال باحثون إن برامج الصحة التي تشرف عليها منظمة الصحة العالمية "على شفا الهاوية في الوقت الحاضر"، وذلك بسبب تأثر المنظمة بالأزمة الاقتصادية العالمية وأزمات الديون التي تعاني منها أغلب الدول. أضاف الباحثون -في تقرير نشرته مجلة "فورين أفيرز" الأميركية- أن مستقبل المنظمة "أصبح على كف عفريت، بسبب عجزها عن منع انتشار بعض الأمراض المزمنة، وتحسين الأنظمة الصحية، وتنظيم الأولويات الصحية العالمية". حيث أكد التقرير أن 80% من تمويل منظمة الصحة العالمية "يأتي من مصادر قصيرة الأمد لمكافحة أمراض معينة أو لأغراض أخرى، بدلا من أن تأتي من مساهمات الأممالمتحدة". وأشار إلى أن المنظمة "وجدت نفسها عاجزة عن تكييف ممارساتها، فهي ما زالت تركز على المتطلبات الصحية الآنية العارضة وليس على المتطلبات على المدى الطويل, ولم يتم تطبيق الوقاية من الأمراض بطريقة مناسبة, ويعود ذلك إلى عدم تقديم الدول الأعضاء الموقعة على إعلان الجمعية العامة للأمم المتحدة دعمها المالي". أضاف أن هذا الأمر يدفع بمنظمة الصحة العالمية "للمطالبة بزيادة تمويلها من جانب المنظمات غير الحكومية والأكاديميين وغيرها من المنظمات المتعددة الجنسيات". وضع مختلف قال الباحثون إن الوضع يختلف عما كان عليه الحال حين تأسيس المنظمة عام 1948، حينما كانت تساعد الحكومات في مجال الصحة، وكذلك في تطوير التقنيات لمكافحة الأمراض المعدية الرئيسية مثل الملاريا والسفلس والسل، ولعل أشهرها كانت حملة القضاء على الجدري. وأوضح التقرير أن على المنظمة "إيجاد وحدة تمويل مركزية من أجل أن تركز الأدمغة الأفضل على العمل التقني والقياسي المثالي, بينما يقوم الأشخاص ممن لديهم المهارة الحقة بزيادة مدخول المنظمة التي يمكنها أن تكون رائدة في مجال الصحة العالمية إن هي منحت التفويض والتمويل المناسبين". يضيف الباحثون أن "المشكلة الرئيسية تتمثل في عدم حصول منظمة الصحة العالمية على الدعم السياسي من الدول الغنية الرئيسية والاقتصادات الناشئة, فضلا عن أن مكافحة الأمراض المعدية تتطلب تعاونا من وزارات لا يقع اختصاصها ضمن نطاق عمل منظمة الصحة العالمية، من أجل تحفيز الأفراد والشركات على انتهاج السلوك الصحي". ويرون أنه مع توسيع نطاق العولمة وتسارع وتيرة التحضر, تغيرت متطلبات الصحة العامة, وأخذت الأمراض غير المعدية -مثل السكر وأمراض القلب والسرطان- تطغى على الأمراض التقليدية، مثل تلك الناجمة عن الفقر والوفيات بين الأطفال.