الاتصالات تنفذ 10 مشروعات للتحول الرقمي بالنيابة العامة    الضفة.. إصابة فلسطينيين اثنين برصاص الجيش الإسرائيلي    فلامنجو يكتب التاريخ: 4 ألقاب كبرى في أسبوعين    نائب محافظ الأقصر يزور ضحايا انهيار منزل الدير بمستشفى طيبة التخصصي.. صور    محامي "عروس المنوفية" يكشف مفاجآت وتفاصيل قاسية بشأن واقعة القتل وعقوبة المتهم    عاجل| تفاصيل أول تسجيل صوتي للفنانة عبلة كامل لكشف تفاصيل حالتها الصحية    دارين حداد تحتفل بزفافها في أجواء خاصة وتكشف لأول مرة عن زوجها بعيدًا عن صخب الوسط الفني    "الإسكان" تناقش استراتيجية التنقل النشط بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية ومعهد سياسات النقل والتنمية    «رحلات المهندسين» تختتم أعمالها بحفل تكريم ونجاحات بالأرقام وخدمات بشفافية كاملة    الأرصاد يُحذر من منخفض جوي يضرب البلاد غدًا وأمطار متوقعة بهذه المناطق    قومى المرأة يدعو الفتيات للإبلاغ عن الابتزاز الإلكتروني: عقوبته الحبس و300 ألف جنيه غرامة    شاهد| فرحة بطل تركيا بالفوز في مباراة الحسم بمونديال أخبار اليوم للبليارد الفرنسي    "أكثر شراسة".. خبر صادم من "المصل واللقاح" بشأن الأنفلونزا الموسم الحالي    التعليم تكشف آلية تفعيل قرارات منع التجاوزات بالمدارس الخاصة والدولية    مصر تدعو إلى التهدئة والالتزام بمسار السلام في جمهورية الكونجو الديمقراطية    صاحب الصوت الشجي.. تكريم الشيخ حمدي محمود الزامل في برنامج "دولة التلاوة"    المتسابق عمر ناصر: مسابقة دولة التلاوة طاقة أمل للمواهب علشان تتشاف    وزير الرياضة يشهد اليوم السبت ختام بطولة الأندية لكرة القدم الإلكترونية    متحورات جديدة.. أم «نزلة برد»؟! |الفيروسات حيرت الناس.. والأطباء ينصحون بتجنب المضادات الحيوية    الرئيس الإندونيسي يؤكد توصيل مياه الشرب وإصلاح البنية التحتية لسكان المناطق المنكوبة بالفيضانات    ريهام أبو الحسن تحذر: غزة تواجه "كارثة إنسانية ممنهجة".. والمجتمع الدولي شريك بالصمت    برلماني أوكراني: البعد الإنساني وضغوط الحلفاء شرط أساسي لنجاح المفاوضات    ضبط 5370 عبوة أدوية بحوزة أحد الأشخاص بالإسكندرية    كثافات مرورية بسبب كسر ماسورة فى طريق الواحات الصحراوى    توافق مصرى فرنسى على ضرورة إطلاق عملية سياسية شاملة تؤدى إلى إقامة الدولة الفلسطينية    منال عوض: المحميات المصرية تمتلك مقومات فريدة لجذب السياحة البيئية    رئيس مجلس القضاء الأعلى يضع حجر أساس مسجد شهداء القضاة بالتجمع السادس    شعبة الدواجن: المنتجون يتعرضون لخسائر فادحة بسبب البيع بأقل من التكلفة    "فلسطين 36" يفتتح أيام قرطاج السينمائية اليوم    يسري جبر يوضح حقيقة العلاج بالقرآن وتحديد عددٍ للقراءة    ريال مدريد يجهز خيار الطوارئ.. أربيلوا الأقرب لخلافة تشابي ألونسو    جهاز تنمية المشروعات ومنتدى الخمسين يوقعان بروتوكول تعاون لنشر فكر العمل الحر وريادة الأعمال    نوال مصطفى تكتب: صباح الأحد    برلماني أوكراني: البعد الإنساني وضغوط الحلفاء شرط أساسي لنجاح أي مفاوضات    الرسالة وصلت    مكتبة الإسكندرية تستضيف "الإسكندر الأكبر.. العودة إلى مصر"    القومي لذوي الإعاقة يحذر من النصب على ذوي الاحتياجات الخاصة    قائمة ريال مدريد - بدون أظهرة.. وعودة هاوسن لمواجهة ألافيس    مقتل جنديين أمريكيين ومترجم مدنى فى هجوم تدمر السورية    نائب محافظ الأقصر يزور أسرة مصابي وضحايا انهيار منزل الدير بمستشفى طيبة.. صور    قائمة الكاميرون لبطولة كأس الأمم الأفريقية 2025    موعد صرف معاشات يناير 2026 بعد زيادة يوليو.. وخطوات الاستعلام والقيمة الجديدة    إعلام عبرى: اغتيال رائد سعد جرى بموافقة مباشرة من نتنياهو دون إطلاع واشنطن    محافظ الغربية يهنئ أبناء المحافظة الفائزين في الدورة الثانية والثلاثين للمسابقة العالمية للقرآن الكريم    مواقيت الصلاه اليوم السبت 13ديسمبر 2025 فى المنيا    بدء الصمت الانتخابي غدا فى 55 دائرة انتخابية من المرحلة الثانية لانتخابات النواب    «الجمارك» تبحث مع نظيرتها الكورية تطوير منظومة التجارة الإلكترونية وتبادل الخبرات التقنية    استعدادات مكثفة بمستشفى أبو النمرس تمهيداً لافتتاحه    وصفة الزبادي المنزلي بالنكهات الشتوية، بديل صحي للحلويات    محافظ أسيوط يفتتح المؤتمر السنوي الثالث لمستشفى الإيمان العام بنادي الاطباء    إخلاء سبيل والدة المتهم بالاعتداء على معلم ب"مقص" في الإسماعيلية    فيديو.. الأرصاد: عودة لسقوط الأمطار بشكل مؤثر على المناطق الساحلية غدا    محافظ أسيوط يقود مفاوضات استثمارية في الهند لتوطين صناعة خيوط التللي بالمحافظة    القضاء الإداري يؤجل دعوى الإفراج عن هدير عبد الرازق وفق العفو الرئاسي إلى 28 مارس    الأهلي يواجه الجيش الرواندي في نصف نهائي بطولة إفريقيا لكرة السلة للسيدات    وزيرة التضامن الاجتماعي تلتقي رئيس الطائفة الإنجيلية ووفد من التحالف الوطني للعمل الأهلي التنموي    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : ولازالت مصطبة عم السيد شاهدة ?!    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 13-12-2025 في محافظة قنا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الصهيونية وخرافة العرق اليهودي
نشر في التغيير يوم 22 - 04 - 2012

من أجل استكمال دائرة بناء القومية المستقلة، سعت الحركة الصهيونية مجدداً لتطوير هوية يهودية علمانية عبر توظيف أصداء الماضي الديني والاتكاء عليه. ولقد جعلت الصهيونية أهم مضامين الهوية اليهودية هو ارتباط اليهود "بأرض"إسرائيل" بوصفها أرض الأجداد، بحيث تمثل عملية تطوير الهوية حقيقة اجتماعية في كل أرض يوجد فيها اليهود. وتعرف الإنكسكلوبيديا اليهودية الهوية اليهودية بأنها: "جماعة يؤلف التاريخ والقدر بينها، ومازال أفرادها يشعرون بانتمائهم إلى هذه الجماعة، وهي تعني أيضاً أفراداً يشعر الآخرون إزاءهم شعوراً قوياً بأنهم ينتمون إلى اليهودية.
ويخالف هذا التعريف في شقه الأخير المنطق والبديهيات في علم النفس، فالأفراد والشعوب لا تتكون انتماءاتها بناءً على نظرة الآخرين إليها، ويقصد من هذا التعريف إرساء دعائم بناء مفاهيمي لتفسير معاداة السامية، على اعتبار أنها عنصر هام في تسويغ انطلاق الحركة الصهيونية وإضفاء شرعية على منطلقاتها.
وقد أبدت الحركة الصهيونية اهتماماً كبيراً بتوظيف الديباجات والرموز الدينية اليهودية وتقديمها على أساس أنها قرائن تسوغ مزاعمها الأيدلوجية والسياسية، ولتنسج بها روابط الهوية "القومية" اليهودية، بشكل لا يفك التنافض بين علمانية هذه الحركة وإقدامها على هذا التوظيف. ومن غير المسبوق في التاريخ البشري أن تجد حركة علمانية في الرموز الدينية مسوغات للتدليل على صدقية منطلقاتها الفكرية والسياسية. فعلى سبيل المثال على الرغم من أن الأنبياء والملوك الذين وردت أسماؤهم في التوارة جاؤوا لأداء رسالة دينية روحية محضة، فإن الصهيونية تجاهلت ذلك تماماً، وحرصت على تقديمهم على أساس أنهم أبطال قوميون، دون أن تبدي اهتماماً بتفسير الصراعات التي كانت قائمة بين هؤلاء الأنبياء والملوك وبني إسرائيل أنفسهم، بنص التوارة.
ومن مظاهر توظيف الصهيونية التراث الديني في محاولتها إدعاء وجود هوية قومية جامعة لليهود التركيز على الأعياد اليهودية، بعد تجريدها من دلالاتها الدينية والتاريخية، فاستحالت هذه الأعياد الدينية إلى أعياد قومية. وهكذا لم يعد الإيمان بالرسالات التي جاء بها أنبياء بني إسرائيل عنصراً من عناصر الهوية اليهودية، وأصبح المرتكز الأساسي في الهوية اليهودية هو الرابط الثقافي وليس الرابط الديني.
واستكمالاً لمزاعم الانتماء إلى قومية يهودية واحدة، ادعى رواد الفكر الصهيوني أن اليهود يمثلون عنصراً أو جنساً قائماً بذاته، وقد كان أول من أشار للعنصر اليهودي المفكر الصهيوني موشيه هس (1812-1875)، حيث جاء في كتابه "روما والقدس" أن العنصر اليهودي هو من عناصر البشر الرئيسة، وقد تمكن هذا العنصر من الحفاظ على تماسكه ووحدته على مر العصور رغم الكثير من التأثيرات. وتوقع هس نشوب صراع بين الأعراق، وأسهب كثيراً في التفريق بين العرق الآري الذي يمثله الألمان والعرق السامي الذي رأى بأنه يمثل اليهود. وعزا هس كره الألمان لليهود على أنه كره موجه للعنصر اليهودي وليس للدين اليهودي". وفي كثير من كتاباته، استخدم هيرتزل مصطلح "الجنس اليهودي" كرديف للعرق اليهودي"، في حين ذهب صديقه نورادو إلى حد اعتبار أن "اليهودية ليست مسألة دين أنما مسألة عرق فحسب". ويذهب مارت بوبر إلى ما أبعد من ذلك في تعريفه لليهودي عندما اعتبر اليهود" جماعة يربطها الدم، فالدم قوة متجذرة في الفرد تغذيه، والدم هو الذي يحدد المستويات العميقة لوجودنا، ويصبغ صميم وجودنا وإرادتنا بلونه، والعالم من حوله إن هو إلا آثار وانطباعات، بينما الدم هو عالم الجوهر".
ويرى الباحث أن أسطورة العرق اليهودي مثال آخر على توظيف لليهودية من قبل الصهاينة لاختلاق الأدلة على وجود القومية اليهودية، وهذا التوظيف لا يستند إلى أساس منطقي؛ فالعرق يعرف على أنه "جماعة من الناس يتميزون عن سواهم من البشر بخصائص جسمانية وراثية، كلون البشرة، وكشكل الرأس والشعر، أو بخصائص فيسيولوجية مختلفة كالدم". ويرى الباحث أنه يكفي أن يقف المرء في قلب محطة الحافلات المركزية في مدينة "تل أبيب" ليشاهد اليهود الذين يتحركون في هذه المحطة، ليجد أنه لا يمكن وفق هذا التعريف القول بأن اليهود ينتمون إلى ذات العرق، حيث تتفاوت الخصائص الجسمانية والوراثية بشكل واضح، كما أنه لم يستطع اليهود التدليل على أن هناك خصائص فسيولوجية موحدة يمكن أن تجمع اليهود.
وتجزم الباحثة الإسرائيلية ياعيل لوتان أنه من السخف أن يدعي أحد أن اليهود يشكلون قومية، مشددة على أنه باستثناء الرابط الديني لا يوجد ثمة رابط يجمع اليهود، وتشير في هذا السياق إلى أنه لا يوجد ثمة قاسم مشترك بين اليهود الأوروبيين واليهود الذين هاجروا من الدول العربية. وتعتبر لوتان أنه على الرغم من مرور عشرات السنين على إقامة إسرائيل، إلا أن الدين وحده هو الذي يوفر الإطار المشترك لليهود يقطنون في إسرائيل، متسائلة كيف بالإمكان الادعاء بأن إسرائيل دولة قومية وهي تتكون من إثنيات مختلفة، فهناك اليهودي العراقي وهناك اليهودي الهندي وهناك اليهودي الأمريكي وهناك اليهودي الأفريقي. لكن الحجة الأقوى التي تطرحها لوتان لتدلل على أن الرابط الديني، وليس أي رابط آخر هو الذي يوحد اليهود حقيقة أن جميع مؤسسات الدولة العلمانية في إسرائيل لا تشكك ولا تطعن في يهودية أي شخص تعترف به المؤسسة الدينية التي تتبنى التعريف الأكثر تزمتاً لليهودي، في حين أن أي تعريف آخر يخضع للشك والتأويل.
اللافت أن الكثير من الأبحاث الأوروبية الحديثة تؤكد أن يهود أوروبا "الذين كانوا يشكلون 90% من عدد اليهود في العالم عندما انطلقت الحركة الصهيونية أواخر القرن التاسع عشر ينتمون إلى يهود الخزر الذين استوطنوا شاطئ بحر قزوين، واعتنقوا اليهودية في القرن التاسع الميلادي، ثم هاجر الكثير منهم إلى أوروبا في القرن الحادي عشر، مع العلم أن كل هذه الدراسات تؤكد أنه حتى يهود الخزر لم يشكلوا في حينه عرقاً واحداً.
أن أية نظرية من النظريات التي فسرت نشوء القوميات لا تؤيد بالمطلق تشكيل اليهود أمة واحد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.