المال في عرف القانون هو كل شيء متقوم نافع للإنسان يصح أن يستأثر به وحده دون غيره، وكما يكون المال شيئا ماديا كالأعيان التي تقع تحت الحواس يكون شيئا معنويا كالحقوق التي لا تدرك إلا بالتصور؛ فالمال هو الحق ذو القيمة المالية، أيا كان ذلك الحق، سواء أكان عينيا أم شخصيا أم حقا من حقوق الملكية الأدبية والفنية والصناعية. فالمال إذن يكون خاصا أو عاما، ويعتبر المال عاما إذا كان مخصصا لمنفعة عامة. فتعتبر أموالا عامة، العقارات والمنقولات التي للدولة أو للأشخاص الاعتبارية العامة، والتي تكون مخصصة لمنفعة عامة بالفعل أو بمقتضى قانون أو مرسوم أو قرار من الوزير المختص. وهذه الأموال لا يجوز التصرف فيها أو الحجز عليها أو تملكها بالتقادم. (المادة 87 من القانون المدني). وتفقد الأموال العامة صفتها العامة بإنهاء تخصيصها للمنفعة العامة. وينتهي التخصيص بمقتضى قانون أو مرسوم أو قرار من الوزير المختص أو بالفعل، أو بانتهاء الغرض الذي من أجله خصصت تلك الأموال للمنفعة العامة. (المادة 88 من القانون المدني) والجمعيات والمؤسسات الأهلية المشهرة هي أشخاص اعتبارية، والشخص الاعتباري يتمتع بجميع الحقوق إلا ما كان منها ملازما لصفة الإنسان الطبيعية، وذلك في الحدود التي قررها القانون، فيكون له: ذمة مالية مستقلة، وأهلية في الحدود التي يعينها سند إنشائه، أو التي يقررها القانون. فإذا نشأ الشخص الاعتباري، واكتسب الشخصية القانونية، فإنه يصبح صالحا لاكتساب الحقوق والالتزام بالواجبات، وذلك في حدود الغرض الذي أنشئ من أجله. وتنقسم الأشخاص الاعتبارية إلى: أشخاص اعتبارية عامة وخاصة، والشخص الاعتباري العام هو في الأغلب ما تنشئه الدولة، كالمؤسسات العامة. أما الشخص الاعتباري الخاص فينشئه الأفراد، كالجمعيات والشركات. وتملك الأشخاص الاعتبارية العامة حقوق السلطة العامة وأن لها على أفرادها وعلى الغير امتيازات مستمدة من القانون العام، في حين أن الأشخاص الاعتبارية الخاصة تكون مع سواها من الأشخاص على قدم المساواة. وتنقسم الأشخاص الاعتبارية الخاصة إلى: جماعات أشخاص، وهي مكونة من الأفراد، وتشمل الشركات والجمعيات، ومجموعات أموال، وهي مكونة من مجموعات أموال رصدت لغرض معين، وهي المؤسسات والأوقاف. وعلى الحدود بين الأشخاص الاعتبارية العامة والخاصة تقف المؤسسات والجمعيات الخاصة ذات النفع العام، فهي مؤسسات ينشئها أفراد أو جمعيات خاصة لم تنشئها الدولة أو فروعها، ويجوز—إذا طلبت أو وافقت على ذلك—أن تعترف لها الدولة بصفة النفع العام ما دام يقصد بها تحقيق مصلحة عامة في ميدان تنمية المجتمع والرعاية الاجتماعية، وفي هذه الحالة يصبح لها الحق في أن تتمتع ببعض ما تتمتع به الأشخاص العامة من اختصاصات السلطة العامة، كعدم جواز الحجز على أموالها، وجواز أن تطلب نزع الملكية للمنفعة العامة التي تقوم بها. ونظرا لهذه الامتيازات التي تتمتع بها الجمعيات ذات النفع العام، فقد خول القانون لجهات الإدارة، إزاء هذه الجمعيات، سلطات أوسع من تلك التي لها إزاء الجمعيات الخاصة الأخرى، وتتناول هذه الرقابة فحص أعمالها والتحقق من مراعاتها للقوانين، وغير ذلك مما نصت عليه أحكام قانون الجمعيات والمؤسسات الأهلية. ولهذا نص قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 32 لسنة 1964 – فى المواد 63 و64 و65 منه على أن الجمعية تكون ذات منفعة عامة إذا كان يقصد بها تحقيق مصلحة عامة، وأن اعتبارها كذلك لا يكون إلا بقرار من رئيس الجمهورية، وأن تمكينها من النهوض بالمصلحة العامة التى تقوم عليها وإشباعها لمتطلباتها، يقتضى من ناحية استثناءها من قيود الأهلية المتعلقة بتملكها للأموال، المنقولة منها والعقارية، وعدم جواز الحجز على أموالها كلها أو بعضها، وعدم جواز تملك أموالها بالتقادم. ومن المقرر في قضاء محكمة النقض أن: تخصيص ما يملكه الأفراد للمنفعة العامة يقتضي أولا إدخاله في ملكية الدولة أو الأشخاص المعنوية العامة الأخرى فيصبح في الملك الخاص وينتقل بعد ذلك إلى الملك العام بتخصيصه للمنفعة العامة بطريق رسمي أو بطريق فعلي، وأن المعيار في التعرف على صفة المال العام هو التخصيص للمنفعة العامة، وأن هذا التخصيص كما يكون بموجب قانون أو قرار يجوز أن يكون تخصيصا فعليا بتهيئة المال المملوك للدولة ملكية خاصة ليصبح صالحا لهذه المنفعة العامة رصدا عليها. (نقض مدني الطعن رقم 1625 لسنة 55 ق جلسة 24/3/1991). كما قضت محكمة النقض بأن: الأموال التي تصبح من الأموال العامة بمجرد تخصيصها بالفعل لمنفعة عامة هي الأموال التي تكون مملوكة أصلا للدولة أو للأشخاص الاعتبارية العامة، ومن ثم لا تكتسب الأموال الأخرى المملوكة للأفراد أو الأوقاف صفة الأموال العامة بمجرد تخصيصها بالفعل للمنفعة العامة إلا إذا كانت قد انتقلت إلى ملكية الدولة بإحدى طرق كسب الملكية المنصوص عليها في القانون المدني، ومنها: وضع اليد المدة الطويلة، ثم خصصت بعد ذلك للمنفعة العامة. (نقض مدني الطعن رقم 260 لسنة 38 ق، جلسة 25/4/1974). ونستخلص مما تقدم: - أن المعيار في التعرف على صفة المال العام هو التخصيص للمنفعة العامة. -الجمعيات والمؤسسات الأهلية إما أن تكون: - أشخاصا اعتبارية خاصة (الجمعيات والمؤسسات الأهلية)، وهذه لا يجوز إسباغ صفة المال العام على أموالها ما لم تخصص للمنفعة العامة. - أشخاصا اعتبارية تخصص لمنفعة عامة (الجمعيات والمؤسسات ذات النفع العام)، وأموال هذه الجمعيات والمؤسسات تكون أموالا عامة. -قانون الجمعيات والمؤسسات الأهلية قد تضمن مجموعة من الضوابط والقيود التى تخص التصرف فى أموال الجمعيات وإخضاعها لرقابة مراقبي الحسابات والجهاز المركزي للمحاسبات، ووضع العديد من العقوبات الجنائية على مخالفة هذه الضوابط والقيود. -أموال الجمعيات هو مال خاص لا يجوز للدولة أو جهة الإدارة التدخل فيه، وهناك شروطا لاعتباره من المال العام، كأن يكون مملوكا للدولة أو مخصصا للمنفعة العامة أو للأشخاص الاعتبارية العامة، وتخصيصه يكون بموجب قانون أو قرار من الوزير المختص، فالمعيار للتعرف على صفة المال العام هو تخصيصه للمنفعة العامة. إذ لا تكتسب الأموال المملوكة للأفراد صفة الأموال العامة بمجرد تخصيصها بالفعل للمنفعة العامة، بل ينبغى أن تنتقل أولا إلى ملكية الدولة بإحدى طرق كسب الملكية المنصوص عليها فى القانون المدنى ثم تخصص بعد ذلك للمنفعة العامة، ثم يصدر قرار من رئيس الجمهورية لإسباغ صفة المال العام عليها، أى جعلها أموالا تخصص للنفع العام. -أموال الجمعيات هي من قبيل الأموال العامة قد يفتح الباب على مصراعيه لتدخل جهة الإدارة فى شئون هذه الجمعيات وإهدار استقلالها.