تناول زبجنيو بريجنسكي مستشار الأمن القومي الأمريكي بإدارة الرئيس الأسبق جيمي كارتر، رؤيته لمستقبل العالم العربي، والتي دعا فيها لتفكيك النظام الإقليمي العربي وطمس عروبته، وإعادة تشكيله على أسس عرقية وطائفية. وقال بريجنسكي إن هذا التفكيك سيسمح لما سماه "الكانتون الإسرائيلي" أن يعيش بالمنطقة بعد أن تصفى فكرة القومية، وأن المنطقة العربية معرضة لتقويض استقرارها السياسي، وأن جميع دولها معرضة لدرجات متفاوتة من الضغوط الشعبوية الداخلية، والقلاقل الاجتماعية، وصعود الأصولية الدينية. ويقر بريجينسكي أن دور أميركا تراجع عالمياً، غير أن تدخلها في أدق شؤون الوطن العربي لم يتراجع، ولم ينحسر تآمرها على وحدة أقطاره وانتمائها القومي، بل زاد وتضاعف خطرهما. ومن جانبه، فند الكاتب عوني فرسخ أسلوب العمل في مواجهة المخاطر التي تحدث عنها بريجنسكي، ونذر تفتيت وحدة التراب الوطني والنسيج المجتمعي لأكثر من قطر عربي، وتداعيات خطاب غلاة الأصوليين الإسلاميين والمسيحيين و"صقور" الأقليات في مشرق الوطن العربي ومغربه، وحصرها في ثلاثة محاور، أولها تعميم وتعميق الشعور بالانتماء للعروبة، آخذا بالحسبان أن العروبة لا تعود لانتساب سلالي وإنما لانتماء حضاري لثقافة عربية إسلامية. وثاني تلك المحاور يكمن في العمل الجاد والصادق لتعميق الشعور بالوحدة الوطنية في كل قطر عربي. أما المحور الثالث فيتركز على التوجه الجاد والواعي نحو التكامل القومي العربي، باعتبار أن الوحدة العربية غدت ضرورة تاريخية لمواجهة افتقاد الأقطار العربية المنعة تجاه الضغوط والمداخلات الخارجية.