إن الجنود إذا تسلطوا على ثورة أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة، ذلك ما بات يتردد الآن في شرق مصر وغربها، ويتعجب الكثيرون من الإسلوب الذى يتعامل به المجلس العسكرى عقب كل مصيبة أو مذبحة ، وهو يعلم انه جاء بعد نظام سقط بسبب ثورة الناس على وحشيته ودمويته وفساده، بيانات الجيش على فيس بوك تربط كل اعتداء على المتظاهرين بما يسمى الطرف الثالث ، هذا الطرف الذي ستطيع المجلس وحده رؤيته ولمسه وشمه وتذوقه، والذى عادة ما يرتدي طاقية الإخفا إذا ما طالب الشعب كشف هويته.! ويطرح المرشح المحتمل للرئاسة حمدين صباحي مبادرة جديدة لحل الأزمة الراهنة وضمان خروج العسكريين من نفق السلطة التى علقوا بها خروجاً آمناً، ويتم ذلك بتشكيل مجلس يأخذ كل صلاحيات المجلس العسكري بقرار من المجلس يتكون من 5 من القادة العسكريين منهم قائد الأركان وقادة الجيوش أو الأسلحة الرئيسية في الجيش المصري بالإضافة إلى اختيار 5 أعضاء من قضاة تيار الاستقلال. ويرى الكثير من السياسيين والمحللين المصريين أن جولة العنف التي وقعت أخيراً بين المتظاهرين وقوات الجيش في محيط مجلس الوزراء المصري، وأسفرت عن سقوط قتلى ومئات الجرحى، تعكس حالة شديدة التوتر يعيشها المجلس العسكري الذي يدير شؤون البلاد مع اقتراب موعد تسليمه السلطة الى المدنيين، ومحاولاته المستمرة للبحث عن "خروج آمن" يؤمن له الحفاظ على مكتسباته السياسية والاقتصادية التي حصل عليها منذ ثورة 1952. مخاوف العسكر: ويبدو أن المجلس العسكري الحاكم منذ تسعة شهور فقط يطارد هذا "الحل الآمن" بعد ان تعثر في إدارة المرحلة الانتقالية، وتسبب في كثير من الازمات التي وضعت أمن واستقرار المجتمع على المحك. وطبقا لتصريح نائب رئيس حزب الوسط المصري عصام سلطان، فإن "المجلس العسكري يشعر بالقلق الحقيقي من قضيتين اساسيتين: الأولى هي الخوف من الملاحقة القضائية والقانونية، بعد خروجه من الحكم، لاسيما وأن أطرافا سياسية مصرية أبلغت العديد من أعضائه بهذا التوجه المستقبلي، وهو ما تسبب في حالة التوتر التي تزداد عنفا يوما بعد يوم ضد المتظاهرين وكان آخرها المواجهات الدامية في محيط مجلس الوزراء". ويتابع سلطان ان "القضية الثانية التي تقلق المجلس العسكري، هي كيفية وطبيعة تعامل النظام المدني المقبل مع المشاريع الاقتصادية التي يديرها الجيش والمقدرة بنحو 47 مليار جنيه مصري"، مشيراً إلى أن "هاتين القضيتين ينبغي على النخبة والتيارات والقوى السياسية المصرية مناقشتهما بشفافية مطلقة واعطاء ضمانات قوية للجيش حتى لا يزداد التوتر والعنف على الارض". الكيل بمكيالين: وقف المجلس العسكري وراء وثيقة المبادئ الدستورية المعروفة باسم وثيقة السلمي، نسبة إلى رئيس الوزراء السابق علي السلمي، والتي كانت تنص على أن المجلس العسكري وحده فقط مسؤولا عن أمور الجيش وكذلك ميزانيته، لكن القوى المصرية رفضتها، ما دفع رئيس المجلس العسكري محمد حسن طنطاوي إلى التأكيد قبل أسابيع قليلة مضت، أن "وضع الجيش في الدستور المقبل لن يتغير عن وضعه سابقا". كذلك ما يجعل حديث سلطان صحيحاً، هو أن الكثير من الكتاب القريبين من شباب الثورة ورموزها السياسية ومنهم الصحفي ابراهيم عيسى، تحدثوا صراحة عن ضرورة محاكمة قادة المجلس العسكري وملاحقتهم قانونيا على القتلى الذين سقطوا خلال الشهور الماضية، سواء في ازمة ماسبيرو أو التحرير واخيرا احداث مجلس الوزراء، وإلا "لماذا يحاكم حسني مبارك بتهمة قتل المتظاهرين؟". لكن هل القوى السياسية التي ستتسلم مقاليد السلطة قريبا ، وبالتحديد القوى الاسلامية ستمنح "خروجا آمنا" للمجلس العسكري؟. أغلب الظن ان هذا الأمر سيحدث وفق "صفقة" شاملة أبرز عناصرها عدم تدخل الجيش في صياغة الدستور الجديد وتشكيل الحكومة المقبلة، مقابل منحه "الخروج الآمن" وعدم الاقتراب من مكاسبه ومشروعاته الاقتصادية. ويقول الدكتور سيف عبد الفتاح، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة أن بقاء العسكري لم يعد مقبولا او متصورا نهائيا وأكد في كلمة واضحة أن العسكري لابد وأن يرحل لثكناته ويسلم السلطة. أبو غريب: وحول تصريحات المجلس العسكري في مؤتمره الصحفى، وتبريره عنف الشرطة العسكرية ضد المتظاهرين، وادعائه بأن هناك مخططا لإحراق مجلس الشعب، قال "جورج إسحاق" - الناشط السياسي ومؤسس حركة "كفاية" إن تصريحات عمارة خطيرة جدا ولا تخرج من شخص مسؤول، فبدلا من مثل هذا الكلام عليهم حماية المجلس، مضيفا : "كفانا ما حدث، لأنهم كانوا يعلمون بوجود مخطط لحرق المجمع العلمي ليلة حريقه، ولم يتحرك أحد، وكان عليهم أن يقوموا بإطفائه". ويرى "جمال عيد" - مدير الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان - أنه إذا فشل المجلس العسكري في حماية مجلس الشعب، فإن ذلك يؤكد مزيدا من فشله، وإذا لم يتمكن من حماية المنشآت لا بد أن يرحل ويسلم السلطة إلى حكومة قادرة على حمايته، مرجعا الكشف عن هذا المخطط الآن إلى الرغبة في التغطية على معتقل أبو غريب الذي يوجد أسفل المجلس، والذي يوجد به أكثر من 200 شخص معتقل ويشرف عليه ضابط من الجيش. وقال الخبير الأمنى العميد "محمود قطري"، إنه لا يصدق هذا الكلام، موضحا أن هذا المخطط بالطريقة التي رواها "عمارة" مستبعدة بالنسبة لطريقة سير الأحداث، وأن الهدف منها التشتيت للموضوع، لأن أحدا لم يسمع عن مثل هذه المخططات، فإذا كان هناك طرف ثالث فلماذا لا تبحث الشرطة عنه ومؤسسات الدولة، فإذا كانت الشرطة سقطت فإن هناك أجهزة ما زالت مستمرة ومتماسكة مثل جهاز المخابرات العامة وهى مسؤولة عن مثل هذه الأحداث، متسائلا عن السبب في كشف المخطط أثناء هذه الأحداث ولماذا لم يتم الإعلان عنها من قبل، ولماذا لا يعيد المجلس الشرطة على أرض الواقع بدلا من قيام الوزير الجديد بجولات للتصوير.