تتواصل بالداخل الفلسطيني حملات التبرع والانضمام إلى سجل بنك "النخاع العظمي" حيث تركز هذه الحملات مؤخرا على نداء الواجب للتبرع بعينات دم للطفلة ملك كيوان-التي تبلغ عاما ونصف العام- وتعاني من عجز بانتظام عمل جهاز النخاع العظمي. وتوافد الآلاف لمراكز التبرع التي انتشرت بالبلدات العربية بحثا عن المتبرع الملائم لإنقاذ الطفلة ملك التي تعاني منذ ولادتها من مرض "غوشية" المسبب لتضخم بالكبد والطحال والكلى. وتعتبر عمليات زراعة النخاع العظمي العلاج الوحيد لأنواع عديدة من سرطان الدم وأمراض وراثية ونقص المناعة، فالمتبرع من خارج العائلة بمثابة الأمل الوحيد للعلاج وإنقاذ المرضى من الموت. وأطلق مشروع السجل عام 2008 بمبادرة من الدكتورة أمال بشارة، خبيرة المناعة وزراعة الأعضاء ومديرة "بنك الأنسجة وسجل المتبرعين بالنخاع العظمي" في مستشفى هداسا بالقدس. وقالت الدكتورة أمال بشارة "بالإضافة إلى الطفلة كيوان، هناك 37 مريضا من الداخل الفلسطيني بحاجة ماسة لعمليات زرع نخاع عظمي، حيث عثر خلال حملات التبرع الحالية لعشرة منهم على متبرع ملائم من خارج العائلة". وأكدت للجزيرة نت بأنه قد انضم قرابة عشرين ألفا من فلسطينيي 48 للسجل، بهدف العثور على متبرعي نخاع عظمي ل40% من المرضى العرب الذين بحاجة لزراعة نخاع من متبرع غريب لإنقاذ حياتهم لعدم وجود متبرع ملائم بالعائلة. ولتوضيح الجهود المبذولة ضمن هذا الإطار، قالت إن السجل ومنذ تأسيسه ساهم في العثور على 55 متبرعا ملائما لمرضى من الداخل، وهناك عشرات الأطفال من الضفة وغزة والعالم العربي عادوا للحياة وشفوا من المرض بفضل عينات التبرع التي وفرها السجل، الذي يعتبر الأول من نوعه بالعالم العربي.وتتطلع الدكتورة أمال بشارة لتعزيز التعاون مع العالم العربي، مؤكدة بأنها تتلقى سنويا عشرات التوجهات من الدول العربية بحثا بالسجل الذي تديره عن عينات دم ملائمة للمرضى. ولفتت إلى أنه ثبت علميا أن احتمال الملاءمة يرتفع إذا كان المتبرع والمريض من ذات القومية. وشددت على أن "هناك ضرورة لتعميق الوعي بأهمية التبرع بالنخاع، بحيث لا يوجد أي سجل بالعالم العربي، ماعدا الإمارات حيث أقيم سجل يضم 45 متبرعا فقط، بينما السجلات العالمية تحوي نسبة قليلة من المتبرعين العرب". زواج الأقارب ووفقا للإحصائيات العالمية فإن قرابة 70% من المرضى الذين هم بحاجة لعمليات زراعة نخاع عظمي لا يجدون متبرعا ملائما في العائلة، لذا أقيمت سجلات المتبرعين بأنحاء العالم وتضم نحو عشرين مليون متبرع. وتحدث الدكتور وليد قعدان المختص بجراحة الأعصاب بمستشفى شنايدر لطب الأطفال عن زراعة النخاع العظمي لعلاج أمراض غير سرطانية، مؤكدا أن الأمراض المنتشرة بأواسط أطفال فلسطينيي 48 نتيجة زواج الأقارب والعوامل الوراثية. وشدد في حديثه للجزيرة نت على أهمية التشخيص المبكر وإخضاع المواليد لمختلف الفحوصات للوقاية من المرض، لافتا إلى أن عدم التشخيص من شأنه أن يساعد على تحول هذه الأمراض إلى فتاكة، مؤكدا أن "حوالي 75% ممن تم تشخيص المرض لديهم مبكرا وإخضاعهم للعلاج تماثلوا للشفاء". تقارب الجينات وذكر قعدان بأنه كانت عدة محاولات لإقامة سجل عربي مستقل، لكن بسبب التكاليف الباهظة تقرر الارتباط بالسجلات والمستشفيات بإسرائيل، وشدد على أن الهدف هو توفير أفضل الخدمات والرقي بالعلاج للفلسطينيين. وفي توضيحه لأهمية سجل التبرع بالنخاع العظمي، قال الدكتور المختص بجراحة الأعصاب إن هذه المبادرة تخدم بالأساس مجموعة إثنية، وعليه فإن وجود عدد كبير من المتبرعين العرب يمنح فرصا أكثر للمرضى بالعثور على متبرع ملائم لتقارب الجينات بين أبناء القومية الواحدة. وأشاد بالقدرات الطبية الموجودة بالعالم العربي، داعيا إلى تعزيز التعاون وتبادل الخبرات مع الأطباء من الداخل الفلسطيني، الأمر الذي من شأنه أن يساهم بالنهوض بالواقع الصحي والبحث العلمي وتطوير العلاجات الطبية. تعميق الوعي