مت هانئاً فالموتُ فاتحة الخلود ما مُتَّ في درب الخيانة والخنى بل مت صوناً للعهود (بتصرف من العشماوي) يوسف ومريم ، سورتان في كتاب الله هما أحب القصص القرآني إلى قلبي! فالأولى قصة فريدة يتجلى فيها السمو الإنساني والرقي البشري وعظمة التسامح والترفع عن الدنيا وحب الخير للإنسان وطيب النفس وسلامة الصدر ونقاوة الوجدان وصفاء الفطرة .. والثانية عظمة الصمود والتحدي ، وفرادة المعجزة ، وعظمة الصبر الأمومي والعاطفة الأمومية والتضحية والفداء واليقين والإصرار وإنكار الذات وتحمل الألم! وكذلك كان أبو يوسف ومريم أخذ من الإسمين أوصافاً لشخصه أو قل فإنه قد سمى ولديه على ما استقر عليه عمله من صفات فآثر أن يأتي بالأسماء الجامعة لهذه الأوصاف والصفات فاختار "يوسف" و "مريم"! سَأَظَلُّ مُنْتَظِراً هُنَا فَلَرُبَّمَا رَجَعَ الزَّمَانُ بِنَا... فَأُبْصِرُ أَوَّلَهْ! يا سيدي رحمات ربي تنزلت عليك، هاأنت ذا تلقى ربك في أول الثلاثين من عمرك في زهرة عمرك وريعان شبابك. هي الرّوح النّقيّةُ الطّاهرة، لا تعود ذكراها إلا برَوْحٍ وريحان .. أسألُ الله أن تكون هُناك في أطيبِ مقام ، فلا يليق بك أن تعيش بيننا في دنيا البشر! فالمقام هناك أليق بك وأنسب لك .. لا يليق بهذه الأرواح الطاهرة والأنفس الصافية المؤمنة أن تعيش بين و أن لا يحرمنا شفاعة هذه الأرواح النّقيّة إني والله لأحن إلى أول لقاء جمعني بك، وأتذكر عذب كلماتك النورانية الشفافة في التصوف والرقائق والسلوك والتزكية والتربية ومجاهدة النفس. أتذكر روحانية كلماتك وجمال نطقك لها وجلال وقعها في قلبي، أذكر لطيف تذكرتك بالإمام أبي حامد الغزالي وحلاوة استشهادك بابن القيم وطلاوة خواطر ابن الجوزي واقتباسك من ابن عطاء في شرح الحكمة السادسة. والله لا زلت أذكر وقع كل كلمة تكلمت بها في قلبي، لا زالت في مكانها الذي وقعت فيه لا تبرحه ولا يبرحها. يا سيدي هذا عهدٌ علي أن أظل وفياً لذكراك ما حييت حتى ألقاك عند رب البريّة ، يا سيدي هذه يمين لن أحنث بها وقد أطلعتني على سرك فحفظته وكتمته وما أفشيته قسماً بالله إن مرادك لمتحقق بتقدير الله وعونه وأنت وإن أفردت في دار وحشةٍ فإني بدار الأنس في وحشة الفردِ (ابن الرومي) يا يوسف ويا مريم .. قد كان أبوكما رجلاً عظيماً عزّ عليه أن يعيش عمره خانعاً مستكيناً فانتفض وجدانه وامتشق قلمه واستل قلبه ولم يصمت عن حق يراه، تحركه الغيرة على دعوة الإسلام التي مازجت شغاف قلبه الطاهر، وتقود عزمه ما يراه من انتكاسة لفكرة آمن بها، فخالطت شغاف قلبه الطاهر، ومازجت روحه وصاغت وجدانه الصافي الرقيق. قد كنت أرجو زماناً أن أقودهم **** للمكرمات فلا ظُلم ولا عارُ والآن قد سارعت دربي إلى كفن **** يوماً سيلبسُه بر وجبارُ (مصطفى السباعي) يا أيتها النفس الطيبة، أرجعي إلى عالم الذر الأبديّ إلى حياة الروح والريحان والنعيم الخالد رحل الصباح وتفجرت شمس الجراح والحب راح والسر باح فارحل هنيئا ضاحكا مستبشرا واذهب سعيدا مترعا واترك لنا نحن النواح لم أعد أملك الكلمات يا أحمد .. يكفي هذا الآن!