د.مازن النجار \n\n طرحت الأبحاث الطبية فى السنوات القليلة الماضية احتمال أن فقدان الذاكرة المصاحب لمرض الزهايمر قد يعود إلى نوع ثالث جديد من مرض البول السكري، أي قد يكون الإنسولين – بدوره- هاماً للعقل كما هو ضروري للجسد، حسبما أوردت شبكة نيوزمديكل.\nبيد أن علماء من جامعة نورث وسترن الأميركية قد اكتشفوا مؤخراً لماذا تتعطل الإشارات الدماغية الهامة المتعلقة بالإنسولين -بالنسبة لتكوين الذاكرة- لدى مرضى ألزهايمر.\nفقد أظهروا أن بروتيناً ساماً الموجودة في أدمغة الأفراد المرضى بألزهايمر يزيل مستقبلات الإنسولين من خلايا الأعصاب، مما يجعل هذه الخلايا العصبية مقاومة للإنسولين. يسمى البروتين المعروف بمهاجمة مشابك تكوين الذاكرة (ADDL).\nوبالإضافة إلى غيرها من البحوث التي بينت أن مستويات الإنسولين ومستقبلاته في الدماغ هي أقل لدى مرضى ألزهايمر، تلقي دراسة نورث وسترن الضوء على مفهوم مستجد يعتبر ألزهايمر \"النوع الثالث\" من مرض السكري. \nنشرت حصيلة الدراسة مؤخراً بالنسخة الإليكترونية من دورية \"اتحاد الجمعيات الأميركية للبيولوجيا التجريبية\" (FASEB)، ويؤمل أن تساعد الباحثين على تحديد أي جوانب لدى العقاقير المستخدمة الآن لعلاج مرضى السكري قد تكون قادرة على حماية الخلايا العصبية من بروتينات (ADDL) بالدماغ، وتحسين إشارات الدماغ المتعلقة بالإنسولين لدى مرضى ألزهايمر.\nضرورة الإنسولين للتعلم والذاكرة\nيعتبر الإنسولين ومستقبلاته بالدماغ أمران حيويان للتعلم والذاكرة. عندما يُقيّد الإنسولين إلى مستقبلاته في مشابك الدماغ، فإنه يُشغّل الآلية الضرورية لبقاء الخلايا العصبية حية وتشكيل الذاكرة. نظرية أن مرض ألزهايمر يعود جزئياً إلى مقاومة الإنسولين في الدماغ، دفعت العلماء للتساؤل عن الكيفية التي تستهل بها يحصل ان العملية.\nيقول وليم كلاين، قائد فريق البحث وأستاذ بيولوجيا الأعصاب والفسيولوجيا بالجامعة، لقد وجدنا أن تقييد بروتينات (ADDL) إلى مشابك الدماغ يمنع مستقبلات الإنسولين، بطريقة ما، من التراكم في المشابك حيث الحاجة لها.\nوبدلاً من ذلك، فهي تتكدس حيث يتم إنتاجها، في جسم الخلية قرب النواة، حيث يتعذر على الإنسولين الوصول إلى مستقبلاته هناك. يمثل هذا الاستنتاج أول دليل جزيئي (كيميائي) يفسر مقاومة الخلايا العصبية للإنسولين لدى مرضى ألزهايمر.\nالمعلوم أن جزيئات (ADDL) هي بروتينات صغيرة متكتلة قابلة للذوبان. البيانات الإكلينيكية المتاحة تدعم بقوة نظرية أن بروتينات (ADDL) تتراكم مع بداية الإصابة بمرض ألزهايمر، فتعترض وظائف الذاكرة عبر عملية يُتوقع أن تكون قابلة للتراجع.\nفي أبحاث سابقة، وجد كلاين وزملاؤه أن بروتينات (ADDL) تتقيد جداً وتحديداً إلى المشابك العصبية، فيبدأ تدهور وظيفة المشابك وتتسبب بتغيرات في شكلها وتكوينها. الآن، أظهر كلاين وفريقه أن جزيئات مستقبلات الإنسولين التي تكون الذاكرة في المشابك العصبية، تجري إزالتها بواسطة بروتينات (ADDL) من غشاء سطح الخلايا العصبية.\n يعتقد كلاين، عضو مركز علم الأعصاب الإدراكي وألزهايمر بنورث وسترن، أن هذا هو عامل رئيس في قصور الذاكرة الذي تسببه بروتينات (ADDL) في أدمغة مرضى ألزهايمر.\nبروتينات سامة\nونوه بأن هذا المشروع البحثي يتناول علاقة أساسية جديدة بين حقلي السكري وألزهايمر، وما يترتب على ذلك إزاء العلاجات. والهدف الآن هو البحث عن سبل تجعل مستقبلات الإنسولين بالدماغ مقاومة لتأثير بروتينات (ADDL)، وقد لا يكون ذلك صعباً جداً.\nدرس كلاين وزملاؤه المشابك العصبية التي يعتقد بدورها في آليات التعلم والذاكرة، باستخدام مزرعة مخبرية ناضجة من الخلايا العصبية الحصينية بالدماغ. هذه الخلايا العصبية المتباينة للغاية يمكن تناولها على المستوى الجزيئي. قام الباحثون بدراسة المشابك العصبية ومستقبلات الإنسولين قبل وبعد ظهور بروتينات (ADDL).\nلقد اكتشفوا أن البروتين السام (ADDL) يسبب فقداً سريعاً وملموساً لمستقبلات الإنسولين من سطح الخلايا العصبية، وتحديداً لدى التشعبات العصبية المقيدة إليها بروتينات (ADDL).\nيؤدي تقييد بروتينات (ADDL) إلى الخلايا يعطل بشكل واضح انتقال مستقبلات الإنسولين، مما يمنعها من الوصول إلى مشابك الدماغ. قام الباحثون بقياس الاستجابة العصبية للإنسولين ، فوجدوا أنه عرضة بدرجة عالية للتثبيط من قبل بروتينات (ADDL).\nوإضافة لاستنتاج أن الخلايا العصبية المقيدة لبروتينات (ADDL) أظهرت غياباً فعلياً لمستقبلات الإنسولين لدى خلايا التشعبات العصبية، وجد الباحثون أن هذه التشعبات ذات الوفرة في مستقبلات الإنسولين ظهر انها غير مقيدة ببروتينات (ADDL).\nتشير هذه العوامل إلى أن مقاومة الإنسولين في أدمغة مرضى ألزهايمر هو استجابة لوجود بروتينات (ADDL) السامة.\nيعتقد كلاين أنه بالبحث والتطوير الملائم، سيمكن تحويل بعض علاجات النوع الثاني من السكري، حيث تقاوم أجسام المرضى الإنسولين، إلى علاج لمرض ألزهايمر؛ حيث ستتفوق هذه العقاقير على علاجات ألزهايمر المتاحة حالياً.