\r\n ولكن كلمات أولمرت؛ لم تمثل قنبلة مدوية بالنسبة لنا نحن الأشخاص الذين دافعنا عن هذه التوجهات لعدة سنوات؛ لأنها تكشف ببساطة عن إدراك متأخر للحقيقة. ومن أجل بقاء إسرائيل كدولة يهودية وديمقراطية، يجب ألا تضغط الحكومة الإسرائيلية على ملايين الفلسطينيين. ومن مصلحة إسرائيل ظهور دولة فلسطينية قابلة للحياة، دولة لا يشعر مواطنوها أبداً بأن هذه التسوية كانت صفقة يجب أن يعيشوا عليها، رغم إجبارهم على التخلي عن أحلام العودة إلى ديارهم في يافا وحيفا. ولكن الأمر المثير في هذا التقييم البارد والواقعي هو أنه خرج من فم إيهود أولمرت نفسه. \r\n ومنذ ثلاثين عاماً، عندما إنعقد الكنيست الإسرائيلي للتصديق على إتفاقيات كامب ديفيد التي وقعت من قبل رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق مناحم بيجن والرئيس المصري الراحل أنور السادات تحت رعاية الرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر، كان هناك جدل محتدم وحامي الوطيس حول جدوى قبول هذه الإتفاقية؛ حيث إتهم المتشددون الإسرائيليون بيجن بخيانة فكرته \"إسرائيل الكبرى\" من خلال إعادة سيناء إلى المصريين. وعندما حان وقت التصويت على هذه الإتفاقيات، وافق 84 عضواً من أعضاء الكنيست على هذا الإجراء، في حين عارضه 19 عضوا وامتنع 17 عضوا آخر عن التصويت. وعلى الرغم من الشعور الطاغي بأن التخلي عن السيطرة على سيناء كان يمثل تضحية صعبة، شعر أغلبية أفراد القيادة السياسية في إسرائيل بوجود فرصة حقيقية لا يجب تفويتها للتوصل إلى إتفاق سلام مع أكبر عدو لإسرائيل. وحتى إسحق شامير، الذي كان يعرف وقتها بأنه أحد أعند المعارضين لتقديم أي تنازلات قرر الإمتناع عن التصويت بدلاً من الرفض. \r\n وكان من بين الأشخاص الذين صوتوا في صالح رفض إتفاقية كامب ديفيد عضو الكنيست الشاب وقتئذ إيهود أولمرت. وفي مقابلة حديثة مع جريدة يديعوت أحرونوت، إتضح أن أولمرت تغير بشكل كامل عندما أثنى على الشجاعة وحس القيادة التي أظهرها بيجن قبل 30 عاما. ويبدو أن أولمرت بدأ في التغير من أفكار الجناح اليميني المتطرف في منتصف التسعينيات من القرن الماضي، عندما أصبح عمدة لمدينة القدس وبدأ في إدراك أن الحياة في هذه المنطقة المعقدة تتطلب قدراً معقولاً من المرونة. وأنا أتذكر أثناء مصاحبتي لرئيس الوزراء الإسرائيلي الراحل في زيارة إلى مدينة القدس أننا كنا نقف بالقرب من منطقة مراقبة في إتجاه الشمال عند صحراء يهودا، عندما كان أولمرت يشرح ل \"رابين\" أن القدس تحتاج إلى طريق دائري يحيط بها من الشرق لتسهيل الإزدحام المروري. عندها رفض رابين فكرة أولمرت بإبتسامة. وكنا جميعاً نعلم ما يجول في عقل أولمرت: وهو إغلاق القدس من الناحية المادية عن جانبها الغربي، لكي يصعب حدوث أي تقسيم مستقبلي للمدينة. \r\n ولكن في الخطاب الذي ألقاه أولمرت بمناسبة وداع رابين في قاعة المدينة، فاجأنا أولمرت جميعاً. وكانت هذه الأيام تشهد مفاوضات أوسلو للسلام، عندما تعرض رابين لهجوم من قبل زملاء أولمرت من جناح اليمين المتطرف. بيد أنني نظرت أنا ورابين لبعضنا البعض في دهشة خلال خطاب أولمرت، عمدة القدس وقتها، عندما إمتدح رابين لشجاعته وقيادته الرائعة التي أظهرها رئيس الوزراء الإسرائيلي الراحل بإعطاء فرصة للدخول في عملية السلام مع الفلسطينيين. وأنا أرى بعد معاينة كل التطورات السياسية الأخيرة داخل إسرائيل أن أولمرت بدأ بالفعل هذا التحول. ومن المثير للشفقة أن القادة الإسرائيليين يمكنهم التعبير عن أنفسهم بصراحة حول مستقبل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي عندما يتركون مناصبهم فقط. ويمكن أن تثبت وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي ليفني، الخليفة المحتملة لأولمرت، المعروفة بشجاعتها، أنها تمثل إستثناءً من هذه القاعدة. \r\n وبدلاً من محاولة تشكيل حكومة غير مستقرة، يمكن أن تتعرض للشلل بسهولة بسبب أعضائها، يجب أن تدعو ليفني لإجراء إنتخابات جديدة. ويجب أن تعتمد حملتها على تصريحات أولمرت الوداعية. ويجب أن يصوت أي شخص يرغب في أن تصبح إسرائيل دولة ديمقراطية يهودية لصالح ليفني، إدراكاً منهم بأن هذا الأمر سوف يعني التنازل عن معظم أراضي الضفة الغربية في تسوية مقابل الإحتفاظ بمدينة القدس. وعلى الجانب الآخر، يتعين على الأشخاص الذين سيصوتون لزعيم حزب الليكود بنيامين نتنياهو أن يضعوا في إعتبارهم أنهم \r\n لن يتمكنوا من إقامة دولة واحدة ثنائية القومية من خلال عدم التساهل مع الفلسطينيين؛ لأن العرب بمعدل مواليدهم العالي سوف يشكلون أغلبية سكان إسرائيل إما عاجلاً أم آجلاً؛ وهو ما يضع إسرائيل على حافة أزمة تتمثل في خيارين أحلاهما مر: وهما إما أن تفقد إسرائيل هويتها اليهودية من أجل البقاء كدولة ديمقراطية أو أن تبقى إسرائيل دولة يهودية؛ ولكنها في هذه الحالة سوف تصبح دولة فصل عنصري. \r\n وتتميز ليفني مثل أولمرت بأنها من أسرة متشددة من الجناح اليميني (حيث أن والدها كان مسئول العمليات في حركة الأرجون السرية التي كافحت من أجل تأسيس دولة إسرائيل). وإذا تبنت ليفني هذا الطريق تجاه السلام، فسوف تفوز بثقة أفراد الشعب الإسرائيلي، الذين يحبون أن يكون قادتهم متشددين بشكل أساسي. وإذا قالت ليفني الحقيقة للشعب الإسرائيلي، يمكنها أن تحقق الفوز في الإنتخابات المقبلة وأن تقودنا في الإتجاه الصحيح. \r\n \r\n يوري درومي \r\n الناطق الرسمي بإسم حكومتي رئيس الوزراء الإسرائيلي الراحل إسحق رابين وحكومة الرئيس الإسرائيلي الحالي شيمون بيريز خلال الفترة من عام 1992 إلى عام 1996. \r\n خدمة إنترناشيونال هيرالد تريبيون، خاص ب (الوطن) \r\n