وكان الهدف من هذه التصريحات تبديد مخاوف الرئيس الأوكراني يوشينكو، لو كانت هذه المخاوف هي الدافع لتحالفه مع الغرب، ودعم جورجيا في حربها ضد أوسيتيا الجنوبية، وتزويد القوات الجورجية بمنظومة صاروخية لمواجهة المقاتلات الروسية. \r\n \r\n \r\n إلا أن السبب الحقيقي الذي دفع زعيم الثورة البرتقالية لاتخاذ مواقف معادية لروسيا، هو حرصه على إرضاء الغرب، والإسراع بحصول أوكرانيا على عضوية الناتو. وتؤكد كافة المؤشرات أن يوشينكو لم يعد زعيما جماهيريا. \r\n \r\n \r\n وانه سيخرج من مسرح السياسة الأوكرانية بعد الانتخابات القادمة بعد تقلص أنصاره، لذا سعى لإرضاء الغرب حتى تتوفر لديه عوامل القوة للحفاظ على منصبه، في مواجهة خصمه العنيد فيكتور يانكوفيتش الذي ما زال يتمتع بتأييد حوالي 40% من الناخبين، وضد شريكته في قيادة الثورة البرتقالية يوليا تيموشينكو التي بدأت تتسع قاعدة أنصارها بشكل ملحوظ. \r\n \r\n \r\n لقد كانت سياسات وخطط يوشينكو السبب المباشر وراء تقليص شعبيته، وتناقص عدد أنصاره ليصل إلى اقل من 12% من أصوات الناخبين، وليس لدى يوشينكو ما يميزه عن منافسيه سوى دعم الغرب له، حتى يحافظ على منصب الرئاسة. \r\n \r\n \r\n إن الحركة السياسية في أوكرانيا على اختلاف اتجاهاتها لا ترفض التعاون مع أوروبا والولايات المتحدة، وترى أن أوكرانيا جزء من المجتمع الأوروبي، إلا أن خصوم يوشينكو يسعون لبناء البلاد، ويدركون أن عملية انضمام أوكرانيا للمجتمع الأوروبي تتطلب بناء اقتصاد متطور وحديث، ما يحتاج لبناء علاقات متوازنة مع الدول المجاورة وخاصة روسيا التي تستقبل أسواقها جزءا كبيرا من منتجات أوكرانيا، وتعمل رؤوس أموالها في تنمية الاقتصاد الأوكراني. \r\n \r\n \r\n هذا المنطق البسيط يرفضه يوشينكو ويصر على توتير العلاقة مع روسيا، وتصعيد الصدام دون أساس أو عائد من هذا الصدام. ولعل سعي الرئيس الأوكراني لإلغاء الاتفاقية الروسية الأوكرانية الخاصة بتواجد أسطول البحر الأسود الروسي في سيفاستوبول حتى عام 2017، يكشف عن نوايا يوشينكو التي لا تستهدف مصالح أوكرانيا بقدر ما تحقق مصالح الغرب، في إخراج الأسطول الروسي من البحر الأسود. \r\n \r\n \r\n إلا أن يوشينكو بدلا من خدمة مصالح الغرب، اضر بمصالح جورجيا، لأن تصريحاته حول إلغاء الاتفاقية، سرعت بمساعي موسكو لإيجاد بديل وتكريس وجودها في أوسيتيا الجنوبية وأبخازيا، لتضمن بذلك بقاء الأسطول في البحر الأسود، والبدء في بناء قاعدة بحرية جديدة في ميناء باتومي الأبخازي. \r\n \r\n \r\n وبالرغم من التوتر المتفاقم بين روسيا والناتو لن يصل الأمر لاندلاع نزاع مسلح بين أسطول البحر الأسود الروسي ومجموعة سفن الناتو المتواجدة في البحر الأسود، إلا أن وجود 10 سفن حربية تابعة للناتو، منها ثلاث قطع أمريكية وأربع تركية وقطعة واحدة لكل من بولندا وألمانيا وإسبانيا، والتوقعات بوصول ثماني قطع أخرى تابعة للناتو، لا بد أن يدفع روسيا، ليس فقط للبقاء في البحر وإنما لتكثيف وجودها فيه، باعتبار أن البحر الأسود منطقة نفوذ ومصالح حيوية بالنسبة لروسيا. \r\n \r\n \r\n لذا لا بد من القول إن سياسة يوشينكو لا تهدد أمن أوكرانيا القومي ومصالحها فحسب، وإنما تسبب أضرارا حقيقية للدول الحليفة مثل جورجيا، والدول الأوروبية، لأن العداء بين موسكو وكييف، وسعي يوشينكو لإزاحة روسيا خارج المنطقة، سيؤدي بالفعل لتغلب الأصوات الروسية التي تطالب بشبه جزيرة القرم، على مواقف بوتين والكرملين. \r\n \r\n \r\n كاتب ومحلل سياسي أوكراني \r\n \r\n