وبعد انهيار الاتحاد السوفييتي تمسكت أوكرانيا بامتلاك القرم، ولم ينازعها الرئيس الراحل يلتسين، وذهبت موسكو توقع عقد إيجار لقاعدة سيفاستوبل مقابل مائة مليون دولار في السنة حتى عام 2017 ليبقى الأسطول الروسي الحربي هناك كمنفذ وحيد له على المياه الدافئة طوال العام، والآن بعد أن جاء البرتقاليون للحكم في أوكرانيا عام 2004 بدعم وتأييد من الغرب وواشنطن \r\n \r\n وبعد أن أعلنت أوكرانيا عن نيتها الانضمام لحلف شمال الأطلسي، تصاعدت حدة النزاع بين موسكو وكييف على قاعدة سيفاستوبل، حيث تريد أوكرانيا طرد الأسطول الروسي منها، لأن وجود القاعدة ووجود الأسطول فيها يحول دون انضمام أوكرانيا لحلف الناتو الذي من ضمن شروط عضويته عدم وجود قوات أجنبية من خارج الحلف على أراضي الدولة العضو، وبات من الضروري فسخ عقد إيجار القاعدة وطرد الأسطول الروسي من أهم قاعدة له. \r\n \r\n \r\n الأزمة تتصاعد بين البلدين، والتصريحات المتبادلة توحي بتصعيد أكبر، خاصة وأن موسكو ليس لديها مكان آخر لأسطولها الضخم، وأجهزة الأمن الأوكرانية أصدرت قرارا بمنع عمدة موسكو لوجكوف من دخول أوكرانيا بسبب تصريحه الذي اعتبر فيه شبه جزيرة القرم أراضي روسية، وسفير روسيا لدى حلف الناتو ديمتري راجوزين صرح بأن قرار خروشوف بمنح القرم لأوكرانيا غير شرعي، والرئيس الأوكراني يوشينكو أعلن عدم رغبة بلاده في استمرار عقد إيجار روسيا لقاعدة سيفاستوبل كخطوة لطرد الأسطول الروسي منها. \r\n \r\n \r\n هذه الأزمة كفيلة بتصعيد الخلافات بين أوكرانيا وروسيا لذروتها، وذلك لأنها لا تعني فقط إخلاء القاعدة من الأسطول الروسي بل تعني أيضا إحلال قوات حلف الناتو محل الأسطول الروسي، وهو أمر لن تقبله روسيا من ناحية ولن يقبله الشعب الأوكراني أيضاً من ناحية أخرى. \r\n \r\n \r\n وإذا كان الرئيس الأوكراني يزايد بهذا الأمر على خصومه السياسيين أمثال رفيقته السابقة في الثورة البرتقالية رئيسة الحكومة الحالية يوليا تيموشينكا والتي تطمح لمنصب الرئاسة وتسعى لها بقوة، فإن الرئيس يوشينكو يكون قد قرر اللعب بالنار، خاصة وأن تيموشينكا تسعى لفتح قنوات اتصال لها مع موسكو حتى تمسك العصا من طرفيها، فهي معروفة بولائها للغرب وفي نفس الوقت لا تريد الظهور بمظهر الخصم لموسكو حتى تكسب شعبية في الشارع الأوكراني الذي ترفض غالبيته الصدام مع الجارة الكبيرة روسيا. \r\n \r\n \r\n روسيا تملك أوراق ضغط كثيرة على أوكرانيا سواء منها الاقتصادية أو الشعبية أو السياسية أيضا، فالاقتصاد الأوكراني يعتمد بشكل كبير على مصادر الطاقة الروسية وعلى السوق الروسية لتسويق منتجاته، ورجال الأعمال الأوكرانيين ترتبط مصالحهم بشكل كبير بروسيا ويشكلون قوة ضغط كبيرة على النظام السياسي في كييف. \r\n \r\n \r\n أما الورقة الأخيرة والتي ربما تكون الحاسمة فهي الشعب الأوكراني نفسه الذي تربطه بالشعب الروسي روابط دينية وثقافية وتاريخية كبيرة وقوية، ولا يتصور أن يقبل هذا الشعب أن يقف مع أية جهة أجنبية ضد روسيا، خاصة إذا كانت هذه الجهة الولاياتالمتحدة الأميركية التي تكن لها شعوب المنطقة كراهية وعداء قديماً وراسخاً ولا تثق في سياساتها ووعودها. \r\n \r\n \r\n النظام الأوكراني يواصل سياساته ضد روسيا وهو يعلم أن موسكو لن تتخذ قرارات حادة ضد الشعب الأوكراني، ولن تستخدم سلاح الطاقة والضغوط الاقتصادية لأنها لا تريد إثارة غضب الشعب الأوكراني عليها، وقد يكون هذا الأمر صحيحا إلى حد ما، ولكن من المؤكد أن صبر روسيا له حدود. \r\n \r\n \r\n كاتب ومحلل سياسي أوكراني \r\n \r\n