\r\n واشنطن تريد المزيد من قوات الناتو المقاتلة من اوروبا كي تقوم بادوار قتالية فعالة. بعد خطاب يفتقر الى الدبلوماسية انتقص فيه وزير الدفاع الامريكي روبرت غيتس من الكفاءة المهنية لقوات الناتو العاملة فعلا في جنوبافغانستان وقال فيه \"الامريكيون يعرفون كيف يقومون بهذه الاشياء على نحو افضل\", اخبر غيتس لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ الامريكي انه يخشى من ان الناتو \"يتحول الى تحالف ثنائي البنية تجد فيه بعض الحلفاء المستعدين للقتال والموت من اجل حماية امن الناس وحلفاء اخرين ليسوا كذلك\". \r\n \r\n وتبعا لغيتس, فان الحلفاء غير المستعدين هم الالمان بشكل خاص الذين يؤدون واجبات التدريب واعادة الاعمار التي انتدبوا من اجلها في شمال افغانستان, لكن حكومتهم ترفض تحريكهم الى الجنوب لاداء ادوار قتالية ضد طالبان الذين يستعيدون اليوم الاراضي التي خسروها ابان التدخل الامريكي الاول في بلادهم عام .2001 \r\n \r\n يقول الناقمون في واشنطن ان الالمان وعددا اخر من الدول الاوروبية يعتقدون بان دورهم في افغانستان هو دور \"قوات حفظ السلام المسلحة. وليس دور المحارب الحقيقي داخل تحالف دولي\". \r\n \r\n وهذا هو الحال بالضبط. فقد انتدب حلف الناتو من قبل واشنطن للمساعدة في اعادة اعمار افغانستان, وليس لخوض حرب ثانية هناك هدفها في هذه المرة منع قوات طالبان من استعادة وطنهم الذي يرون انه رازخ تحت احتلال اجنبي غربي كافر. \r\n \r\n يعارض الرأي العام الالماني الحرب, ويوجه الضباط الالمان والبريطانيون معا الانتقادات الى اساليب واهداف السياسة الامريكية. ويعتقد الكثيرون بضرورة التوصل الى حل سياسي يستجيب للمصالح المشروعة لجماعة الباشتون التي ينتمي اليها طالبان والتي تشكل الجماعة العرقية الاكبر في افغانستان والمنطقة حيث يقدر عدد افرادها حوالي 40 مليون نسمة. \r\n \r\n بعض حكومات الناتو تؤيد السياسة الامريكية لكن حكومات اخرى في دول الحلف ترى ان الولاياتالمتحدة تتبع سياسة فرض حكومة ضعيفة مدعومة غربيا على الافغان وهي نفس السياسة التي تنتهجها في العراق مقابل كلفة باهظة في المعدات والارواح. \r\n \r\n هنا تكمن المشكلة الاساسية وسوف يكون على الاوروبيين مواجهتها وهم في معرض ايجاد \"سياسة امنية وخارجية موحدة\" يلتزم بها الاتحاد الاوروبي الممتد من البرتغال والسويد الى رومانيا وبلغاريا. لكنهم يجدون ان ما يجمعهم في هذا المجال هو الرغبة المشتركة في المحافظة على الاستقلال والامن المشترك. اما بخلاف ذلك فان من الصعوبة بمكان اتفاق شعوبهم وحكوماتهم على سياسة خارجية موحدة. \r\n \r\n عندما قام حلف الناتو (حلف دول شمال الاطلسي) كانت هناك مصلحة وسياسة مشتركة هي ان تضمن اوروبا الغربية قيام حلفائها زمان الحرب, ومن ضمنهم كنداوالولاياتالمتحدة, باتخاذ اجراء مشترك للدفاع عنها ضد امتداد النفوذ العسكري السوفييتي في اوروبا, وبدعم الحكومات الاوروبية الغربية ضد تهديد الانتفاضة الثورية او الانقلاب العسكري الذي يمكن ان تقوم به احزاب شيوعية وطنية وهو تهديد كان حقيقيا وقائما. \r\n \r\n هذا الهدف بعيد جدا عن التدخل في اسيا الوسطى, في بلد لا يكاد الاوروبيون يعرفون عنه شيئا, لدعم الجهود الفاشلة المبذولة للمحافظة على حكومة ترعاها الولاياتالمتحدة في افغانستان في وجه مقاومة محلية قوية. \r\n \r\n لا يرى الاوروبيون ان افغانستان تمثل تهديدا لهم ولا للناتو في اوروبا, في حين يعتقد الامريكيون بوجود تهديد ارهابي عالمي. \r\n \r\n كما يجد الاوروبيون الجهد المبذول لتحويل القضية الافغانية الى قضية حرب عالمية ايديولوجية يتواجه فيها الارهاب ضد الديمقراطية والسلام الدولي جهدا غير مقنع. \r\n \r\n حتى الاعضاء الجدد في الناتو, وهم الاعضاء الاشد رغبة في الوقوف في الصف الذي تقف فيه الولاياتالمتحدة, لا يتجاوز اهتمامهم موضوع امنهم الخاص بمواجهة روسيا او ضد الانفصاليين والنزاعات العنيدة المستعصية على الحل في منطقتهم, ولا مكان لافغانستان في دائرة اهتمامهم. \r\n \r\n في الفترة التي اعقبت نهاية الحرب الباردة مباشرة, فقدت الولاياتالمتحدة اهتمامها بالناتو. وكان حلفاؤها يرغبون في ادامة الحلف بدافع من مجاورتهم الجغرافية للغليان الذي عم روسيا ما بعد السوفييتية. في ذلك الحين كان يعتقد بان الحصول على تعاون الناتو ومن ثم الدخول في عضويته, بما يحمله ذلك من ضمانة امنية غربية ضمنية, يمكن ان يكون دافعا قويا لدول حلف وارسو السابقة باتجاه اصلاح جيوشها ومؤسساتها السياسية. \r\n \r\n ثم جاءت ازمة البلقان حيث كانت الولاياتالمتحدة غير مستعدة مبدئيا للتورط. وعندما قررت اخيرا ان تتدخل وجدت في الناتو اداة مفيدة ومصدرا للدعم. لكن ردة الفعل العسكرية الامريكية تلخصت بعد ذلك بعبارة \"لا تكررها مطلقا\" اذ ظهر ان مشاكل التعاون والتنسيق بين دول الحلف اكبر من فائدته. \r\n \r\n عندما تقدم الحلفاء في حلف الناتو تلقائيا بالدعم الى الولاياتالمتحدة بعد هجمات الحادي عشر من ايلول, قالت لهم واشنطن: لا, فلديها خططها الخاصة, وهي لا تريد تدخلا من قبل الحلف. وظل الامر على تلك الحال حتى احتاجت واشنطن الى تعزيزات لتثبيت الاستقرار في افغانستان. فكان طبيعيا ان تعود الصعوبات القديمة الى الظهور. \r\n \r\n ليس هناك سوى نموذج واحد للتحالف العسكري الفعال. وهو عندما تتوفر لدى المجموعة اراء ومصالح مشتركة وقوية, وتكون المجموعة مستعدة للتشاور والتفاهم. فان لم توجد وجهة النظر المشتركة فان التحالف لن يكون سوى رياء كاذب. ويحلو لواشنطن ان تتظاهر بان الناتو ما يزال هو الناتو القديم عند التعامل مع افغانستان, لكنه ليس كذلك. فالجوهر السياسي للتحالف مفقود في حالة ما يدعى بالحرب على الارهاب. \r\n