\r\n ومع توسع الاهتمام بإيران جرى تشجيع المحللين المسؤولين عن إيران كي يفكروا بشكل حر بغرض كسر تلك الثقافة التي سمحت بوقوع أخطاء كارثية تتعلق بأسلحة الدمار الشامل العراقية، وهذا ما دفع توماس فينغار نائب وكالة الاستخبارات القومية كي يأمر بإعطاء المحللين معلومات أكثر حول مصادرها، وبدلا من السعي لتثبيت المعلومات ضمن صناديق جاهزة مسبقا لإثبات صحة قضية ما أصبح عليهم أن يشرحوا ما تعني تحليلاتهم. \r\n \r\n كل ذلك انعكس في التقييم الذي قدمته الاستخبارات القومية حول إيران أخيرا، وهو يشكل تغييرا كاملا في الاتجاه بالنسبة لأوساط الاستخبارات. ففي عام 2005 كان حكمها على إيران بأنها «مصممة على تطوير أسلحة نووية». بدلا من ذلك كتبت الآن «نحن نحكم بثقة عالية أن إيران في خريف 2003 أوقفت برنامجها للأسلحة النووية» بسبب الضغط الدولي. وجاء التغيير الكامل في الاتجاه بعد استخدام قنوات عديدة للمعلومات وصلت في يونيو ويوليو الماضيين. وفي ذلك الوقت كانت هناك مسودة مختلفة تماما حول إيران تحت يد وكالة الاستخبارات القومية على وشك أن تنتهي. لكن «حجم وطبيعة» المعلومات الجديدة مثيرة للدهشة حسبما قال مسؤول رفيع بحيث «قررنا أن نرجع إلى الوراء». إنها تلك الخلطة من البيانات والمصادر التي أعطت المحللين «ثقة عالية» واتضح أن برنامج الأسلحة السرية قد تم إيقافه عام 2003. وهذا ما جعلهم يستبعدون سيناريو آخر كان قد كتبه «فريق أحمر» من الخبراء المتخصصين في الاستخبارات المضادة يرى أن المعلومات الجديدة هي خداع إيراني متعمد. \r\n \r\n ووصف مسؤول رفيع التحول الذي جرى خلال الصيف الماضي بأنه «ناجم عن ورود معلومات كانت موجودة عندنا لكننا لم نفهمها بالكامل من قبل». وتتضمن المعلومات القديمة رسوما تقنية من كومبيوتر إيراني تم الحصول عليه عام 2004 وفيه تبين أن العلماء الإيرانيين قد صمموا قنبلة نووية فعالة يمكن إطلاقها بصاروخ. وعلى الرغم من أن بعض المحللين الأميركيين تشككوا بصحة الدليل الذي تمثل بالكومبيوتر الحضني فإنهم يرون الآن أنه كان جزءا من برنامج «تسليح» سري تم التوقف عن تنفيذه في خريف 2003. \r\n \r\n وظل محللو الاستخبارات الأميركيون لعدة سنوات يتشككون بنبرة الولاياتالمتحدة وإسرائيل الحادة والتي تقول إن إيران تحت سيطرة حفنة من «الملالي المجانين». فالمحللون في تقريرهم الجديد طرحوا نظرة أخرى عن إيران حيث أنها حسب الصورة الجديدة بلد عقلاني وحساس تجاه الضغط الدبلوماسي وضمن هذا القياس قابلة «للردع». \r\n \r\n وجاء في تقرير وكالة الاستخبارات القومية أن «قرارات طهران يتحكم فيها مبدأ تكاليف الاستفادة أكثر من التحرك بسرعة لبناء أسلحة نووية من دون حساب التكاليف المترتبة عن ذلك سواء كانت عسكرية أو دبلوماسية أو اقتصادية». وقال مسؤول رفيع ردا عن سؤال ما إذا كان النظام الإيراني «قابلا للردع» قال: «الدبلوماسية تعمل، هذه هي الرسالة». وبينما ترى أوساط الاستخبارات إيران باعتبارها لاعبا عقلانيا فإن العمل مع النظام يظل غير شفاف. «صندوق أسود» حسبما ذكر مسؤول رفيع. «انت ترى النتيجة فيما يتعلق بالتخلي عن صنع الأسلحة النووية عام 2003 لكنك لا ترى عملية صنع القرار. وهذا شيء منطقي لكننا لم نكن نمتلك الأدلة» التي تقول إن إيران شعرت بعدم حاجتها للقنابل النووية بعد أن أطاحت الولاياتالمتحدة عدوها اللدود صدام حسين في أبريل 2003. يمكن القول إن النقاش حول تقرير وكالة الاستخبارات القومية حول إيران بدا للتو. لكن بالنسبة لأوساط الاستخبارات فإن هذه البينة على سيادة الحكمة التقليدية ستسترجع قدرا ما من سمعتها بعد كارثة اسلحة الدمار الشامل الخاصة بالعراق. وأمام القناعة الشاملة بتورط إيران سابقا في برنامج صنع قنابل نووية ذكر التقرير بتحذير عراب محللي سي آي أيه قبل عقود كثيرة، شيرمان كينت: «حينما تبدو الأدلة وكأنها تجبر على استنتاج واحد مباشرة فإن ذلك هو الوقت الذي تقلق فيه حول تعصب الشخص نفسه وعدم القيام بأي استبطان حي للضمير». \r\n \r\n *خدمة «كتاب واشنطن بوست» خاص ب«الشرق الأوسط» \r\n