وكنا فخورين لكننا كنا ايضا محزونين بشكل كبير. حيث كنا ندرك ان كلماتنا الهزيلة لا يمكنها ان تمنع قتل هؤلاء الناس الشجعان وسحق حركتهم. \r\n الان مرة اخرى يواجه المجلس العسكري المستبد الحاكم في بورما مطالب الشعب بحقوق انسان وفي هذه المرة من رهبان بوذيين بالقوة. ويعتقد البعض ان الانتفاضة البورمية الثانية قد تم اخمادها وانه لا يمكننا عمل الكثير من اجل مساعدتهم. وانا لا اوافق على هذا الرأي. حيث ان الانتفاضة السلمية الاحدث تعكس تغيرات جوهرية داخل بورما والعالم الاوسع. ولن يتم لمس مضامينها لبعض الوقت وان كان يمكن ان يتم توجيهها من خلال الرد الدولي المناسب. \r\n يجب الا يكون لدينا اوهام بشأن ما يجري في بورما. فالجنود يطاردون زعماء الحركة الاحتجاجية ويعذبونهم. ويتم الاستيلاء على الاديرة البوذية ويتم تجريد الرهبان من مناصبهم وضربهم واحيانا قتلهم. وتطالب الصحف الحكومية بالوحدة ضد (جواسيس او ادوات المستعمرين الجدد) و(القتلة في البث الفضائي) محطات البث الغربية التي يعتمد عليها البورميون في اخبارهم. والشعب خائف. \r\n غير ان الحكومة ايضا لديها اسباب للقلق. فمن خلال مهاجمة الاديرة، فانها تكون قد خلقت مشكلة لن يمكنها حلها، وهي ان هذه الاماكن المقدسة لدى البوذيين لا يمكن ان يتم اغلاقها للابد، وانه عندما يتم اعادة فتحها، فان المعارضة سوف تظهر مجددا. وعن طريق الانترنت، فان المعارضين في بورما صاروا اكثر اتصالا ببعضهم البعض وبالعالم عما كان عليه الحال من قبل. والقيادة صارت اكثر ابتعادا عن شعبها وعن الواقع، وانها تستخدم عاصمة جديدة وغريبة في الادغال. \r\n في هذه الاثناء فان جيران بورما في رابطة دول جنوب شرق آسيا الذين لم يعد يحكمهم جنرالات عبروا عن الاشمئزاز من العنف. وطالب مجلس الامن الدولي الذي صوتت فيه الصين بالنقض لقرار بشأن بورما قبل 9 أشهر طالب بمباركة صينية هذه المرة بان تطلق بورما سراح المعتقلين السياسيين. وارسل مبعوثا للتوسط في الحل الوحيد الذي يبدو واقعي وهو تحول سياسي سلمي متفق عليه يحتفظ فيه الجيش ببعض اوضاعه وماء وجهه. \r\n ما الذي سيدفع الجنرالات الى الاصغاء؟ العقوبات المفروضة من قبل عدد قليل من الدول لم تقنعهم من قبل. ويشير المتشككون انه لو غادرت شركات النفط الغربية بورما فان الشركات الآسيوية سوف تتنافس على شغل اماكنها. واذا توقفت الولاياتالمتحدة واوروبا عن شراء المجوهرات ورقائق الاخشاب البورمية فان غيرهم سوف يسد الفجوة. ومع ذلك فان الجنرالات غير محصنين. فسواء اصبحوا اثرياء من الغاز او المجوهرات او الاخشاب او صفقات المخدرات فان العائد في العادة ما يتم ايداعه بالعملة الصعبة (لان العملة البورمية ليست لها قيمة) في حسابات في اماكن مثل سنغافورة ودبي. وهذه الاموال بشكل عام لا يمكن ان يتم استخدامها على المستوى الدولي دون ان تمر عبر النظام المصرفي الاميركي او الاوروبي حيث يمكن من خلال هذا الجهاز وقفها كما اعلن الرئيس بوش يوم الجمعة الماضي بان الادارة الاميركية يمكن ان تحاول عمل ذلك. وتستطيع اميركا واوروبا ان تقنع او تجبر البنوك نفسها على تجميد ارصدة المجلس العسكري. \r\n احيانا ما يسقط الدبلوماسيون وخبراء السياسة الخارجية العقوبات من اعتباراتهم لانهم وعلى غرار الكثيرين منا لا يدركون العالم السري للاموال العالمية. غير ان عقوبات مالية مستهدفة صارت اكثر تعقيدا. على سبيل المثال فان عقودا من القيود التجارية العالمية ضد كوريا الشمالية لم يكن لها اثر كبير لكن عندما قامت الولاياتالمتحدة بمفردها بدفع بنك اجنبي واحد الى تجميد حساب واحد يخص زعماء كوريا الشمالية جاء كيم جونج ايل الى طاولة التفاوض النووي باسرع ما يمكن. وحتى الملوك لا يمكنهم تحمل ان يتم تجميد بطاقاتهم الائتمانية كما يمكن ان يدرك ذلك قريبا حكام بورما. \r\n البديل الذي يقترحه البعض هو غمر بورما بالمساعدات من اجل رفع مستوى المعيشة. غير ان حكام بورما ليسوا مثل الحكام في كوريا الجنوبية حيث اسهم الرخاء المتزايد في الانفتاح السياسي بل انهم في بورما اهملوا بشكل متعمد المدارس والرعاية الصحية فيها. واحبطوا المبادرات والمشروعات الخاصة في الوقت الذي اقاموا فيه نظاما يعمل لحسابهم الخاص حيث لا يستطيع احد ان يغتني دون موافقتهم. يمكن للمعونة الاجنبية ان تساعد بعض البورميين على البقاء. غير ان الاعتقاد بانها يمكن ان تأتي بالرخاء (دون حدوث تغيير سياسي كبير) هو من باب السخف او الترف الفكري. \r\n ثمة مشكلة مع العقوبات الذكية حيث ان السياسة الوحيدة التي يمكن ان تعمل مع بورما تتطلب اهتماما مستداما وهو ما لم ترغب اية ادارة حتى الان في توفيره. حيث انه سيكون على اشخاص كبار في واشنطن ان يعملوا سبعة ايام في الاسبوع في تعقب المال البورمي في انحاء العالم في نفس الوقت الذي يديرون فيه دبلوماسية متعددة الاطراف ومعقدة. \r\n غير ان هناك شيئا ما جديد وهو ان الرئيس الاميركي مهتم ببورما ويدفع الادارة للتحرك والقيام بعمل. وعليه ان يدرك ان بورما تعد من احد الاماكن التي لا تزال اميركا معجبة بها بشكل كبير وانه ليس على الادارة ان تختار الافضل من الخيارات السيئة وانها تتخلى عن تراث من الديمقراطية الناشئة. اولئك الذين لا يثقون من الناحية الشرعية في مقاربة بوش بشأن العالم يجب الا يكونوا متشككين في جهوده فيما يتعلق ببورما وبامكانية النجاح لو قامت الدول الاخرى بدورها. \r\n ان العقبة الرئيسية امام سياسة ناجحة فيما يتعلق ببورما هي في الاعتقاد باننا عاجزون الان كما كنا قبل 20 سنة. وان ندع الجنرالات المختبئين في حصونهم في الادغال يعتقدون انه لم يتغير شيء في العالم. فدعونا نثبت لهم العكس ونثبت لهم انهم مخطئون. \r\n توم مالينوسكي* \r\n * مدير منظمة هيومان رايتس ووتش الحقوقية في واشنطن \r\n * خدمة لوس انجلوس تايمز وواشنطن بوست خاص ب(الوطن