\r\n وكان نظام ماركوس قد ارتكب خلال فترة حكمه فسادا على نطاق أوسع مما هو منسوب إلى استرادا خلال الفترة القصيرة التي أمضاها كرئيس. وعلى الرغم من فترة ال 20 عاما والقضايا التي تفوق الحصر التي نظرتها المحكمة إلا أن أحدا من حقبة ماركوس لم يُذهب به إلى السجن. وظلت إيميلدا ماركوس تتمتع بالثروة والشهرة وانتخب أبناؤها في الكونغرس. \r\n ويكاد ينعدم احتمال أن يودع استرادا - 70 عاما - في السجن طيلة حياته ( فأقصى مدة هي 40 سنة) ولكن الاحتمال الغالب فإن أي وقت سيمضيه في تنفيذ العقوبة لن يختلف كثيرا عن حالة الإقامة الجبرية المرفهة التي يعيشها الآن في ظل استئنافه للحكم الصادر ضده. والواقع فإن رد فعل كثير من مؤيديه إزاء الحكم الصادر ضده يكشف بجلاء أنهم لا تساورهم الكثير من المخاوف حول المستقبل القريب لرئيسهم نجم السينما السابق. \r\n وقد حققت خليفة استرادا الرئيسة غلوريا أرويو انتصارا الى حد ما بعد ان شاهدت إدانة الرئيس السابق بالفساد وبإهدار 42 مليون دولار من المال العام بما في ذلك أموال من شركات مقامرة غير قانونية. وقد أضاف الاتهام الذي وجهته محكمة جرائم الفساد ثقلا إضافيا وإن كان محدودا على شرعية الإطاحة باسترادا عام 2001 عبر تحالف بين الجيش والكنيسة وقطاع الأعمال والمصالح العامة في أعقاب انهيار القضية التي وجهها مجلس الشيوخ متهما استرادا بإساءة استخدام السلطة. \r\n بيد ان أرويو تعلم جيدا أن استخدام القسوة في التعامل مع استرادا لن تزيد فحسب من حالة العداء المتأزمة بالفعل والتي تواجهها حكومتها ولكنها ستمنح أعداءها سببا آخر للضغط على ادعاءات تقوم على مزاعم قوية بحدوث تلاعب في انتخابات 2004 التي أكدت على بقاء أرويو في الحكم. كما أن القسوة في معاملة استرادا ربما تفتح الطريق أمام ردود أفعال ضدها بمجرد تركها لمنصب الرئاسة في 2010. ويؤكد موقف مرشحي مجلس الشيوخ المعارضين لأرويو خلال الانتخابات التي جرت في وقت مبكر من العام الجاري ومن بينهم أنصار استرادا على أن أرويو وزوجها - الذي تثار ضده ادعاءات بالكسب غير المشروع - لن ينعما بتقاعد هادئ إذا ارتأى هؤلاء أن استرادا ضحية. \r\n والمحاكم الفلبينية تتمتع بقدر من الاستقلال ومن المحتمل أن تؤيد المحكمة العليا قرار محكمة محاربة الفساد إلا أن الإجراءات القانونية قد يطول أمدها وخلال ذلك يبقى هناك احتمال قوي ان تصدر أرويو عفوا رئاسيا عن استرادا وهو ما قد يعود على كلا الطرفين بالفائدة. \r\n وقد ظلت الاتهامات بالفساد ملمحا جوهريا للساحة السياسية في الفلبين إلا أنه وعلى الرغم من الأعداد الكثيرة التي يتم الكشف عنها سواء من قبل الخصوم المنافسين أو من وسائل الإعلام فيبدو أن شيئا لا يتغير. \r\n وكما عبر عنه في إحدى المرات الكاتب الفلبيني جويل روكامورا انه لا شئ يحدث لإنهاء الفساد المنظم لأن الذين يوجودون خارج الدائرة لا يرغبون في تسميم الآبار التي سيشربون منها في يوم ما. وحتى لو غاب الجشع الشخصي لدى السياسيين فإنهم يظلون بحاجة الى أموال لدخول صراع الانتخابات. كما أنه وفي ظل غياب تنظيمات حزبية قوية يجب أن يكون هناك مصدر آخر للتمويل . \r\n وقد كان الفساد هو الذريعة وراء الإطاحة باسترادا. والسبب الأساسي هو عدم كفاءته في أداء مهام منصبه إلى جانب أن الصورة التي قدمها اعتبرتها النخبة ومعهم كثير من المعلقين الأجانب مهينة للوطن. \r\n وكان الدليل الرئيسي ضد استرادا قد قدمه أحد القائمين على تشغيل شركات القمار غير القانونية بعد ان أصابه الضجر من استرادا. وقد انتشرت شركات القمار وظلت تلعب دورها في دعم كثير من السياسيين. ولا يبدو ان هناك مؤشرا على تبدل تلك الأوضاع أو تطهير السياسة. إلا أن الصورة التي تظهر عليها أرويو بالعمل الجاد والكفاءة الإدارية قد ساعدتها حتى الآن في ابطال أية ادعاءات بارتكابها أخطاء جوهرية على الرغم من تحول كثيرين ممن ساعدوا في الإطاحة باسترادا ضدها. \r\n وربما يتمخض اتهام استرادا حتى وإن لم ينته إلى ايداعه السجن عن توجيه رسالة لجميع السياسيين ومن بينهم أرويو. وعلى الرغم من أن تبرئة استرادا قد تبدو مستغربة الا أنها خطوة الى الأمام مقارنة بما حدث لأصدقاء عائلة ماركوس. وربما تسفر الجهود المشتركة من القضاء الأعلى والمجتمع المدني ووسائل الإعلام عن تقليص حجم الفساد وتحسن في الوقت نفسه من أداء الحكومة. والفلبينيون يحدوهم الأمل نحو ذلك إلا أن هناك القليل ممن يرنون بأبصارهم الى طموحات أبعد. \r\n \r\n فيليب باورينغ \r\n كاتب في صفحة الآراء بصحيفة انترناشونال هيرالد تربيون \r\n خدمة انترناشونال هيرالد تربيون خاص بالوطن