\r\n وفيما يلي ما أخشى وقوعه: سينظر \"الديمقراطيون\" إلى بدلة بترايوس والميداليات والأوسمة التي توشح صدره، ثم يستسلمون ويتذللون كالعادة. لن يطرحوا أسئلة صعبة خوفاً من أن يُتهموا بانتقاد ومهاجمة الجيش. وبعد الإدلاء بالشهادة، سيسعون جاهدين لإقناع \"الجمهوريين\" بالموافقة على قرار يطلب بأدب من الرئيس بوش، ربما، سحب بعض القوات، إن كان يرغب في ذلك. \r\n \r\n ولكنّ، ثمة خمسة أمور آمل أن يتذكرها \"الديمقراطيون\" في الكونجرس. أولاً، لم يخلص أي تقييم مستقل إلى أن العنف في العراق قد تراجع. بل على العكس من ذلك؛ إذ تشير التقديرات، استناداً إلى سجلات مستودعات الموتى والمستشفيات والشرطة، إلى أن العدد اليومي لوفيات المدنيين يمثل الآن ضعف معدل العام الماضي تقريباً. وعلاوة على ذلك، فإن \"مكتب المحاسبة\" (التابع للكونجرس) لم يسجل أي تراجع في معدل الهجمات اليومية بالعراق. \r\n \r\n سينظر \"الديمقراطيون\" إلى بدلة بترايوس والميداليات والأوسمة التي توشح صدره، ثم يستسلمون ويتذللون كالعادة. لن يطرحوا أسئلة صعبة خوفاً من أن يُتهموا بمهاجمة الجيش. \r\n \r\n وعليه، فكيف يمكن للجيش أن يدعي خلاف ذلك؟ أغلب الظن أن \"البنتاجون\" يتوفر على صيغة سرية للغاية يستعملها للتمييز بين أعمال القتل الطائفي (السيئة) وأعمال القتل الأخرى (غير المهمة)؛ حيث يفيد عدد من التقارير الصحفية بأن الوفيات الناجمة عن تفجير السيارات يتم استبعادها. كما أن محللاً استخباراتياً أخبر صحيفة \"واشنطن بوست\" مؤخراً بأنه \"إذا دخلت الرصاصة من خلف الرأس، فإنها طائفية؛ وإذا دخلت من الجبهة، فإنها إجرامية\". وعليه، فإن عدد القتلى في انخفاض طالما أننا نحصي بعض أنواع القتلى فقط. \r\n \r\n وبالمناسبة، فإن بغداد تعيش تطهيراً عرقياً، حيث تعمل المليشيات الشيعية على طرد السُّنة من معظم المدينة. وهل تعلمون؟ عندما يتم القضاء على منطقة سُنية وينخفض عدد الموتى في تلك المنطقة لأنه لم يبق هناك أحد للقتل، فإنه يُنظر إلى هذا الأمر باعتباره تقدما بمقاييس البنتاجون. \r\n \r\n ثانياً، معروف عن بترايوس تقييمه المغرق في التفاؤل في العراق، وهو أمر يصب في مصلحة رؤسائه السياسيين. \r\n \r\n فقد كتبت من قبل حول مقال رأيٍ لبترايوس نُشر قبل ستة أسابيع من انتخابات 2004، تحدث فيه عن حدوث \"تقدم ملموس\" في العراق؛ قائلاً إن \"عناصر الأمن العراقية بصدد التشكل\" وإن \"تقدماً تم تسجيله في الجهود الرامية لتمكين العراقيين من تحمل مزيد من المسؤوليات الأمنية\". وبعد عام على ذلك، أعلن بترايوس مرة أخرى أن \"ثمة تقدماً هائلاً بالنسبة لقوات الأمن العراقية\". \r\n \r\n غير أن سنتين مرتا على هذا الكلام؛ واليوم توصي لجنةُ الضباط العسكريين المتقاعدين، التي عينها الكونجرس بهدف تقييم قوات الأمن العراقية، بتفكيك قوات الشرطة العراقية التي ينخرها الفساد والطائفية؛ وترى أن الجيش العراقي \"لن يكون قادراً على الاضطلاع بمسؤولياته الأمنية الأساسية بشكل مستقل على مدى يمتد من الأشهر الإثني عشر، إلى الأشهر الثمانية عشر المقبلة\". \r\n \r\n ثالثاً، إن أي مخطط يعتمد على اعتراف البيت الأبيض بالواقع هو ضرب من ضروب الخيال. فحسب صحيفة \"ذا سيدني مورنينغ هيرالد\" ليوم الثلاثاء، فإن الرئيس بوش أخبر نائب رئيس الوزراء الأسترالي ب\"أننا فعالون\" في العراق. وهو كلام يغني عن كل تعليق. \r\n \r\n رابعاً، ما يُستخلص من السنوات الست الماضية هو أن \"الجمهوريين\" سيتهمون \"الديمقراطيين\" بالافتقار إلى الحس الوطني، وذلك مهما فعل \"الديمقراطيون\". فقد منح \"الديمقراطيون\" بوش كل ما يريده في 2002؛ وكانت مكافأتهم إعلاناً يهاجم السيناتور \"الديمقراطي\" السابق ماكس كليلاند، الذي فقد كلا ساقيه وذراعه في حرب فيتنام، وتظهر في الإعلان صورتان لأسامة بن لادن وصدام حسين. \r\n \r\n وأخيراً، فإن الجمهور يكره هذه الحرب ويريد نهايتها؛ فالناخبون غاضبون من \"الديمقراطيين\"، ليس لأنهم يعتقدون أن زعماء الكونجرس ليبراليون جداً، وإنما لأنهم يرون أن الكونجرس لا يفعل شيئاً لوقف الحرب. \r\n \r\n في ضوء كل هذه الأمور، علينا أن نتساءل بشأن ما الذي يفكر فيه \"الديمقراطيون\" الذين يبحثون، حسب صحيفة \"نيويورك تايمز\"، في إمكانية توافق يحدد \"هدفاً\" للانسحاب بدلاً من جدول زمني. والحال أن كل ما قد يحققه توافقٌ من هذا القبيل هو منح \"الجمهوريين\" الذين يحبون أن يبدوا معتدلين –والذين يصوتون دائماً مع إدارة بوش- غطاء سياسياً. \r\n \r\n سيتكرر الأمر نفسه مرة أخرى بعد ستة أو سبعة أشهر من اليوم؛ وستُلتقط لبوش صور أخرى في \"كامب كابكيك\"، وهو الاسم الذي يطلقه جنود المارينز على القاعدة الجوية الضخمة التي لم يغادرها أبداً خلال زيارته الأخيرة للعراق. وستغير الإدارة الأميركية الهدف مرة أخرى، وسيأتي الجيش بطرق جديدة لتغيير الحقائق وادعاء النجاح. \r\n \r\n الأكيد هو أن انتخابات 2008، وعلى غرار 2004، ستكون انتخابات يطغى عليها موضوع الحرب، وسيشدد فيها \"الجمهوريون\" على أن التصويت على \"الديمقراطيين\" إنما يمثل تصويتا ضد القوات. غير أن السؤال هو ما إن كانوا سيستطيعون أيضاً أن يزعموا مرة أخرى بأن \"الديمقراطيين\" متقلبون لا يقدرون على اتخاذ القرارات والبت في الأمور. \r\n \r\n \r\n بول كروجمان \r\n \r\n \r\n \r\n \r\n كاتب ومحلل سياسي أميركي \r\n \r\n ينشر بترتيب خاص مع خدمة \"نيويورك تايمز\" \r\n \r\n \r\n