\r\n هذا على الأقل ما تظهره استطلاعات الرأي، والرسائل الإلكترونية التي يتلقاها الكونجرس، كما أنها الرغبة التي عبر عنها الناخبون عندما أعادوا \"الديمقراطيين\" إلى الكونجرس في شهر نوفمبر الماضي. \r\n لكن مع ذلك مازالت الحرب في العراق مستمرة ومازالت القوات الأميركية منتشرة هناك. واتضحت عرقلة التفويض الشعبي بشكل أكبر في الأسبوع الماضي عندما فشل الكونجرس في إلغاء نقض الرئيس بوش لمشروع قانون يربط تمويل الحرب بجدولة الانسحاب من العراق. فقد أبدت الأغلبية \"الديمقراطية\" استعدادها لحذف الإشارة إلى الجدول الزمني، فضلاً عن تنازلات أخرى ستأتي أثناء المفاوضات الجارية مع البيت الأبيض. والسؤال الطبيعي الذي يبرز هنا هو: لماذا لا تنعكس إرادة الرأي العام، التي تتأثر باستمرار تواتر الأنباء عن وقوع قتلى في صفوف القوات الأميركية في العراق، على أرض الواقع وتتحول إلى تحرك ما في واشنطن؟ الواقع أن جزءاً من الجواب يكمن في الدستور الأميركي الذي يجعل من الرئيس القائد الأعلى للقوات المسلحة، والمسؤول الوحيد المنتخب الذي يخضع لأوامره كل جنرال وجندي في الجيش. \r\n وينص الدستور على مشاطرة الكونجرس لسلطة شن الحرب، لكن فقط من خلال صلاحياته في تمويل العمليات عسكرية. هذا ويتوفر، في هذه اللحظة، القائد الأعلى للقوات المسلحة على خطة واضحة تقضي بنشر قوات إضافية حول بغداد على أمل إخماد العنف الطائفي وإتاحة الفرصة للسياسيين العراقيين لتجميع حكومة قادرة على العمل. ورغم أنه لا يوجد ما يضمن نجاح هذه السياسة، إلا أنها تبقى مع ذلك استراتيجية واضحة المعالم. والمشكلة بالنسبة للكونجرس الذي يسيطر عليه \"الديمقراطيون\" هي غياب أي اتفاق على خطة معينة، إذ يبدي معظم \"الديمقراطيين\" تحفظهم إزاء ممارسة حقهم في قطع التمويل على الحرب في العراق مخافة أن يظهروا وكأنهم يتخلون عن الجنود وسط المعركة. ولأنهم لا يستطيعون قطع التمويل اضطر \"الديمقراطيون\" إلى تبني بديل غير مريح باقتراحهم الاستمرار في تمويل الحرب التي يعارضها أغلبهم، وفي نفس الوقت وضع شروط على طريقة إدارتها، وهو ما يعتبره بوش تقويضاً لفرص نجاح استراتيجيته. \r\n هذا الموقف غير المريح ل\"الديمقراطيين\" الذي يدفعهم إلى مجاراة الرئيس بوش على مضض لن يستمر طويلاً. فمع حلول شهر سبتمبر المقبل سيصدر الجنرال \"ديفيد بيترايوس\" تقييمه حول مدى نجاح استراتيجية بوش في العراق، وما إذا كانت الخطة الأمنية لبغداد قد استطاعت فعلاً إخماد العنف. فإذا ثبت أن الخطة الأمنية قد آتت ثمارها ومنحت الفرصة للعراقيين لبدء الإصلاح السياسي واستيعاب القوى الأخرى فإن ذلك سيتعزز من موقف الرئيس في حشد التأييد الشعبي لاستراتيجيته. أما إذا فشلت الخطة فإنه من المتوقع أن ينضم العديد من \"الجمهوريين\" إلى صفوف المعارضة \"الديمقراطية\" للمطالبة بخطة بديلة ستدعو إلى سحب جزء كبير من القوات الأميركية. وبطريقة، أو بأخرى سيتم الانتباه إلى ما يقوله الرأي العام بشأن العراق في ظل صعوبة تخيل أن \"الجمهوريين\" سيخطون نحو الانتخابات الرئاسية المقبلة لعام 2008 وأكثر من 150 ألف جندي أميركي مازالوا في العراق يتكبدون الخسائر يوماً بعد يوم. \r\n لكن إذا ما أحجم \"الجمهوريون\" عن أخذ المبادرة من خلال الرئيس بوش فإن الاحتمال الأكبر هو إنهاء رئيس \"ديمقراطي\" للحرب بعد سيطرة الحزب على البيت الأبيض. فالحروب، كما يشير إلى ذلك التاريخ الأميركي، تنتهي عندما يقرر الشعب الأميركي ذلك. فالرئيس \"دوايت إيزنهاور\" انتخب في 1952 لأنه تعهد بإنهاء الحرب الكورية، و\"ريتشارد نيكسون\" دخل البيت الأبيض عام 1968 بعد أن تعهد بإنهاء حرب فيتنام. لذا فإنه إذا لم ينهِ الرئيس بوش الحرب الآن فإن رئيساً \"ديمقراطياً\" سيقوم بذلك بدلاً عنه. \r\n \r\n ديفيد برودر \r\n كاتب ومحلل سياسي أميركي \r\n ينشر بترتيب خاص مع خدمة \"لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست\" \r\n \r\n \r\n