ارتفاع أسعار النفط مع ترقب محادثات السلام بين روسيا وأوكرانيا    مناورات صينية واسعة تطوّق تايوان    "القاهرة الإخبارية" تكشف آخر تطورات دخول شاحنات المساعدات الإنسانية والإغاثية إلى غزة    السحب الرعدية تسيطر.. تحذيرات من صواعق برق ورياح هابطة تضرب شمال الدلتا    خاصة في فترة الامتحانات| لا تتجاهل الأطعمة التي تساهم في تجنب الكسل    ننشر نتائج الحصر العددي للدائرة الأولى بالفيوم    أسعار اللحوم الحمراء اليوم الأثنين 29 ديسمبر    قضايا الدولة تنعى المستشارة سهام صبري الأنصاري    الصين: نعارض أي محاولة لتقسيم الأراضي الصومالية    مصرع 16 شخصا جراء حريق فى دار للمسنين بإندونيسيا    المغرب يواجه زامبيا بحثا عن تذكرة التأهل لثمن نهائي أمم أفريقيا    كامل الوزير: مصر مستعدة لتلبية احتياجات جيبوتي من الأدوية والسلع الغذائية    نشرة طقس اليوم الإثنين.. تنبيه لضربات البرق والرعد بهذه المناطق    التحقيقات تكشف مفاجآت فى واقعة الهروب الجماعى من مصحة الجيزة    اسعار الذهب اليوم الإثنين 29ديسمبر 2025 فى محلات الصاغه بالمنيا    جامعة بنها: صندوق التكافل يسدد المصروفات الدراسية عن الطلاب غير القادرين    أشرف صبحي يناقش ربط الاتحادات إلكترونيا وتعزيز الحوكمة الرياضية    حالة الطقس ودرجات الحرارة المتوقعة اليوم الاثنين    حظك اليوم الاثنين 29 ديسمبر.. وتوقعات الأبراج    الداخلية تكشف ملابسات فيديو «توزيع أموال على الناخبين» بسوهاج وتضبط المتورطين    قطرات الأنف.. كيف يؤثر الاستخدام المتكرر على التنفس الطبيعي    طبيب روسي يحذر: انخفاض ضغط الدم خطر بعد التعافي من الإنفلونزا    مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 29 ديسمبر 2025 في القاهرة وعدد من المحافظات    استقرار أسعار مواد البناء بأسوان اليوم الإثنين 29 ديسمبر 2025    نجوم الفن فى ضيافة عمرو الليثى ليلة رأس السنة على «الحياة»    وزير الإعلام الصومالي: اعتراف إسرائيل بأرض الصومال انتهاك لسيادتنا.. وسنلجأ للأمم المتحدة    أوصاني بحذف أغانيه.. شحتة كاريكا يكشف اللحظات الأخيرة في حياة الراحل أحمد دقدق    طارق الشناوي: المباشرة أفقدت فيلم «الملحد» متعته ولم يُعوِّض الإبداع ضعف السيناريو    رئيس اتحاد المستأجرين: عقودنا رضائية.. وقدمنا 36 طعنا بعدم دستورية قانون الإيجار القديم    متحدث الوزراء: الحكومة تحاول تقديم أفضل الخدمات لمحدودي ومتوسطي الدخل وفق الموارد المتاحة    مئات الالاف في غزة يرتجفون بردا والصقيع يقتل الأطفال في الخيام    وداع موجع في كواليس التصوير... حمزة العيلي يفقد جده والحزن يرافقه في «حكاية نرجس»    أحمد عبد الله محمود يكشف ملامح شخصيته في «علي كلاي»    هل تتزوج لطيفة في 2026؟.. توقعات «بسنت يوسف» تثير الجدل    أمطار غزيرة تضرب الإسكندرية تزامنًا مع نوة الميلاد ورفع جاهزية الصرف الصحي    بالرقص والهتاف.. احتفالات واسعة في طهطا عقب إعلان فرز اللجان الانتخابية    مباحث العبور تستمع لأقوال شهود العيان لكشف ملابسات حريق مخزن كراتين البيض    نتيجة الحصر العددى للأصوات بالدائرة الثامنة دار السلام سوهاج    يحيى حسن: التحولات البسيطة تفكك ألغاز التاريخ بين الواقع والافتراض    فوضى السوشيال ميديا    اليوم، الاجتماع الأخير للجنة الرئيسية لتطوير الإعلام بعد انتهاء مهامها    كشف ملابسات تعليق بشأن سرقة دراجة نارية لطفل بدمياط    كشف ملابسات مشاجرة بين أنصار مرشحين بدار السلام في سوهاج    الفرق بين الحزم والقسوة في التعامل مع الأبناء    طفرة غير مسبوقة بالمنيا.. استرداد 24 ألف فدان وإيرادات التقنين تقفز ل2 مليار جنيه    ما هو فضل الدعاء وقت الفجر؟    مشروبات تهدئ المعدة بعد الإفراط بالأكل    اشتعال المنافسة، كوت ديفوار والكاميرون يكتفيان بالتعادل الإيجابي في أمم أفريقيا 2025    أمم إفريقيا – تعرف على جميع مواعيد مباريات الجولة الثالثة    حسم التأهل مبكرًا.. مصر ونيجيريا والجزائر إلى دور ال16 من أمم أفريقيا 2025    طاهر أبو زيد: مكاسب حسام حسن مع المنتخب إنجاز رغم الظروف.. والمرحلة المقبلة أصعب    كأس عاصمة مصر - أحمد عبد الله يدير لقاء الأهلي ضد المقاولون العرب تحكيميا    الجزائر يتصدر المجموعة الخامسة ب6 نقاط ليحسم تأهله رسميا لدور 16 بأمم أفريقيا    الداخلية السورية: احتجاجات الساحل نتيجة دعوات انفصالية    الأزهر للفتوي: ادعاء معرفة الغيب والتنبؤ بالمستقبل ممارسات تخالف صحيح الدين    صاحب الفضيلة الشيخ / سعد الفقي يكتب عن : شخصية العام!    دار الإفتاء توضح حكم إخراج الزكاة في صورة بطاطين    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم فى سوهاج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الورطة العراقية... ثلاثة دروس من أربيل!
نشر في التغيير يوم 18 - 02 - 2010

وبما أن هذا هو واقع الحال، فليس هناك ما يثير الاستغراب في بروز القادة الدينيين الذين يسيطرون على السياسات بين سُنة وشيعة مسلمي العراق في أنحاء متفرقة منه. غير أن هذا الواقع لا ينطبق على الجزء الشمالي منه، أي في إقليم كردستان. فعلى الرغم من أن الإقليم لم تتطور التجربة السياسية فيه إلى حد الممارسة الديمقراطية الكاملة، فإنه ماض في بناء مؤسسات المجتمع المدني الرئيسية. وقد التقيت بممثلي 20 من هذه المؤسسات والمنظمات الكردية: اتحادات وجمعيات حقوق إنسان، ومنظمات رقابة سياسية، ومحررين وممثلات للمنظمات والجمعيات النسوية. ومما خرجت به من لقائي بهم واستماعي إليهم، ضرورة دراسة كيف سار نهج التحول الديمقراطي بكل هذا النجاح هنا في أربيل، حتى يتسنى لنا إدراك ما تمكنا أو عجزنا عن تحقيقه في مسار التحول الديمقراطي في العراق، بل وعلى نطاق العالم العربي كله.
\r\n
\r\n
يجدر بالذكر أن الولايات المتحدة لعبت دوراً أساسياً في إنجاح التجربة الكردية هذه. ففي عام 1998 ساعدت بلادنا في وضع حد للحرب الأهلية الكردية، إثر حل النزاع الدائر حينها حول السلطة بين عشيرتين رئيسيتين متنافستين حينها. وبذلك فقد توفر الأساس اللازم لإجراء انتخابات حرة نزيهة تستهدف اقتسام السلطة في عام 2005. وبعد إسقاطنا لنظام صدام حسين في عام 2003، فقد انفتح الإقليم الكردي أمام فيض هائل من الاستثمارات ورؤوس الأموال الأجنبية. فذاك هو كل الذي فعلناه هنا ولا شيء غيره. واليوم فليس ثمة وجود لدبلوماسي أو جندي أميركي واحد في الإقليم. ومع ذلك فإن الحياة السياسية مزدهرة ونامية هنا، تماماً مثلما هي الحياة الاقتصادية في الإقليم. فتلك هي إرادة أهل الإقليم ومشيئتهم. وبالمقارنة، فإذا ما اتجهنا جنوباً بضعة كيلومترات فحسب، فلا شيء يذكر من تحول كهذا، على رغم إنفاقنا لمليارات الدولارات في مسعى منا لغرس الديمقراطية في المناطق السُنية والشيعية من العراق.
\r\n
\r\n
ونخرج من هذه المقارنة باستخلاص ثلاثة دروس أساسية أولها أنه يستحيل بناء أي حياة سياسية مستقرة في جنوبي العراق، قبل حل النزاع الدائر الآن حول السلطة بين المسلمين السُنة والشيعة. ثانياً وما أن يعقد شعب ما العزم على القعود بمسيرة التقدم السياسي والاقتصادي لبلادهم، فلا شيء يوقف تحقيق تلك المشيئة مطلقاً، كما يتعذر لأي كان تقديم العون لمن لا يرغبه أصلاً، بل هو راغب عن مساعدة نفسه أصلاً. أما الدرس الثالث والأخير فهو أن للثقافة أهميتها ودورها في عملية إعادة البناء الديمقراطي.
\r\n
\r\n
يستحيل بناء أي حياة سياسية مستقرة في جنوب العراق قبل حل النزاع على السلطة بين المسلمين السُنة والشيعة، كما أن للثقافة دورا مهما في عملية إعادة البناء الديمقراطي.
\r\n
\r\n
فكما أوضح لي \"سلام باواري\" –مدير مركز أبحاث الديمقراطية وحقوق الإنسان بكردستان- فإن الصيغة الكردية من الإسلام تتسم بالاعتدال والتسامح، ما ساعد على ازدهار ثقافة التعدد في الإقليم. وفيما قاله لي إن لهم تاريخاً يعود إلى ألفي عام من التعايش المشترك لأهل الإقليم ومن حولهم. وعلى رغم وجود نزاعات كردية-عربية إلى اليوم، إلا أن مستوى التسامح الموجود في الإقليم، قلما وجد له مثيل في الأنحاء الأخرى من العراق.
\r\n
\r\n
أذكر أنني وأثناء زيارتي هذه لإقليم كردستان، قد قرأت كتاب \"الاسم الموجب للديمقراطية: نهوض ومخاطر أكثر أشكال الحكم شعبية في العالم\"، وهو من تأليف صديقي \"مايكل ماندلباوم\"، الخبير في الشؤون الخارجية بجامعة \"جونز هوبكنز\". ومما شد انتباهي علاقة الكتاب الوثيقة بالمشروع الأميركي الرامي لإحداث التحول الديمقراطي في العراق وما وراءه. ومما أثاره \"ماندلباوم\" أن الديمقراطية تتألف من مكونين رئيسيين هما الحرية والسيادة الشعبية. وفي رأيه أن الحرية تشمل ما تقوم به الحكومات: سيادة القانون، حماية المواطنين من إساءة الدولة لاستخدام سلطتها، إضافة إلى وضع اللوائح والقوانين التي تعمل بموجبها المؤسسات الحكومية. أما السيادة الشعبية فتتضمن بين عدة عناصر أخرى، الكيفية التي يختار بها الشعب من يحكمه عبر الانتخابات الحرة النزيهة. وعليه فإن من رأي ماندلباوم أن ما يجري في بغداد الآن، إنما يرمز إلى تلك الحالة التي تجري فيها الانتخابات في ظل غياب الحرية. والنتيجة الطبيعية هي أن ينتهي الأمر إلى سيادة استبداد الأغلبية، أو إلى ما أشار إليه فريد زكريا بعبارة \"الديمقراطية غير الليبرالية\". وعلى نقيض هذه الحالة، فإنه لا تزال أمام كردستان فرصة بناء ديمقراطية متوازنة، لكون الإقليم يعمل على بناء مؤسسات الحرية وليس مجرد عقده للانتخابات الشكلية الصورية.
\r\n
\r\n
ومما قال به \"ماندلباوم\" في إطار مقارنته بين ما يجري في بغداد وكردستان، إن في وسع أميركا وغيرها من الدول الأخرى تقديم يد العون في تهيئة الظروف والمناخ الملائمين لغرس الديمقراطية وتمكين جذورها من الضرب عميقاً في تربة بلد ما. غير أن الذي يبقى خارجاً عن الإرادة الأجنبية، أن يختار الشعب نفسه تطوير المهارات ونشر القيم الكفيلة بنمو ذلك الغرس وازدهاره.
\r\n
\r\n
وعلى حد تعبير \"همين مالازادا\" –رئيس اتحاد صحفيي كردستان- فإذا ما نظر المرء إلى جنوبي العراق، فإنه يلحظ غياب النزعة الديمقراطية لدى الحكومة والشعب معاً، في حين أن الحكومة الديمقراطية لا تكون في الأصل إلا لشعب ديمقراطي. ومن رأي \"ماندلباوم\" أن إحدى الوسائل التي يمكن بها تطوير البرامج التشغيلية للحرية هي العمل على بناء وازدهار السوق الحرة، وأن هناك واحداً منها على الأقل هناك في كردستان. وبالمقارنة فلا شيء سوى الفوضى العارمة في اقتصاديات الأنحاء الأخرى من العراق. ويدعم \"ماندلباوم\" رأيه هذا بالقول إن في وسع \"اقتصاد السوق\" أن يجعل للمواطنين سهماً في بناء السلام فضلاً عن تمكينهم من التعامل مع الأجانب على نحو بناء وأكثر إيجابية. ذلك أن اقتصاد السوق يعلّم المواطنين أساسيات الممارسة الديمقراطية وأصول الثقة المتبادلة وفنون التفاوض والتنازلات. وليس مستبعداً أن تخيب الديمقراطية بسبب انعدام التسامح الديني ونقمة النفط والإرث الاستعماري متبوعاً باستبداد الديكتاتوريات العسكرية، على نحو ما نرى في منطقة الشرق الأوسط. ومن هذا الدرس العراقي نتعلم حقيقة استحالة بناء الديمقراطية ما لم يرغب الشعب العراقي في ركني الديمقراطية معاً: الحرية والحكم الذاتي.. وما لم يسهم هو نفسه في بنائهما.
\r\n
\r\n
\r\n
\r\n
توماس فريدمان
\r\n
\r\n
\r\n
\r\n
\r\n
\r\n
كاتب ومحلل سياسي أميركي
\r\n
\r\n
ينشر بترتيب خاص مع خدمة \"نيويورك تايمز\"
\r\n
\r\n
\r\n


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.