\r\n كان كروكر قد عبر مؤخرا عن التشاؤم من التقدم في العراق، قبل ثلاثة أسابيع فحسب من مواجهة الكونغرس. وكان الرئيس الأميركي جورج بوش بدوره قد هاجم سريعا وانتقد رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي. \r\n إن الوضع في العراق ليس على الإطلاق هو ما توقعته واشنطن، وسيؤثر في الناخبين الأميركيين في الوقت الذي تتجلى فيه الحملة الانتخابية الأميركية. وفي الواقع، فإن سياسة الولاياتالمتحدة في الشرق الأوسط بكاملها تدع عقولا سياسية كبيرة خائبة الآمال، كما وضح ذلك في استطلاع حديث للرأي لعدد 108 خبراء بارزين في مكاتب حكومية رئيسة، بما فيها وزارة الخارجية الأميركية والبنتاغون والإدارة الرئاسية الأميركية نفسها. \r\n لقد قدمت إدارة بوش الحملة على أفغانستان والعراق على أنها جزء من \"الحرب على الإرهاب\"، التي تم شنها لضمان سلامة الأميركيين بالداخل والخارج. كان الأمن مستحيلا بدون تغيير ديمقراطي في الشرق الأوسط الكبير، ولهذه الغاية كان العراق وأفغانستان يعملان ويفيدان كنموذجين سيضعان مثلا مضيئا للمنطقة بأسرها. \r\n لقد مرت ست سنوات منذ بداية الحملة على أفغانستان، وأربع سنوات ونصف السنة منذ غزو العراق. فإلى أي مدى في ذاك الوقت اقتربت الولاياتالمتحدة من تحقيق أهدافها؟ وهل الأميركيون أكثر أمنا الآن عما كانوا من خمس أو ست سنوات مضت؟ وإذا كان من شيء يقوله استطلاع الرأي هذا، فهو أن السياسة الخارجية الأميركية لم تفشل فقط ولكنها كارثة. فأكثر من 90% من المستطلعة آراؤهم قالوا إن العالم قد أصبح مكانا أخطر بكثير بالنسبة للأميركيين بزيادة قدرها 10% أكثر من نتيجة استطلاع رأي مشابه أجري في شهر فبراير الماضي. \r\n ويعتقد ما يقرب من 84% أن الولاياتالمتحدة تخسر حربها على الإرهاب (أكثر من 9% في فبراير). ويتوقع أكثر من 80% بقليل هجوما إرهابيا على بلدهم يُقارن في مداه برعب 11 سبتمبر في غضون السنوات العشر القادمة. \r\n ولا يوافق أكثر من 53% (بزيادة قدرها 22%) على نية الرئيس بوش لتعزيز القوات الأميركية في العراق. ويعتبر 68% تقريبا أنه من الضروري سحب القوات الأميركية في غضون 18 شهرا، بينما ما زال 3% فقط يأملون في أن يتحول العراق في نهاية المطاف إلى نسق ونموذج لديمقراطية شرق وسطية. \r\n إن التشكك كبير مثل كبره في مجالات أخرى من سياسة الولاياتالمتحدة في الشرق الأوسط. وكان أحد الأسئلة في الاستطلاع سؤالا يخص الدول التي قد تكون تؤوي إرهابيي \"القاعدة\". وتقدمت باكستان وهي واحدة من الدول التي يعلق عليها البيت الأبيض آماله القائمة بنسبة 35%، وجاء العراق في المرتبة التالية بنسبة 22%. وتلتهما الصومال بنسبة 11%، ثم السودان بنسبة 8% والأرجنتين بنسبة 7%. \r\n وكان هناك سؤال ثان عن الدول التي يمكن أن توفر سبيلا للإرهابيين للوصول إلى أسلحة نووية في غضون الثلاث سنوات أو الأربع سنوات القادمة. وتقدمت باكستان مرة أخرى القائمة بنسبة 74%، ثم كوريا الشمالية بنسبة 42%، ثم روسيا بنسبة 38%، ثم إيران بنسبة 31%. وقد جاءت الولاياتالمتحدة في المؤخرة بنسبة 5 %. \r\n ومهما قد نعتقد بشأن استطلاع آراء الخبراء، فإنه يظهر تحرر واشنطن المتزايد من الوهم فيما يتعلق بسياستها. فهي فشلت بالتأكيد في العراق وباكستان. إن السياسة تجاه إيران مبهمة وتغلفها الإثارة. وتصر أغلبية على الدبلوماسية والعقوبات كأسلحة وحيدة للحد من طموحات إيران النووية. وباختصار، يريد الخبراء مراجعة كاملة للسياسة الأميركية في الشرق الأوسط. \r\n ولا يقولونها مباشرةً فالنتيجة أو الاستنتاج يأتي من تقييماتهم لنقاط محددة في السياسة الأميركية. وتعتقد أغلبية من المستطلعة آراؤهم أن الولاياتالمتحدة يجب أن تتصل بدرجات متفاوتة بالجماعات التي تصنفها بالإرهابية عندما يكون لها دعم وتأييد عام في بلادها، مثل \"حماس\" في فلسطين، و\"حزب الله\" في لبنان وهو ما يعني سياسة شرق أوسطية متحولة. \r\n ويظهر الاستطلاع أن صفوة أو نخبة السياسة الخارجية الأميركية في حالة الخسارة. وهي تعلم أن استراتيجياتها الحالية تثبت أنها غير فعالة وغير كفؤة، غير أن لا شيء قد تم اختراعه لإحلالها واستبدالها. وهذا يعطي مجالا لميل للأسف إلى الخطأ في الصديق واعتباره عدوا والخطأ في العدو واعتباره صديقا. \r\n وكان هناك سؤال عن أي من حلفاء أميركا الذي فعل أقصى ما في وسعه لتقويض مصالحها. وجاءت روسيا أولا بنسبة 34%، أعقبتها باكستان بنسبة 22%، ثم السعودية بنسبة 17% ثم إسرائيل بنسبة 14% ثم المكسيك ومصر بنسبة 5% لكل منهما. \r\n فلماذا اكتسبت روسيا مثل تلك السمعة السيئة؟ لا يكاد يرجع ذلك لأنها ترفض نشر الولاياتالمتحدة لمنظومة الصواريخ في أوروبا، وهو ما سبب أعلى الصدامات والمناوشات الحديثة بينهما وأعطى الفرصة لحديث عن عودة الحرب الباردة. ولا لأن الخروقات المزعومة للديمقراطية في روسيا لها علاقة، برغم من أن البيت الأبيض ربما قد يكون وبخ \"الكرملين\" بقسوة. إن السبب الحقيقي لخشية واشنطن من موسكو يكمن في عدم موافقة روسيا على حرب العراق وقيادة الولاياتالمتحدة للعالم. ولا لأن روسيا تعيق أقسى وأغلظ العقوبات ضد إيران. \r\n ولكن أغلبية من الأميركيين ولا نقول شيئا عن المستطلعة آراؤهم من الخبراء تقول أيضا إن الحملة على العراق هي تخبط. وبالنسبة للتهديد النووي الإيراني، تعارض روسيا أساسا تسوية المشكلة باستخدام قوة السلاح، بينما تكون العقوبات مجرد تكتيكات، وليست استراتيجيات. ولا يمكن لحظر أن يمنع إيران من الحفاظ على علاقات مع \"حماس\" و\"حزب الله\". إن بعض الخبراء الأميركيين يعتقدون أنه من اللاذع والقاسي بدء مثل تلك الاتصالات بطريقتهم الخاصة. ولكن كل هذا مجرد تفصيلة من تفاصيل العلاقات المعضلة بين واشنطن وطهران. فما صلة موسكو بهذا؟ \r\n \r\n \r\n ماريانا بيلينكايا * \r\n \r\n * معلقة سياسية بوكالة الأنباء الروسية \"نوفوستي\" \r\n * خدمة \"إم سي تي\" خاص ب\"الوطن\"