فتحرك الكرملين للوقوف إلى صف الولاياتالمتحدة حول القضية الإيرانية يرجع في جزء منه إلى استياء موسكو من احتمالات التسلح النووي الإيراني ومخاوفها من تصرفات أحمدي نجاد التي لا يمكن التنبؤ بها ناهيك عن رغبة روسيا في عدم إطلاق سباق للتسلح النووي في الشرق الأوسط. وإلى جانب ذلك فهناك خلافات حول العقود المبرمة مع طهران. إلا أن الأمر يظل إشارة واضحة لإدارة بوش والقوى الأوروبية أن موسكو حريصة على أن تظهر في صورة اللاعب المسؤول على الساحة العالمية. \r\n والآن تنتظر روسيا من الولاياتالمتحدة استجابة لقضايا تهم الكرملين. أولها مسألة استقلال المنطقة الصربية في كوسوفو. فكوسوفو التي يقطنها الألبان ظلت جزءا لا يتجزأ من صربيا حتى 1999 عندما قادت الولاياتالمتحدة الناتو في تدخل دون الحصول على موافقة من مجلس الأمن وسيطرت على الإقليم وأقامت منطقة تابعة لوصاية الأممالمتحدة إلا أنها في واقع الأمر خاضعة لإدارة من قبل الناتو. \r\n والآن بعد إنفاق مليارات الدولارات يسعى الناتو لإنهاء تلك المهمة. ومن المتوقع أن تدرس الأممالمتحدة في 26 مارس منح استقلال تدريجي لكوسوفو. وبالفعل فقد وافقت كوسوفو على الاقتراح إلا أن صربيا التي تسعى إلى إعادة بسط سيطرتها على كوسوفو قد رفضته. وقد اشتكى رئيس الوزراء الصربي وجيسلاف كوستونيكا أن منح الأممالمتحدة الاستقلال لكوسوفو يعني أن المنظمة الدولية سوف تقوم للمرة الأولى وبشكل رسمي بتقسيم دولة عضو ذات سيادة دون موافقة من تلك الدولة. \r\n بيد أن هناك أشياء أخرى أبعد من حقوق الصرب والكوسوفيين يمكن أن تثير تعقيدات واسعة. فموسكو التي تتمتع بحق الاعتراض في مجلس الأمن قد أوضحت أنها سوف تعارض أية خطة لا تقبلها صربيا. واستثناء لذلك فهناك احتمال أنه في ظل ظروف معينة قد تقتنع موسكو من الناحية النظرية أن تمتنع عن استخدام حق الاعتراض شريطة أن يتم في الوقت نفسه منح الاستقلال للإقليمين المؤيدين لروسيا اللذين يسعيان إلى الانفصال عن جورجيا. \r\n وتشبه القضية الموجودة بين كوسوفو وصربيا تلك الموجودة بين إقليمي أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية وجورجيا ، فأبخازيا وأوسيتيا الجنوبية يتمتعان باستقلال فعلي منذ سنوات كما أن سكان الاقليمين لديهما قائمة من الشكاوى ضد الجورجيين. إلا أن جورجيا تعتبر أن الإقليمين جزء من أراضيها. وقد أصبحت جورجيا بين عشية وضحاها الدولة العميلة الأولى للولايات المتحدة في منطقة القوقاز. \r\n والوصول إلى حل معقول ومقبول يكمن في التوصل إلى تسوية يمكن أن تكسب تأييد صربيا سواء عن طريق عدم منح الاستقلال بشكل تام أو بالسماح ببقاء بعض أجزاء كوسوفو تابعة لصربيا وتكون تلك هي طريقة تسوية كحل وسط يمكن أن ينسحب تطبيقها على المنطقتين التابعتين لجورجيا. \r\n إلا أن هناك مجموعة مؤثرة من المحافظين الجدد ومؤيدي التدخل من داخل وخارج إدارة بوش لا يقبلون بالتسوية. فهم يعتقدون أن السياسة الخارجية ليست سوى تمثيلية أخلاقية فالروس الأشرار يجب أن يتلقوا درسا بدلا من أن يكافأوا بإبرام اتفاق معهم. \r\n ومن ذلك على سبيل المثال نجد ان ريتشارد هولبروك مهندس الهجوم الذي قادته الولاياتالمتحدة ضد يوغوسلافيا عام 1999 يتهم روسيا بأنها تتحدى الولاياتالمتحدة وحلفاؤها حول كوسوفو ويقول بأن القضية تمثل اختبارا جوهريا لعلاقة روسيا مع الغرب. ويقترح هولبروك أن دعوة جورجيا إلى الانضمام إلى الناتو مع بقاء أوسيتيا الجنوبية وأبخازيا تابعتين لها يجب أن يكون هو الآخر اختبارا لعلاقة الغرب مع روسيا. ومن السهل حينئذ التنبؤ برد الفعل الروسي. \r\n وفي الوقت نفسه فهناك حليف لهولبروك داخل إدارة بوش هو دان فرايد مساعد وزيرة الخارجية للشئون الأوروبية والأوروآسيوية. وموقف فرايد هو أنه سواء قبلت روسيا أم لم تقبل فإن كوسوفو لن تكون نموذجا سابقا لأبخازيا وأوسيتيا الجنوبية وعلى حد قوله خلال إيجاز لوزارة الخارجية : هي لم تكن كذلك ولن تكون. \r\n والمشكلة الوحيدة هي أنه على الرغم من أن روسيا لا يمكنها أن تمنع استقلال كوسوفو ولكن يمكنها أن تحول دون سيطرة جورجيا على أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية. وهناك خطة تعبئة لدى الجيش الروسي لمنع أية محاولة اعتداء قد تقدم عليها جورجيا ضد الإقليمين. ومن غير الصعب أن نعرف الى أين سيقود طريق التشدد الأميركي : نزاع واسع مع روسيا حول استقلال اقليمين بعيدين عن المصالح الأميركية. بيد أن النزاع نفسه سيكون له تأثير على كل المصالح الأميركية الهامة سواء بإعاقة جهود توحيد الموقف الروسي مع السياسة الأميركية تجاه إيران إلى جانب وقوفها كشريك في قضايا أخرى. \r\n والعلاقات الأميركية الروسية لا يسعها أن تقوم على طرفي نقيض نطلب في إحداهما من الكرملين التعاون في قضايا مثل منع الانتشار النووي والارهاب ومن ناحية أخرى نرفض بازدراء واحتقار الطلبات الروسية. ولا يخفى أي السبيلين أفضل للمصالح الأميركية. \r\n \r\n ديمتريك سايمز \r\n رئيس مركز نيكسون ومدير عام مجلة \" ناشونال انترست\" \r\n خدمة لوس انجلوس تايمز وواشنطن بوست خاص ب(الوطن)