\r\n \r\n وفي الحقيقة، يسير قادة الصين، في طريق صعب مثل المجتمعات الغربية التي تحاول أن توفق بين المصالح المتعارضة في الغالب للفقراء والطبقة الوسطى. وهذا هو التغير الأكبر في الصين، حيث كانت الحكومة الشيوعية تهتم طوال نصف القرن الماضي بمساعدة المزارعين وضمان عيش كل سكان الصين بطريقة متساوية. \r\n ولكن الصين في القرن الحادي والعشرين أصبحت مجهولة الهوية. ويمكن القول بأن الاقتصاد الصيني هو أسرع الاقتصاديات تحقيقاً للنمو في العالم. وقد حلت الرأسمالية محل الاشتراكية كنموذج مالي وهو ما أدى إلى حدوث انتعاشة كان من الممكن أن يفخر بها عالم الاقتصاد الاسكتلندي آدم سميث الذي دافع عن الملكية الخاصة والتجارة الحرة. \r\n وقد تسببت هذه السياسات في رفع مستوى معيشة الفرد في الصين، ولكنها أدت إلى ظهور مجتمع طبقي؛ ونمو الطبقة الوسطى التي استفادت بشكل كبير من التحول إلى الرأسمالية، وتضرر الأشخاص الذين يعيشون في المدن الريفية الفقيرة من جراء هذا التحول. \r\n وما زالت الصين دولة اشتراكية من الناحية الرسمية، وقد قدمت خلال شهر مارس الحالي فقط أول خطوة قانونية جدية لحماية أصحاب الملكيات الخاصة. وعلى الرغم من ذلك، لم تتضح الأمور تماماً وخصوصاً في المناطق الريفية حول قوانين الملكية الخاصة. \r\n وأصبح قانون الملكية الخاصة الجديد حقيقة فقط لأن الحكومة الصينية سحقت المنشقين الذين يتعلقون بمبادئ الاشتراكية، وهو ما يؤكد على عدم تغير النظام السياسي الاستبدادي في الصين. \r\n وهناك معارضة قوية للنظام الرأسمالي في الصين، وهو ما قد يمثل مفاجأة لبعض المراقبين الذين ينظرون فقط إلى النمو الاقتصادي الملحوظ التي حققته هذه الدولة. وتأتي هذه المعارضة من مئات الملايين من الصينيين الذين لم يستفيدوا من الارتفاع الأخير في مستويات المعيشة. \r\n \r\n وقد حدثت معظم التطورات في مستوى المعيشة داخل المدن الصينية فقط. وذكر المسؤولون الصينيون الذين كان يتوقع منهم الحد من هذه المشكلة أن العام الماضي شهد وقوع 23 ألف مظاهرة جماعية امتزجت بالشغب احتجاجاً على البيروقراطية والسياسات الاقتصادية المطبقة في الصين. وهذا هو المحك. \r\n وقد تبنت الصين بشكل ظاهري نظام المشاريع الحرة بطرق عدة، وبصورة أكبر من الدول الأوروبية التي لا تزال تتعلق بفكرة اقتصاديات الدول الصغيرة مع دور حكومي أكبر. وقد تسبب هذا الأمر في حدوث ضغوط داخلية خطيرة في الصين بسبب النظام الحكومي الذي يحد بشكل كبير من الحريات السياسية والشخصية. \r\n ومن الناحية التاريخية، ارتفعت اقتصاديات الدول التي تبنت النظام الرأسمالي، ولكن هذه الدول تعرضت لمطابقات اقتصادية أدى فيها بعض الأفراد بشكل أفضل من أفراد آخرين، وهو ما تسبب في حدوث موجة واسعة من الامتعاض وتوسع الهوة بين الطبقات وزيادة القلاقل السياسية. وفي نفس الوقت، يخبرنا التاريخ بأن المجتمعات التي ازدهر فيها النظام الرأسمالي لم تتوافق مع سيطرة الحكومات المستبدة. وحتى وقتنا هذا، نجحت الصين في اصطناع هذه التناقضات الداخلية. \r\n والسؤال الذي يطرح نفسه هو إلى متى يمكن للصين أن تفعل ذلك وتتجنب تجسيد الأمور السيئة في النظامين الرأسمالي والشيوعي، والقسوة التي يستخدمها النظام المستبد لخنق التغيير السياسي؟. \r\n ولا يرغب أي فرد في وقف مسيرة التقدم الاقتصادي للصين. ويعيش الصينيون، على سبيل المثال، في ظل التلوث الناجم عن انتشار المصانع، وهو الأمر الذي لا يمكن احتماله في الولاياتالمتحدة. \r\n وقد بدأ الصينيون في التمتع بثمار الحياة الحديثة وحياة الطبقة الوسطى، ويحرص زعماء الحزب الشيوعي في الحفاظ على رفع مستوى المعيشة التي تتطلب تبني سياسات رأسمالية مرنة وفتح الأبواب أمام الاستثمارات الأجنبية. \r\n وعلى الرغم من تبني نظام الملكية الخاصة، يسير الصينيون بخطى سريعة في اتجاه تطبيق النظام الرأسمالي. ويتفهم القادة الصينيون المخاطر التي قد يواجهونها إذا أغفلوا احتياجات ورغبات الأفراد الذين لم يتمتعوا بفوائد الاقتصاد الصيني الجديد. ولكن سياسة المشي على الحبال التي يوظفونها تعطيهم خيارات محدودة. \r\n \r\n بيتر براون \r\n مساعد مدير معهد استطلاعات الرأي التابع لجامعة كوينيبياك الأميركية. \r\n خدمة ام سي تي خاص ب(الوطن)