\r\n وعلى الرغم من تعهد حماس باحترام الاتفاقيات السابقة الموقعة بين منظمة التحرير الفلسطينية واسرائيل، لم يعرف بعد ما اذا كان اتفاق مكة يلزم حماس بالاعتراف صراحة بإسرائيل. والشيء الواضح هو أنه اذا طبقت حركتا حماس وفتح الاتفاقية، وساهما في تكوين حكومة وحدة وطنية تعيد سيادة القانون لقطاع غزة والضفة الغربية، فسوف ينجحا في تجنب الحرب الأهلية واحياء عملية السلام وتعزيز امكانية قيام دولة فلسطينية تعيش جنباً الى جنب مع اسرائيل. \r\n ويمكن القول بأن اتفاق مكة انجاز كبير يستحق الملك عبد الله بن عبد العزيز عاهل المملكة العربية السعودية عليه التقدير والثناء. والشيء الذي ساهم في تحقق هذا الانجاز هو إدراك حركتي حماس وفتح والقيادة السعودية لخطورة الأوضاع في الأراضي الفلسطينية وأهمية التزام حركتي فتح وحماس بالشروط التي وضعتها اللجنة الرباعية، إلى جانب ادراك القيادة الفلسطينية بأن اسرائيل لا تمتلك أي نية في العودة الى حدود عام 1967، وان الولاياتالمتحدة لا تمتلك أي نية في ارغام اسرائيل على القيام بذلك. وكان هناك قبول نظري على الأقل بالفكرة القائلة بأنه اذا كان عباس قادراً على اثبات أن الحداثة التي يمثلها سوف تساهم في اجراء تطورات كبيرة على الأحول المعيشية للفلسطينيين، فسوف يتمكن من التفوق والسيطرة على حركة حماس. ولكن رئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود أولمرت وحكومته لم يفشلا فقط في دعم هذه التطورات، على الرغم من الوعود المتكررة بالقيام بذلك، ولكنهما ساهما أيضاً في الإضرار بمكانة الرئيس الفلسطيني وتدمير المصداقية التي يمتلكها عبر الضغط عليه للعب دور القائد الذي يقبل الأموال والأسلحة الاسرائيلية ليستخدمها في قتل شعبه وأبناء جلدته. ولم تفعل الادارة الأميركية أي شيء للضغط على اسرائيل من اجل الوفاء بالتزاماتها بعيداً عن التصريحات الفارغة المنمقة المتعلقة بالفضاء السياسي لحل الدولتين. \r\n وفي كل مرة، تظهر اشارة بسيطة على أن الولاياتالمتحدة يمكن ان تشارك بجدية في العملية السياسية، يلتقي اليوت ابرامز، الموظف المسئول عن حقيبة عملية السلام في البيت الأبيض سراً مع ممثلي أولمرت في أوروبا أو في أي مكان آخر بالعالم ليؤكد لأولمرت ويطمئنه على عدم وجود أي أخطار تتعلق بهذه الخطوة. \r\n وبعد إدراك عباس في الوقت الحالي لعدم جدوى وارتباط الدور الأميركي بأي تقدم محتمل في جهود السلام، تدور أسئلة حول امكانية خروج أوروبا من تبعيتها لواشنطن في هذه القضية واتخاذها لمبادرة بناءة من تلقاء نفسها. واذا لم يقدر الاتحاد الأوروبي على القيام بذلك، هل يمكن لتحالف من الدول الأوروبية أن يقوم بهذه الخطوة ؟. \r\n ويجب أن يعلن الأوروبيون بسرعة انتهاء مقاطعتهم لحماس وأن يفتحوا حواراً مع حكومة الوحدة الوطنية تتعلق بالشروط التي قد تمكنهم من انهاء العقوبات المفروضة على السلطة الفلسطينية بواسطة اللجنة الرباعية الدولية. ويجب أن تعترف هذه الشروط بضرورة عدم مطالبة حماس بفعل الشيء الذي لا يستعد المجتمع الدولي لمطالبة اسرائيل به. ويجب ألا يطلب من حماس اعلان استعدادها للاعتراف بإسرائيل في ظل رفض اسرائيل الإعلان عن اعترافها بالحقوق الفلسطينية ورجوعها الى حدود ما قبل عام 1967. وقد قل اعتماد الحكومة الفلسطينية التي تتلقى دعماً مالياً كبيراً من المملكة العربية السعودية على الاتحاد الأوروبي بعد توقيع اتفاق مكة. ولكن ليس هناك شك في أن المساعدات الاقتصادية الأوروبية يجب أن يتبعها دعم دولي للدبلوماسية الفلسطينية. وفي اعقاب قيام المملكة العربية السعودية بهذه الخطوة الرائدة، يجب أن تمتلك الدول الأوروبية الشجاعة الكافية للسير على خطى العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز من اجل دعم جهود السلام في الشرق الأوسط. واذا ما وضعنا في الاعتبار اعتماد الولاياتالمتحدة على الدعم الذي تحصل عليه من الأنظمة العربية المعتدلة في مواجهة ايران والتعامل مع مشاكلها في العراق، فلن يكون من المستبعد على الإطلاق أن توقظ المبادرة الأوروبية الولاياتالمتحدة من ثباتها العميق عاجلاً أو آجلاً. ويحتاج الأوروبيون الى تذكيرهم بقواعد هذه المبادرة. وفي شهر مارس عام 2004، أعلن رؤساء الدول الأوروبية بالإجماع عن رفضهم للخروقات التي تمارسها اسرائيل فيما يتعلق بحدودها مع السلطة الفلسطينية وضرورة الزامها بالتقيد بحدود عام 1967. والوقت مناسب للعمل انطلاقاً من هذا القرار. \r\n \r\n هنري سيغمان \r\n جوزيف هوتونغ \r\n دير مشروع الولاياتالمتحدة والشرق الأوسط \r\n أستاذ الدراسات الأفريقية والشرقية بجامعة لندن \r\n خدمة انترناشيونال هيرالد تريبيون خاص ب(الوطن)