\r\n \r\n إن الذي حدث هو أننا قد قمنا في أميركا بسبب ضغوط مزارعي الغرب الأوسط وأصحاب المشروعات الزراعية الراغبين في حماية صناعة \"الإيثانول\" المستخرج من الذرة من المنافسة التي قد يمثلها \"الإيثانول\" البرازيلي المستخرج من قصب السكر، بفرض رسم باهظ على استيراد الأخير لمنع وصوله إلى أسواقنا. إننا نقوم بذلك على الرغم من أن \"الإيثانول\" البرازيلي المستخرج من قصب السكر يوفر طاقة تزيد ثماني مرات عن الطاقة الموجودة في الوقود الأحفوري المستخدم في صناعته، في حين أن \"الإيثانول\" الأميركي المستخرج من الذرة، لا يوفر سوى طاقة تزيد بمقدار مرة ونصف فقط. إننا نفعل ذلك في الوقت الذي يؤدي فيه \"إيثانول\" قصب السكر إلى تخفيض الانبعاثات الغازية التي تسبب ظاهرة الاحتباس الحراري، بشكل أكثر كفاءة من \"الإيثانول\" المستخرج من الذرة. إننا نفعل ذلك في الوقت الذي يمكن فيه زراعة قصب السكر اللازم لاستخراج هذا \"الإيثانول\" بسهولة في البلدان المدارية الفقيرة في أفريقيا ومنطقة الكاريبي بما يساعد على تخفيف حدة الفقر في تلك المناطق. \r\n \r\n نعم إن كل ما قرأته صحيح. فلقد فرضنا ضريبة على واردات \"الإيثانول\" المستخرج من قصب السكر الذي يمكن أن يوفر الأموال لأصدقائنا الفقراء، ولم نفرض ضريبة على استيراد النفط الخام الذي من المؤكد أنه يستخدم في توفير الأموال لأعدائنا الأغنياء. \r\n \r\n كانت إجابة \"جولدمبرج\" التي قدمها على سؤالي هي: \"إنها سياسة غبية للغاية\". وإذا ما كنتُ أنا أبدو متضايقاً من ذلك فأقول لكم إنني متضايق بالفعل لأن خبراء التنمية والبيئة في العالم بحثوا طويلاً عن طرق مستدامة بيئياً لرفع غائلة الفقر عن المناطق الريفية، وعندما وصلوا إلى تلك الطرق تتم الآن محاربتها وفرض الرسوم والقيود عليها. \r\n \r\n و\"الإيثانول\" المستخرج من قصب السكر يمكن أن يكون بديلاً قابلاً للاستدامة إذا ما أصبحنا نحن في أميركا أذكياء، وتمكنا من التخلص من الرسوم الجمركية الغبية، وإذا ما أصبحت البرازيل ذكية وبدأت في التفكير الآن وفوراً في الكيفية التي يمكن بها التوسع في صناعة أنواع الوقود الحيوي المستخرج من قصب السكر دون الإضرار بالبيئة. \r\n \r\n الأنباء الطيبة بخصوص هذا الموضوع هي أن قصب السكر لا يحتاج إلي ريٍّ وأنه قابل للزراعة في معظم أجزاء الأمازون. لذلك فإنه إذا ما تمكنت صناعة السكر في البرازيل من تحقيق خطتها الرامية إلى زيادة مساحة الأراضي المزروعة بالقصب من 15 مليون فدان إنجليزي وهي المساحة الحالية إلى 25 مليون فدان إنجليزي خلال السنوات القليلة الماضية، فإنها لن تكون بحاجة إلى تهديد غابات الأمازون. \r\n \r\n بيد أن هناك مشكلة في هذا السياق وهي أن معظم مناطق قصب السكر تقع في جنوب وسط البرازيل في المناطق المحيطة بساو باولو، وعلى امتداد الساحل الشمالي الشرقي، على أراضٍ تم اقتطاعها من مناطق أكثر جفافاً من الغابات المطرية الأطلسية التي توجد بها أعداد أكبر من الأجناس المختلفة من النباتات والحيوانات في الفدان الواحد مقارنة بغابات الأمازون بحيث لم يعد متبقياً من المساحة الإجمالية لتلك الغابات سوى 7 في المئة فقط. \r\n \r\n لقد استقللت طائرة هليوكوبتر طارت بي فوق المنطقة الواقعة بالقرب من ساو بالو ولم يكن ما رأيته جميلاً بحال. \r\n \r\n \"إن المنظر يبعث على البكاء في الحقيقة\"، كان هذا هو التعليق الذي سمعته من رفيقي في الطائرة \"جوستافو فونسيكا\" البرازيلي الجنسية والنائب التنفيذي لرئيس منظمة \"المحافظة على البيئة العالمية\" Conservation International. وأضاف فونسيكا: \"إن ما أراه هنا نظام يهيمن عليه البشر تماماً، ويختفي فيه معظم التنوع الحيوي\". \r\n \r\n يُذكر أن البرازيل قد فقدت على مدار السنوات الخمس الماضية 7700 ميل مربع من غاباتها سنوياً وذلك لاستخدامها في أغراض تأتي في مقدمتها تربية الماشية وزراعة فول الصويا وزيت النخيل، مما يعني أن أي توسع آخر من أجل إنتاج \"الإيثانول\" المستخرج من قصب السكر يمكن أن يؤدي إلى تهديد مناطق السافانا البرازيلية الغنية بالتنوع بصورة لا تصدق والتي تعتبر أفضل مكان في البرازيل لزراعة المزيد من قصب السكر. \r\n \r\n وهناك اقتراح يتداول الآن في أروقة الحكومة البرازيلية يتعلق بإجراء توسع ضخم في صناعة السكر يتجاوز حتى الخطط الموضوعة من قبل الصناعة ذاتها. على ضوء ذلك ليس هناك ما يدعونا للدهشة عندما نعرف أن الناشطين في مجال حماية البيئة سيعقدون مؤتمراً في ألمانيا خلال الخريف القادم حول تأثير أنواع الوقود الحيوي على البيئة وكيفية محاربته. وأستطيع أن أتنبأ بقيام بعض الجماعات بالمناداة يوماً ما بمقاطعة استخدام \"الإيثانول\" إذا ما شعرت أن أنواع الوقود الحيوي يمكن أن تنتهك البيئة. إن الأدوات اللازمة لحل هذه الصراعات لا تعوزنا ومنها على سبيل المثال أننا نستطيع القيام برسم خرائط للمناطق التي تحتاج إلى حماية من أجل تنوعها الحيوي أو من أجل المنافع البيئية التي توفرها للمجتمعات الزراعية. \r\n \r\n بيد أن هناك حاجة مع ذلك كي يقوم مزارعو السكر، وممثلو الحكومات والناشطون البيئيون بالجلوس معاً في وقت مبكر -يفضل الآن- للتعرف على تلك الأراضي وتخصيص الأموال اللازمة لحمايتها. \r\n \r\n وبخلاف ذلك فإنهم سيجدون أنفسهم مضطرين إلى الدخول في صراع على كل فدان مما يعني أن صناعة \"الإيثانول\" المستخرج من قصب السكر لن تحقق المرجو منها.. وذلك إن حدث فسيكون شيئاً في غاية، نعم في غاية، الغباء حقاً. \r\n