\r\n غير أن ميركل، التي اختارتها مجلة \"فوربس\" هذا الأسبوع كأقوى امرأة في العالم، تواجه تحديات جمة داخلياً، حيث تعاني من تدني التأييد الشعبي لها، وصراع داخلي يعصف بحزبها، وضرورة التوفيق بين المصالح المتصارعة لحكومة \"ائتلاف كبير\" وصعب، حد كثيراً من قدرتها على اتخاذ خطوات جريئة. وفي هذا السياق، يقول \"فولفغانغ نوفاك\"، المستشار السابق لجيرهارد شرويدر، الذي يشغل اليوم منصب مدير تنفيذي بالبنك الألماني: \"إن ميركل اليوم منسقة أكثر منها زعيمة، وتلك هي مشكلتها الكبرى لأن الناس يريدون زعيماً حقيقياً\". \r\n \r\n وقد تبلورت مشاعر الشك والتوجس تجاه ميركل في استطلاع جديد للرأي أظهر أن 30 في المئة فقط من المستجوبين يؤيدون حزبها \"الحزب الديمقراطي المسيحي\"، الذي يحكم مع حزب \"الديمقراطيين الاشتراكيين\". كما أفاد استطلاع آخر للرأي بتدني شعبيتها إلى 37 في المئة، بعد أن كانت 55 في المئة في شهر يناير الماضي. ومع ذلك، فإن هذه النتائج تجعل حكومتها أكثر شعبية بقليل مقارنة مع الحكومة السابقة بقيادة شرويدر، الذي أزاحته ميركل، البالغة 52 عاماً، عن السلطة عقب الانتخابات الأخيرة. \r\n \r\n وخلال الآونة الأخيرة، عادت ميركل من العطلة الصيفية التي قضتها في جبال الألب الإيطالية، معلنة أنها مفعمة بالثقة وقائلة إن انتعاش الاقتصاد الألماني يثبت أن ألمانيا لم تعد \"رجل أوروبا المريض\". والواقع أن إرسال جنود ألمان إلى صراع حيث إسرائيل طرف فيه محطةٌ أخرى ضمن مساعي توسيع دور ألمانيا في العالم. \r\n \r\n ويرى بعض المحللين أن موقف أنجيلا ميركل أقوى وأكثر صلابة مما توحي به استطلاعات الرأي على اعتبار أنه ليس لديها منافسون جادون على منصب المستشار، وأن ائتلافها مستقر وصامد –رغم صعوبة إدارته- إضافة إلى كون حزبها لا يواجه انتخابات محلية حاسمة من قبيل تلك التي قيدت نتائجها شرويدر. وفي هذا الإطار، يقول \"أولريتش فيلهلم\"، المتحدث باسم ميركل، إن استطلاعات رأي أخرى رسمت صورة أقل قتامة وإنه لا مفر من الانتقادات. ويعترف \"فيلهلم\" بأن المستشارة تقوم بدور المنسقة، غير أنه لفت إلى أن ذلك \"لا يعني ألا أهداف لها؛ فهي تسعى إلى بلوغ أهدافها بأسلوب مختلف\". \r\n \r\n ومع قرب انتهاء ولاية زعيمي بريطانيا وفرنسا على رأس السلطة، يرجح بعض المراقبين أن تصبح ميركل، عالمة الفيزياء التي تحولت إلى سياسية، الشخصية الرئيسية على الساحة السياسية الأوروبية– مقتسمة الساحة ربما مع الزعيم الإيطالي رومانو برودي الذي انتخب مؤخراً. \r\n \r\n غير أن زعامة ميركل داخلياً كانت في أعين العديد من المراقبين فضفاضة وغير واضحة؛ حيث لقيت محاولتها الأولى للإصلاح الاقتصادي –ولاسيما إصلاح النظام الصحي المكلف في ألمانيا- انتقادات شديدة. وفي ظل تغيرات رئيسية أخرى، مثل فتح سوق العمل، الذي من الصعب تنفيذه نظراً للمقاومة التي يبديها \"الديمقراطيون الاشتراكيون\" بل وحتى عناصر داخل حزبها، تبدو ميركل عاجزة عن التخطيط للكيفية التي تعتزم بها مواجهة مشاكل ألمانيا الملحة. \r\n \r\n غير أن ميركل أبدت، خلافاً للسياسة الداخلية، ثقة كبيرة في النفس على صعيد السياسة الخارجية؛ حيث عملت على إصلاح الفتور الذي أصاب العلاقات مع الولاياتالمتحدة، وعرضت وساطة ألمانيا لحل خلافات الجيران الأوروبيين. غير أنه بالرغم من ازدياد ثقتها في النفس، فإن قرار ألمانيا الانضمام إلى قوة حفظ السلام في لبنان قد يكون خطيراً بالنسبة لميركل بالنظر إلى حساسية الألمان، بسبب المحرقة، من دخول أي صراع قد يضع جنودهم في مواجهة مع الجنود الإسرائيليين. \r\n \r\n والواقع أن الحل الذي توصلت إليه ألمانيا -والقاضي بإرسال قوات بحرية للقيام بدوريات في المياه اللبنانية، وليس قوات برية- قلل من معارضة القرار؛ إذ تظهر استطلاعات الرأي أن الألمان منقسمون على أنفسهم بخصوص موضوع المشاركة. غير أنه أثار جدلاً نظراً لأن كلا الحزبين الرئيسيين يؤيدانه. وفي هذا الإطار، يقول \"كارستن فويت\"، منسق التعاون الألماني- الأميركي بوزارة الخارجية: \"إنها ليست خطوة مثيرة، وإنما خطوة إضافية في إطار التطور الذي تعرفه السياسة الخارجية الألمانية منذ عشر سنوات\". ومما يذكر أن ألمانيا بدأت تبحث لنفسها عن دور أكبر –ومن ذلك مثلاً نشر قوات لها في أفغانستان- منذ عهد حكومة شرويدر. \r\n \r\n ومن المرتقب أن تكون للمستشارة ميركل فرص أكثر للظهور على الساحة الدولية العام المقبل؛ إذ من المنتظر أن تتولى ألمانيا الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي وقمة مجموعة الثماني، التي من المقرر أن تجتمع في يونيو من العام المقبل بأحد المنتجعات على بحر البلطيق. \r\n \r\n مارك لاندلار \r\n \r\n مراسل \"نيويورك تايمز\" في برلين \r\n \r\n ينشر بترتيب خاص مع خدمة \"نيويورك تايمز\" \r\n