وفي برلين كان الالتباس كاملا. فالاقتراع الذي كان يفترض ان يمهد الطريق \"لانطلاقة جديدة\" على حد تعبير ميركل ادى الى نتيجة مختلفة حسب استطلاعات الرأي مع تراجع واضح للاتحاد المسيحي الديموقراطي الذي سجل مثل الحزب الاشتراكي الديموقراطي اسوأ نتيجة له في مرحلة ما بعد الحرب. \r\n \r\n وتشهد المانيا بذلك وضعا لا سابق له يلوح في نهايته شبح غياب اي اتفاق نظرا للهوة العميقة والمنافسات الشخصية بين الجانبين. \r\n \r\n وهذا الوضع يمكن ان يؤدي الى حل مجلس النواب (البوندستاغ) الجديد الذي انتخب للتو واجراء انتخابات جديدة مما يعني حالة من الشلل السياسي على الصعيدين الداخلي والدولي على حد سواء في اهم دولة اوروبية توصف احيانا بانها \"رجل اوروبا المريض\". \r\n \r\n وللمرة الاولى منذ 1949 تراجع التأييد لاكبر حزبين شعبيين في المانيا الى ما دون السبعين بالمئة من اصوات الناخبين. ولم يسجل تقدما في هذه الانتخابات سوى حزبين صغيرين هما الحزب الليبرالي وحزب اليسار الجديد. \r\n \r\n وتفيد آخر نتائج رسمية موقتة نشرتها اللجنة الانتخابية ان الاتحاد الديموقراطي المسيحي وفرعه البافاري الاتحاد الاجتماعي المسيحي حصلا على 35_2% من الاصوات، (مقابل 5،38 في 2002) بينما حصل حليفهما الحزب الليبرالي على 8،9% (4،7% في 2002). \r\n \r\n وهذا يعني ان الاحزاب الثلاثة حصلت على 45% من الاصوات بينما يفترض ان تحصل على 5،48% لتحقق الغالبية المطلقة من مقاعد مجلس النواب. \r\n \r\n اما الحزب الاشتراكي الديموقراطي الذي يتزعمه شرودر فقد حصل على 3،34% من الاصوات (5،38% في 2002) وحليفه حزب الخضر 1،8% (6،8% في 2002). \r\n \r\n وقد واجه الاشتراكيون الديموقراطيون الذين سجلوا اسوأ نتيجة لهم منذ 1957 عندما حصلوا على تأييد 8،31% فقط من الناخبين، منافسة حزب اليسار الجديد الذي يضم الشيوعيون الجدد في شرق المانيا ومؤيديهم الذين خاب املهم في الغرب. \r\n \r\n وحصل هذا اليسار المتشدد برعاية الشيوعي السابق غيرغور غيزي والزعيم السابق للحزب الاشتراكي الديموقراطي اوسكار لافونتين العدو اللدود لشرودر على 7،8% من \r\n \r\n اصوات الناخبين مقابل 4% فقط في 2002 . \r\n \r\n ومع ذلك اكد غيرهارد شرودر الذي تحدث عن \"هزيمة ساحقة\" لميركل انه يريد البقاء على رأس الحكومة مستبعدا بذلك فكرة فوز المعارضة. وهو يريد ان يجري اعتبارا من اليوم الاثنين، محادثات مع كل الاحزاب السياسية باستثناء الشيوعيين السابقين في حزب اليسار، لتشكيل حكومة. \r\n \r\n وبقدر ما يرفض الاجتماعيون الديموقراطيون والخضر ابرام اي اتفاق مع اليسار المتشدد، يبني شرودر آماله على اتفاق مفترض مع الليبراليين او على الاقل جزء منهم. \r\n \r\n وكان زعيم هذا الحزب غيدو فيتسفيلي قد ارتبط منذ فترة طويلة مع ميركل، وقد نفى مساء الاحد امكانية اي تغيير في تحالفاته لمصلحة الحزب الاشتراكي الديموقراطي. \r\n \r\n اما ميركل فقد رأت ان حكومة تحالف بين الاشتراكيين الديموقراطيين والخضر اصبحت مستبعدة، مؤكدة ان الاتحاد الديموقراطي المسيحي الذي يحتل المرتبة الاولى في نتايج الانتخابات لديه \"تفويض واضح لتشكيل الحكومة\" وسيبدأ مفاوضاته مع كل \"الاحزاب الديموقراطية باستثناء حزب اليسار\". \r\n \r\n وشكلت النتيجة التي سجلها الاتحاد الديموقراطي المسيحي وهي دون التوقعات التي جاءت من استطلاعات الرأي (41 او 42%) المفاجأة الكبرى في هذه الانتخابات. وهي اسوأ ثالث نتيجة يسجلها الديموقراطيون المسيحيون في مرحلة ما بعد الحرب (31% في 1949 \r\n \r\n و1،35% في 1998). \r\n \r\n وهذا الاداء السىء عوض عنه التقدم الذهل لليبراليين الذين استفادوا على ما يبدو من اصوات الناخبين الذين يريدون تجنب حكومة \"تحالف كبير\" بين الديموراطيين المسيحيين والاشتراكيين الديموقراطيين. \r\n \r\n وقد تنجح ميركل (51 عاما) في الحاق الهزيمة بشرودر لتصبح اول امرأة تتولى منصب المستشار في المانيا، لكنها تعرضت لضربة كبيرة بتسجيلها نتائج اقل بكثير من المرشح المحافظ في انتخابات 2002 البافاري ادموند شتويبر الذي لم يتقدم عليه منافسه شرودر حينذاك باكثر من سبعة آلاف صوت. \r\n \r\n وبالنسبة لشرودر (61 عاما) الذي نجح في تعزيز التأييد في البداية، تبدو هذه الانتخابات نهاية سبعة اعوام من التحالف بين الاشتراكيين الديموقراطيين والخضر، وهي مرحلة بدأت بفوز مدو في اواخر 1998 انهى 16 عاما من حكم الديموقراطي المسيحي هلموت كول. \r\n \r\n ويدفع شرودر الذي يلقب \"برفيق ارباب العمل\"، بذلك ثمن اصلاحاته المؤلمة للنظام الاجتماعي الالماني التي تركت في اغلب الاحيان انطباعا لدى اكثر طبقات السكان تواضعا وهم الناخبون التقليديون للحزب الاشتراكي الديموقراطي، بانهم الوحيدون الذين يدفعون ثمن العولمة الاقتصادية والسياسية التي نجمت عن الاصلاحات. \r\n \r\n وشهد شرودر قبل ذلك هزيمة حزبه في 11 اقتراعا اوروبيا ومحليا كان اخطرها في 22 ايار/مايو الماضي في معقله في رينانيا شمال فيستفاليا، وهي الهزيمة التي دفعت شرودر الى الدعوة الى انتخابات مبكرة قبل عام واحد من انتهاء ولايته. \r\n \r\n وهيمنت على الحملة الانتخابية قضايا البطالة في المانيا حيث يبلغ عدد العاطلين عن العمل 7،4 ملايين وتليين الاجراءات في سوق العمل وخصوصا حق التسريح والضرائب ومستقبل انظمة التقاعد والضمان الاجتماعي وبشكل اشمل الاصلاحات المؤلمة لدولة الرعاية الموروثة من \"المعجزة الاقتصادية\" التي تلت الحرب العالمية الثانية. \r\n \r\n ودعي حوالى 6،61 مليون ناخب للادلاء باصواتهم لاختيار نوابهم وفق نظام معقد يشمل الاقتراع النسبي وفق اللوائح والاقتراع العام المباشر، في دورة واحدة في 299 دائرة. \r\n \r\n وكانت نسبة المشاركة 2،79% في 2002، لكنها تراجعت في هذه الانتخابات الى 7،77%. \r\n \r\n