فقد عقد خصماه السياسيان الرئيسيان، اللذان أضعف أحدهما الآخر على مدى عدة سنوات، تحالفاً في محاولة لإعادة الحكم المدني إلى البلاد. كما كثف بعض الحلفاء السابقين من \"اليمين الديني\"، الذين تقوت شوكتهم بفضل الغضب الشعبي جراء موقف الجنرال مشرف الموالي للولايات المتحدة، انتقاداتهم له. وعلاوة على ذلك، فقد لاحقت فضائح الفساد بعض شركائه السياسيين، ومنهم رئيس الوزراء شوكت عزيز، الذي يواجه تصويتاً بحجب الثقة في البرلمان الأسبوع المقبل. وثمة تمرد عرقي في إقليم بلوشستان يرفض الخضوع والاستسلام؛ ناهيك عن ارتفاع التضخم. \r\n والواقع أنه لا أحد يشك في أن الرئيس، الذي يشغل في الوقت نفسه منصب قائد أركان الجيش، يظل أقوى رجل في باكستان ويحظى بدعم الولاياتالمتحدة وتأييدها، فهو \"مازال يصنع الجو السياسي\" على حد تعبير دبلوماسي غربي. غير أن ثمة مؤشرات ضعف عديدة. \r\n ففي الشهر الماضي، وقعت مجموعة من جنرالات الجيش المتقاعدين ومسؤولون حكوميون سابقون، بمن فيهم أولئك الذين عملوا معه من ما قبل، رسالة دعوا فيها إلى \"تخلي الجيش عن السلطة السياسية\"، مناشدين الجنرال مشرف بخلع بدلته العسكرية إن كان يرغب في أن يظل رئيساً. \r\n وفي واشنطن أيضاً تسود مخاوف في ضوء الكشف عن مخططات إرهابية تبين أن لها علاقة بباكستان، إضافة إلى الارتفاع الحاد في الهجمات التي يشنها عناصر \"طالبان\" عبر الحدود في أفغانستان. وهو ما دفع إلى فتح النقاش من جديد داخل وزارة الدفاع الأميركية بشأن باكستان، حسب ما أفاد به مسؤولان طلبا عدم الإفصاح عن هويتهما. وفي هذا الإطار، يقول هذان المسؤولان إن ارتفاع عدد الإصابات في صفوف الجنود الأميركيين بأفغانستان زاد من شكوك بعض المسؤولين العسكريين الأميركيين بشأن جدية جهود الاستخبارات الباكستانية في كبح جماح \"طالبان\". \r\n ويقول أحد الباحثين المشاركين في النقاش، في إشارة إلى الإحباط الذي يشعر به الجنود الأميركيون في أفغانستان: \"ثمة رأي يكتسب زخماً متزايداً في الولاياتالمتحدة ويقول إن باكستان لا تبذل جهداً كبيراً، إلى درجة أن ثمة أشخاصاً في واشنطن أضحوا يفكرون مرتين بشأن العلاقة مع باكستان\". \r\n وداخلياً، يتعرض الجنرال مشرف لانتقادات على خلفية انفتاحه على الهند. كما أن هجومه بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر على النشطاء المشتبه فيهم الذين لجأوا إلى المناطق القبلية بمحاذاة الحدود الأفغانية، بإيعاز من إدارة بوش، أدى إلى اعتقال عدد من زعماء \"القاعدة\"، ولكن أيضاً إلى مقتل المئات من الجنود الباكستانيين وغضب وسخط متزايدين في المناطق القبلية. \r\n وبموازاة مع ذلك، توجه أفغانستان والهند انتقادات إلى الجنرال مشرف على خلفية ما تسميانه تقصير السلطات الباكستانية في محاربة النشطاء الذين يُصدرون العنف إلى بلديهما. ومما يذكر في هذا السياق أن المجموعات الدينية المتشددة هنا ما زالت تواصل نشاطها، بما فيها تلك التي تربطها علاقات بمجموعات إرهابية محظورة، حيث ترد أسماؤها في التحقيقات مع المشتبه في صلتهم بالإرهاب في النصف الآخر من العالم، وآخر مثال على ذلك \"جماعة الدعوة\"، فثمة مزاعم حول ضلوعها في مخطط تفجير طائرات لندن. ناهيك على أن وعد الجنرال مشرف بإصلاح المدارس الدينية لم يجدْ طريقه إلى التنفيذ بعد. \r\n ويقول دبلوماسي غربي في باكستان طلب عدم الكشف عن اسمه: \"لقد أصبح مشرف في وضع أضعف مما كان عليه في الماضي. لاشك في ذلك\"، مضيفاً: \"والحق أنه يخضع لعدد من التضييقات والقيود\". \r\n غير أن وجهة النظر الرسمية في واشنطن تظل مؤيدة للرئيس مشرف بقوة. وفي هذا الإطار، أشاد \"ريتشارد باوتشر\"، مساعد وزيرة الخارجية الأميركية المكلف بجنوب ووسط آسيا، بالرئيس الباكستاني على اعتبار أنه وفَى بما تعهد به بشأن \"القطيعة\" مع \"طالبان\" وحلفائها في تنظيم \"القاعدة\". فرغم أن فلول \"طالبان\" أعادوا تنظيم أنفسهم ورص صفوفهم داخل باكستان –يقول باوتشر- فإن حكومة الجنرال مشرف تسعى جاهدة إلى السيطرة على الحدود الباكستانية- الأفغانية. ويضيف المسؤول الأميركي الذي كان يتحدث في إحدى المقابلات قائلاً: \"لقد أغلقوا عدداً من المخيمات، وحظروا بعض المجموعات\"، مضيفاً: \"وعلينا أن نفهم أن التطرف متجذر في باكستان\". وبخصوص تعاون الجنرال مشرف مع واشنطن يقول باوتشر: \"أعتقد أننا رأينا منه الكثير، ونحن ما زلنا نعمل معه\". \r\n والواقع أن الأشهر المقبلة تطرح علامة استفهام كبرى. ففي ظل اقتراب موعد الانتخابات المرتقبة قبل نهاية العام المقبل، تسود مخاوف في أوساط الأصدقاء والخصوم على حد سواء: هل تقوض الأوضاع السياسية الداخلية قدرة الجنرال مشرف على تنفيذ ما تعهد به من إصلاحات؟ \r\n ففي حال جنح إلى \"اليسار\" السياسي، سيكون مشرف مؤهلاً أكثر لتنفيذ وعوده بالحد من التطرف، ولكن سيتعين عليه في تلك الحالة تبني خصم سياسي هو \"بينازير بوتو\"، زعيمة \"حزب الشعب\" التي تعيش في المنفى. يذكر أنها وقعت ميثاقاً مع نواز شريف، زعيم الحزب المعارض الآخر \"العصبة الإسلامية\"، والذي يعيش أيضاً هو الآخر في المنفى. \r\n وعن الجنرال مشرف، يقول الجنرال المتقاعد طلعت مسعود، وهو أحد الموقعين على الرسالة المُشار إليها أعلاه: \"إن عزلته تزداد يوماً بعد يوم. وثمة حاجة ومطالبة حقيقية في البلاد بالعودة إلى الديمقراطية والتعامل بعدل مع جميع الأحزاب\". \r\n \r\n سوميني سينغوبتا \r\n مراسلة \"نيويورك تايمز\" في إسلام آباد \r\n ينشر بترتيب خاص مع خدمة \"نيويورك تايمز\" \r\n \r\n