\r\n الواقع أن الولاياتالمتحدة وإسرائيل تتوفران على أفضل المعدات وأحدثها لهزم التمرد العراقي و\"طالبان\" و\"حزب الله – شريطة أن يأتوا إلينا بدبابات وطائرات وسفن. ولكن كما يلاحظ كل متتبع للأخبار، فهؤلاء الأعداء ليسوا أغبياء. وبالتالي، فهم لا يقاتلوننا بالطريقة التي يمكننا أن نهزمهم بها. وبدلاً من ذلك، يحاصر فلول \"طالبان\" في أفغانستان قوات \"الناتو\" بالاعتماد على تكتيك الكر والفر. وفي العراق، يعيق المعارضون السيطرة الأميركية باستعمال القنابل التي تزرع على حافة الطريق واقتناص الأهداف العسكرية والغارات. وفي لبنان، يطلق \"حزب الله\" صواريخه على العمق الإسرائيلي. وعلى شبكة الإنترنت، يعلن تنظيم \"القاعدة\" بغير قليل من الافتخار إنه سيستعمل الأسلحة المشعة. \r\n \r\n وإلى جانب العمليات الانتحارية الإرهابية والرغبة في التسبب في أكبر عدد من الإصابات في صفوف المدنيين، تنذر التكتيكات التي تعتمدها المجموعات المقاتلة بتحويل المتمردين القوميين والإرهابيين الإسلامويين من مصدر قلق، يتسبب في المعاناة ولكنه لا يلحق ضررا كبيرا بقوة عظمى، إلى تهديدات حقيقية لأمن الولاياتالمتحدة وأمن حلفائها. \r\n \r\n إن هذه التطورات المخيفة هي في الواقع دعوة إلى الولاياتالمتحدة للانتباه. ونتيجة لذلك، علينا ألا نركز على تطوير استراتيجيتنا العسكرية فحسب، وإنما أيضا على نوع المعارك التي يمكننا الفوز فيها بكلفة مقبولة. ولذلك، يتعين علينا أن نختار معاركنا بحذر أكبر. كما ينبغي أن نخوض المعارك التي نختارها بقوة كبيرة، كما أوصى بذلك \"كولين باول\" بحكمة، وباللجوء في الوقت نفسه إلى المساعدات وتقديمها للسكان الذين تم غزوهم، والذين ينبغي الفوز بقلوبهم إذا نحن كنا حريصين على أن يصمد السلام. \r\n \r\n الحقيقة أن نجاحاتنا منذ حرب الخليج عام 1991 جعلت الكثيرين ينسون ما تعلمته الأجيال السابقة من الحرب غير التقليدية، فالمجموعات المقاتلة والإرهابية تخطط لأعمالها سراً، وقلما يرتدي أعضاؤها الزي العسكري ويختبئون بين المدنيين. وبالرغم من الوهم المتمثل في القنابل الموجهة فائقة الدقة، فالواقع يؤكد أنه لا يمكن للقوات العسكرية النظامية إلقاؤها دون قتل الكثير من المدنيين. \r\n \r\n للفوز بواسطة جيشنا النظامي، سيتعين علينا أن نقاتل كوحوش، فنقتل غير المقاتلين. والواقع أن الأميركيين مصيبون حينما أحجموا عن هذا الأمر في العراق، غير أننا ما زلنا عالقين دونما أن يظهر نصر في الأفق. أما الإسرائيليون، فقد استعملوا القوة العسكرية المفرطة في لبنان بهدف مضاعفة حظوظ النيل من جنود \"حزب الله\" وأسلحته، إلا أن ذلك تسبب في مقتل المئات من المدنيين. والحال أن هذه المقاربة قاتلة ذاتياً، علاوة على أنها تنشر المرارة بين الضحايا، وهو ما يحشد المزيد من الدعم ل\"حزب الله\". \r\n \r\n ثمة طريقتان فقط لتقليص صفوف المجموعات المقاتلة بصورة أسرع من قدرة مجندين جدد على ملئها. تقوم الأولى على الاعتماد على قوات خاصة مثل القبعات الخضر، غير أن العدد القليل الذي نتوفر عليه من هذه القوات موزع أصلاً على البقع الساخنة عبر العالم. أما الثانية، فتتمثل في إشباع بلد بالقوات النظامية حتى نضمن وقوف جندي على زاوية كل شارع. غير أن جيشنا صغير للقيام بهذا الأمر في أكثر من بلد في الوقت نفسه. \r\n \r\n من المعروف أن المحتلين الأجانب يواجهون عقبات كثيرة في التغلب على المعارضة القومية. ولذلك فلعل أفضل شيء هو اعتماد مبدأ \"الصدمة والرعب\" في الاحتلال مثلما في الحرب. وضمن هذا الإطار يمكن الإشارة إلى التالي: أولاً: حضور مكثف لقوات الاحتلال، وهو ما كان سيعني نشر نصف مليون جندي أميركي في العراق لنظهر للسكان المحليين منذ البداية أننا ممسكون بزمام الأمور. ولكننا حاولنا تدبر الأمر ب150000 جندي، مما أظهر ضعفنا في السيطرة على البلاد. وثانياً: القيام بعمليات سريعة وضخمة للمساعدات الاقتصادية والإعمار والخدمات الطبية والتدريب. فلو أن المدنيين في أفغانستان والعراق كانوا يتوفرون على وظائف وهواء مكيف وأمن ورعاية طبية بعيد الغزو، لما اكتسبت حركات التمرد هذا الزخم. \r\n \r\n الواقع أن الولاياتالمتحدة قامت بهذه الأمور، ولكن عبر قطرات أو كميات قليلة فقط. كما أننا كنا نفتقر إلى خطط جادة لاستمالة السكان الذين تعرضوا للغزو. سياسة بوش التي تقول بأن العمليات القوية في العراق هي السبيل إلى محاربة الإرهاب، قلصت وأضعفت جهود أميركا في الحرب على الإرهاب، حيث جعلت المزيد من المسلمين يشعرون بالمرارة في حين خلقت المزيد من الإرهابيين مقارنة مع من قضت عليهم. ولذلك، علينا أن نضع نصب أعيننا القضاء على \"القاعدة\"، وليس مضاعفة عدد أعدائنا. وحيثما اضطررنا إلى الغزو– كما في حالة أفغانستان بعد الحادي عشر من سبتمبر- علينا أن نقوم بذلك بقوة كبيرة ومساعدات كثيرة لدفع السكان المحليين إلى قبول السلام حتى نستطيع المغادرة بسرعة. \r\n \r\n ريتشارد كي. بيتس \r\n \r\n مدير معهد \"سالتزمان\" لدراسات الحرب والسلام التابع لجامعة كولومبيا \r\n \r\n ينشر بترتيب خاص مع خدمة \"لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست\" \r\n