\r\n ويبقى الوضع في بغداد الأسوأ على الصعيد الأمني مقارنة مع بقية المناطق العراقية، حيث أشارت \"لوس أنجلوس تايمز\" إلى حدوث أكثر من 2115 جريمة قتل في بغداد، وهو ما يشكل 85% من إجمالي الجرائم المرتكبة في العراق. وبعد أسبوع من ذلك نشرت \"نيويورك تايمز\" تقريراً يشير إلى الفوضى المتفشية في بغداد والتي وصلت إلى حي المنصور الراقي، حيث نقلت الصحيفة عن أحد قاطني الحي قوله \"لقد سقط الحي في أيدي الإرهابيين، ولا يبدو أن أحدا مستعد لإيقافهم\". \r\n \r\n ولا يمكن اعتبار هذه التقديرات المتشائمة على أنها صادرة من صحافة معارضة ومغرضة، بل هي تطابق الصورة القاتمة التي رسمها السفير الأميركي لدى العراق زلماي خليل زاد، الذي أقر في تصريح أدلى به لصحيفة \"واشنطن بوست\" بأن موظفي الوزارة لا يستطيعون تجاوز عتبة المنطقة الخضراء بسبب انتشار الجريمة والطائفية والتعصب الديني. ورغم إطلاق رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي عملية \"معا إلى الأمام\" لفرض سيطرة الدولة على بغداد وإحلال الأمن، فإن العملية مازالت في بدايتها، كما أن فظائع عديدة ارتكبت منذ إعلان الحملة الأمنية في بغداد. والحال أن عملية \"معا إلى الأمام\" تعتمد على قوات الشرطة ذات الصبغة الطائفية، والغارقة في الفساد ما يجعلها جزءا من المشكلة وليست حلاً لها. ورغم تعهد الجنرال \"ريكاردو سانشيز\" للحاكم السابق للعراق \"بول بريمر\" بإعادة الأمن إلى بغداد بفرقة أو فرقتين إضافيتين من القوات المسلحة، تجاهلت الإدارة الأميركية الطلب لتترك بغداد نهباً للعنف والفوضى. \r\n \r\n وبالعكس من ذلك تسربت معلومات في نهاية الأسبوع الماضي تشير إلى قرب خفض القوات الأميركية. ومع أن المعلومات قد لا تكون أكثر من إشاعات لا أساس لها من الصحة، إلا أنها توحي بأن الإدارة الأميركية منشغلة بصياغة استراتيجية للخروج أكثر من تأمين استراتيجية للنصر في وقت نحن في أشد الحاجة فيه إلى خطة محكمة لفرض الأمن. ولست ممن كان يعارض غزو العراق، أو إرسال قوات إضافية لتأمين بلاد الرافدين وفرض النظام، بل كنت دائما أنادي بضرورة تعزيز القوات العراقية وتدريبها كي تتولى زمام الأمور. غير أن العراق الذي حُلت قواته العسكرية عقب الغزو واجه فراغاً سياسياً هائلا عجزت القوات الأميركية عن سده، مما فتح الأبواب على مصراعيها للمتمردين من جميع المشارب والأصناف للانتشار في بغداد دون رادع. وعلينا الاعتراف اليوم أن سياسة القوات الخفيفة غير المرئية التي سنها البيت الأبيض لم تؤتِ أكلها، بل ساهمت في ازدياد نقمة العراقيين بسبب غياب الأمن الذي عجزت القوات الأميركية عن وضع حد له. \r\n \r\n ومع الأسف لا يوجد إلى حد الآن ما يوحي بأن الإدارة الأميركية تعتزم تغيير سياستها في العراق. فقد تكون الإدارة محقة بإشارتها إلى القوات الأميركية المنتشرة في مناطق عديدة وبالتالي عدم وجود ما يكفي منها لإرساله إلى العراق، إلا أن تلك القوات سواء في أفغانستان أو العراق لا تتجاوز 150 ألفا من 2.6 مليون فرد ينتسبون إلى الجيش الأميركي سواء من النظاميين أو الاحتياط، إذا بإمكاننا نشر المزيد من القوات لو فقط توفرت الإرادة السياسية. والواقع أن الإدارة الأميركية باعتقادها البقاء في العراق هو هدف في حد ذاته دون التركيز على استراتيجية لتحقيق النصر إنما تضيع الوقت والجهد. وفي هذا السياق فإن ما يحتاجه الرئيس بوش هو وزير جديد للدفاع، وربما طاقم جديد من الجنرالات ينكبون على بلورة استراتيجية للفوز بدل التفكير في الخروج. \r\n \r\n ماكس بوت \r\n \r\n كاتب ومحلل سياسي أميركي \r\n \r\n \r\n ينشر بترتيب خاص مع خدمة \"لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست \r\n \r\n