\r\n ويقولون ان روسيا يحكمها الآن نظام لا يختلف كثيرا عن النظام السوفييتي الشمولي السابق، وان أحوال حقوق الإنسان داخل روسيا لا تؤهلها للجلوس مع الدول الكبرى الديمقراطية، وان سياسات الرئيس الروسي بوتين الداخلية وتعامله مع منظمات المجتمع المدني والأساليب التي يستخدمها مع الانفصاليين الشيشان، ودعمه القوي لأجهزة الأمن والاستخبارات على حساب الحريات الفردية، ومحاصرته ومطاردته لرجال الأعمال الروس، \r\n \r\n \r\n وتدخله في شؤون الجمهوريات المجاورة، واستخدامه للنفط والغاز كوسيلة للضغط السياسي على دول مثل أوكرانيا وجورجيا وغيرها، وسعيه لفرض نفوذ روسيا على أوروبا في مجال الطاقة، كل هذه أشياء لا تليق بنظام دولة عضو في مجموعة الدول الكبرى التي ترفع شعارات الديمقراطية والحرية واحترام حقوق الإنسان واستقلال الشعوب وحقها في تقرير مصيرها. \r\n \r\n \r\n الرئيس الروسي بوتين الذي زادت شعبيته بشكل ملحوظ في روسيا في الآونة الأخيرة مع الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية والإنجازات التي حققها الاقتصاد الروسي بفضل الطفرة الكبيرة في أسعار الطاقة، يتعامل مع هذه التصريحات المضادة لروسيا بشيء من الحدة مع السخرية، فقد قال بوتين في مؤتمر صحافي عقد في الكريملين مؤخرا عن الذين ينتقدون عضوية روسيا في مجموعة الثمانية الكبار \r\n \r\n \r\n «هؤلاء النقاد لبلادنا ما زالوا يعيشون في القرن الماضي، وكلهم خبراء في مجال الدراسات السوفييتية، ومازالوا لا يستطيعون أن يتصوروا أن الاتحاد السوفييتي انهار ولم يعد له وجود، لأن هذا يعني أنهم أصبحوا عديمي القيمة لأن تخصصهم ودراساتهم أصبحت غير مطلوبة الآن» . \r\n \r\n \r\n روسيا ترى أن وجودها في مجموعة الثمانية الكبار أمر مهم وضروري لتفعيل هذه المجموعة وإكسابها طابعا ديمقراطيا، والدول السبع الكبرى تعلم جيدا أنه على الرغم من أن مستوى دخل الفرد في روسيا أقل بكثير عن مستواه في هذه الدول السبع إلا أن روسيا نفسها دولة غنية بمواردها الطبيعية وعلومها وخبراتها التي تفوق بكثير موارد وعلوم وخبرات الكثير من هذه الدول السبع، كما أنها عسكريا ونوويا لا ينافسها سوى الولاياتالمتحدة الأميركية، \r\n \r\n \r\n وأنها لديها القدرة على تغيير موازين القوى في مناطق كثيرة من العالم، كما أن هذه الدول الكبرى تعلم جيدا أن أمن الطاقة العالمي وكذلك الأمن النووي لا يمكن ضمانهما واستقرارهما بدون روسيا، هذا إلى جانب أن مستوى التنمية الاقتصادية في روسيا ينمو ويتقدم بصورة ملحوظة ومتميزة عن الكثير من هذه الدول السبع الأخرى، \r\n \r\n \r\n ويكفي الإشارة إلى أن روسيا حققت في العامين الماضيين فائضا في الميزان التجاري لم تحققه أية دولة من الدول السبع الكبرى، بما فيها الولاياتالمتحدة التي تعدت نسبة ديونها الداخلية والخارجية في عام 2005 نسبة ناتجها المحلي، في حين أن نسبة الدين الخارجي لروسيا بلغت أقل من عشرين بالمئة إلى الناتج المحلي. \r\n \r\n \r\n وإذا كانت نسبة الفقراء في روسيا أعلى منها في باقي الدول السبع الكبرى ومستوى دخل الفرد الروسي أقل بكثير منه في هذه الدول، فإن هذا في رأي الخبراء والسياسيين الروس ليس عيبا في انتسابها لمجموعة الأغنياء، بل على العكس فإن هذا يؤهلها للتعبير عن مصالح الدول النامية داخل مجموعة الكبار، \r\n \r\n \r\n وأيضا يحسن من سمعة هذه المجموعة التي لم يشعر العالم بفائدتها من يوم تأسيسها حتى الآن، لقد قال لهم الرئيس بوتين في قمة الثمانية الكبار الماضية «إنكم وعلى مدى سنوات طويلة مضت تقررون في قمتكم تخفيض ديون أفريقيا، ولم يصلح هذا من شأن شعوب أفريقيا شيئا بل زادها فقرا وتخلفا وحروبا ونزاعات، وكأن العالم لا يوجد فيه فقراء إلا في أفريقيا»، \r\n \r\n \r\n هذا صحيح بالفعل، إنهم يخفضون الديون على الدول الأفريقية لكنهم يمدون أنظمة الحكم في هذه الدول الأفريقية الفقيرة بالأسلحة والأموال التي تنفق على النزاعات والحروب الأهلية التي يذهب ضحيتها الفقراء والجياع في القارة السوداء، وربما لهذا هم منزعجون من وجود روسيا في مجموعة الكبار لأنها لن تسكت على هذه المخالفات والجرائم التي ترتكب بحق الإنسانية تحت شعارات كاذبة، وما أكثر شعاراتهم الكاذبة هذه، وخاصة عندما يتحدثون عن الحريات وحقوق الإنسان، \r\n \r\n \r\n فقد انتقد أعضاء الكونغرس المناهضون لروسيا سياسات الكريملين الجديدة، وخاصة القوانين المتعلقة بالقيود والرقابة على تمويل منظمات المجتمع المدني، وكما قال الرئيس بوتين لأحد الصحافيين حول هذه القضية «إن قوانين روسيا ليست أسوأ من قوانين الآخرين، وحاول أن تؤسس في الولاياتالمتحدة منظمة غير حكومية بتمويل أجنبي أو بأموال غير معروف مصادرها، وانظر ماذا سيفعلون معك». \r\n \r\n \r\n لقد أعلنت روسيا جدول أعمال قمة الثمانية الكبار المقبلة، وقالت انها ستضع مشكلات أمن الطاقة ومكافحة الأمراض المعدية وقضايا التعليم على رأس جدول الأعمال، وهي قضايا لم تعتد هذه القمة مناقشتها والخوض فيها من قبل، ربما لأن الدول الكبرى الغنية اعتادت دائما أن تناقش مشكلات الدول الأخرى المرتبطة بمصالحها، \r\n \r\n \r\n فإذا تناقضت أو ابتعدت هذه المشكلات عن مصالح الدول الكبرى فإنها بالطبع لا تطرح للنقاش، وليس أدل على ذلك من أن مشكلة التلوث البيئي التي تشغل العالم كله لم تطرح للنقاش ولا مرة واحدة في قمم الكبار، على الرغم من أنها تدرج دائما على جدول الأعمال، ولكن لأسباب معروفة للجميع لا تطرح للنقاش. \r\n \r\n \r\n الرئيس الروسي بوتين، كما يقول، يرى أن نادي الثمانية الكبار بدون روسيا ممكن أن يتحول إلى ناد للقطط السمان التي تخدم ما أسماه بوتين بالمليار الذهبي أو «المربع الذهبي»، وروسيا بدون مجموعة الثمانية الكبار لن تخسر شيئا، ولكن وجودها فيها سوف يفيد الكثيرين، ليس فقط من الدول النامية والفقيرة، ولكن أيضا من الدول الغنية، خاصة مع دورها المتزايد كلاعب بارز في أسواق الطاقة العالمية. \r\n \r\n \r\n أستاذ الفلسفة \r\n \r\n \r\n جامعة سيبيريا \r\n \r\n