\r\n في النهاية اعتمد عرفات على المساعدات الخارجية وتوجب عليه تحت الضغوطات الخارجية ان يقف في وجه الفساد ولو من الناحية الشكلية في البداية وهو الفساد التي تسبب في تجفيف الموارد المالية لشعب تحت الاحتلال. \r\n \r\n وبعد مرور 18 شهرا على رحيل عرفات لا يزال هناك الكثير من الغموض الذي يحيط بالفساد الذي كان والذي لايزال حتى يومنا هذا. \r\n \r\n مل الشعب الفلسطيني هذا الوضع المثير للاشمئزاز وكانت النتيجة أنه انتخب «حماس» لتكون على قمة هرم السلطة الذي طالما تربعت عليه حركة «فتح». \r\n \r\n كانت نتائج الفساد على الفلسطينيين كارثة بكل معنى الكلمة حيث انهار الاقتصاد وساد سوء الإدارة ووضع الرجل غير المناسب في المكان غير المناسب وكان يكفي الولاء بدل الكفاءة مما تسبب في وضع شخصيات غير كفؤة لتحل وتربط بلا علم او مهارات أو خبرة. \r\n \r\n حماس هي أول حركة إسلامية في العالم العربي تصل للسلطة عبر صناديق الاقتراع وهي تعد بان تجعل السلطة الفلسطينية اكثر شفافية واكثر قابلية للمحاسبة. \r\n \r\n الرجل الذي يقود هذه السلطة ليس عضواً قيادياً في حماس بل هو شخص عينه عرفات ليكن خليفة له. \r\n \r\n انه رئيس السلطة الحالي محمود عباس الذي اصدر الأمر للمدعي العام أحمد المغاني «لتنظيف البيت الفلسطيني» مما علق به من اوساخ. \r\n \r\n أعمال المدعي العام حتى الآن عادية ومتوسطة ولكنه يبدو مصمما على استئصال الفساد الذي نخر اوصال الشعب والاقتصاد الفلسطينيين. \r\n \r\n بعد فوز حماس تبخرت المساعدات الخارجية واصبحت السلطة مفلسة تماماً. ويبدو أن الجميع تفاجأ بهذا الفوز ولكن يتفق الجميع على ضرورة الاستمرار في تقديم المساعدات الانسانية للشعب الفلسطيني وهي مساعدات لا تكفي لاطعام شعب محاصر بأي حال. \r\n \r\n النصر الذي حققته حماس يعود في جزء كبير منه إلى تنامي سخط الفلسطينيين على الفساد والمفسدين في السلطة وهو شيء كان أوضح ما يكون تحت حكم عرفات و«أزلامه». الكثيرون من هؤلاء هم من كبار قادة فتح الذين اشتراهم ومولهم عرفات وكثير منهم بقوا في مناصبهم حتى بعد انتخاب عباس رئيساً للسلطة في اوائل 2005. \r\n \r\n بعد ايام قليلة من فوز حماس اعلن المدير العام الفلسطيني ان السلطة بدأت تحقق في الفساد الرسمي وان هناك ما يكفي من الادلة على «سرقة وتبذير 700 مليون دولار في السنوات الاخيرة بحيث سربت إلى حسابات خاصة بأفراد معينين داخل الاراضي الفلسطينية وخارجها». \r\n \r\n وذكر المدعي العام أيضاً ان الامور قد تتكشف عن سرقة مليارات الدولارات. وهناك تحقيقات تجرى الآن في حوالي 50 قضية فساد مالي واداري وألقي القبض على 25 مسؤولاً في اوائل فبراير. وكشف المدعي العام ان هناك عشرة من كبار المسؤولين الفلسطينيين فروا للخارج خلال التحقيقات وصدرت مذكرات اعتقال دولية بحقهم، اربعة منهم يقيمون الآن في الأردن ودول عربية أخرى لم يسمها. \r\n \r\n بعض المصادر العلمية في السلطة ذكرت ان بعض كبار مساعدي عرفات هربوا إلى مصر مع اسرهم في عام 2005، المدعي العام لم يكشف اي اسماء، وهناك مخاوف من ان التحقيقات قد تطال فقط أشخاصا متوسطي المستوى في الوقت الذي يترك المسؤولون السياسيون ورجال الاعمال الكبار الذين نهبوا المال العام في مناصبهم وعلى حالهم بحيث يستمرون في انشطتهم الفاسدة أو فتح المجال أمامهم ليفروا مثل غيرهم للخارج. \r\n \r\n «صندوق الائتلاف من أجل السلام» وهي منظمة غير حكومية ذكرت اسم مسؤول فر إلى الأردن وهو مدير عام وزارة المالية حيث يقول البعض انه هرب مبلغ 20 مليون دولار مستخدما الحقيقة الدبلوماسية ولكن لم يثبت احد صحة هذا الاتهام حتى الآن. \r\n \r\n تقول صحيفة «جروزاليم بوست» الإسرائيلية ان احد كبار المسؤولين في السلطة عمل مساعدا مقربا لعرفات لأكثر من عقدين انتقل للاقامة في الأردن وسط شكوك تحوم حول قيامه بسرقة ملايين الدولارات من أموال السلطة، كان ذلك المسؤول مكلفا من قبل عرفات بحمل الحقائب المعبأة بالمال وتوصيلها إلى «أزلامه» وإلى القادة الامنيين وبطبيعة الحال لم يكن هناك اي دفاتر محاسبية لرصد تلك المبالغ. \r\n \r\n تغير الوضع في عام 2003 عندما اجبر ياسر عرفات نتيجة للضغوط الخارجية على تعيين سلام فياض المسؤول السابق في صندوق النقد الدولي وزيرا لمالية السلطة، بذل فياض الكثير من الجهود وحقق الكثير من الانجازات ولكنه لم يستطع استئصال الفساد والمفسدين. \r\n \r\n بعد وفاة عرفات في نوفمبر 2004 تزايدت المطالبات الشعبية بمكافحة الفساد وارسلت كتائب شهداء الاقصى التابعة لفتح برسالة الى محمود عباس تطالبه فيها باعتقال ومحاكمة عشرة مسؤولين يعتبرون رمزا للفساد في الاراضي الفلسطينية وتضمنت تلك الاسماء مسؤولين كبارا سابقين في هيئة النفط الفلسطينية وسلطة النقد ووزارة الشؤون الاجتماعية والشرطة والدائرة الضيقة المحيطة بعرفات. \r\n \r\n سيطر عرفات على جميع الخيوط المالية الفلسطينية وكانت طريقته تلك هي وسيلته من اجل البقاء في السلطة فلقد سمح للدائرة الضيقة المحيطة به من فتح بنهب المال العام ولعقود أنفق هو نفسه المال دون رقابة من اي نوع ووجه الكثير من الرسائل القصيرة والملاحظات الى وزارة المالية لتسليم ملايين الدولارات شهريا الى قادة الاجهزة الامنية من اجل دفع رواتب رجالهم وظهر لاحقا ان الكثير من هؤلاء كانوا «اشباحا لا وجود لهم على ارض الواقع». \r\n \r\n الموالون لعرفات اعطوا مناصب قيادية في الاحتكارات التابعة للسلطة وتم توزيع ملايين الدولارات بناء على تعليمات تصدر عن عرفات ولم يتم تسجيلها ابدا في سجلات وزارة المالية. \r\n \r\n معظم التمويل الذي توفر للسلطة كان من المانحين الاجانب وعلى رأسهم الاتحاد الاوروبي والمنظمات الدولية. \r\n \r\n يقول نيفل روبرتس المبعوث السابق للبنك الدولي في الاراضي الفلسطينية ان السلطة استلمت خمسة مليارات دولار كمساعدات خلال السنوات الخمس الماضية وقد وجدت طريقها الى جيوب بعض المستفيدين ولم يستفد منها الفلسطينيون العاديون. \r\n \r\n يقول المشرع الفلسطيني عزمي شعيبي أحد الناشطين ضد الفساد انه لم يتم حتى الآن التحقيق مع اي وزير او قائد امني بتهمة الفساد. \r\n \r\n احدى اهم قضايا الفساد ما يسمى «بفضيحة الاسمنت» بدأت فصولها في 2003 عندما عرضت مصر بيع 42 ألف طن من الاسمنت بسعر متدن لدعم الاقتصاد الفلسطيني ولكن من المفترض ان يستخدم بصورة اساسية في اعادة بناء المنازل الفلسطينية التي هدمتها اسرائيل في هجماتها العسكرية على قطاع غزة.العديد من كبار المسؤولين في السلطة حصلوا على تراخيص من وزارة الاقتصاد لاستيراد الاسمنت ولكن تم بيعه بعد وصوله مباشرة لاسرائيل بمعرفة كبار مساعدي عرفات. \r\n \r\n ويقول اعضاء في المجلس التشريعي الفلسطيني ان الاسمنت استخدم في بناء جدار العزل الذي تقيمه اسرائيل في قلب الارض الفلسطينية ويقول البعض ان الوزير نفسه كان متورطا في بيع الاسمنت المنتج فلسطينيا في مصنع أسرته قرب ابو ديس حيث بيع للشركات الاسرائيلية التي استخدمته في بناء المستوطنات على الاراضي الفلسطينية المصادرة. يقول المدير العام: اننا نحاول الآن منع المشتبه بهم من مغادرة الاراضي الفلسطينية ولن تكون هناك حصانة لأحد تورط في الفساد المالي». \r\n \r\n وعلينا ان ننتظر لنرى فكما يقال في الامثال «غدا يذوب الثلج». \r\n \r\n خلال الحملة الانتخابية وعد مرشحو حماس باستئصال الفساد الرسمي واحضار كل المتورطين للعدالة. وتشير الدلائل الى انهم مصممون فعلا على ذلك. \r\n \r\n ولكن علينا القول ان استرداد الاموال المسروقة لن يكون بالامر السهل. \r\n