الاتفاق الذي تم التوصل إليه عقب مفاوضات مطولة، وضع حداً لحالة الغموض التي سادت منذ أن أعلنت حكومة الزعيم الكوري الشمالي \"كيم جونغ\" في أغسطس المنصرم أنها ترحب بمساعدات التنمية وأنها لم تعد ترغب في المساعدات الغذائية. وهو ما أرغم برنامج الغذاء العالمي، الذي يدير عمليات الإطعام الرئيسية في كوريا الشمالية، حينها على وقف نشاطه في نهاية ديسمبر المنصرم. \r\n \r\n ووصف \"بانبوري\" الاتفاقية الجديدة ب\"التقدم المهم\" الذي سيستفيد منه فقراء كوريا الشمالية الذين يعانون من سوء التغذية، غير أنه أعلن أن عدد الأشخاص الذين سيستفيدون من هذه المساعدات سيكون محدوداً بسبب القيود التي فرضتها السلطات الكورية الشمالية –إذ من المنتظر أن يتقلص عدد المستفيدين من 6 ملايين شخص موزعين على 16 مقاطعة بموجب برنامج العام الماضي، والذي فاقت قيمته 200 مليون دولار، إلى 1.9 مليون موزعين على 30 مقاطعة بمقتضى البرنامج الجديد. وقال \"بانبوري\" لجمع من الصحافيين خلال توقفه في بكين: \"لقد عللوا ذلك بالقول إنهم يحتاجون إلى كمية أقل من المساعدات الغذائية لأن محاصيلهم تتحسن، ولأنهم لا يرغبون في خلق ثقافة التواكل\". \r\n \r\n وتندرج المساعدات الغذائية التي كانت ترسل إلى كوريا الشمالية في ما مضى في إطار الأنشطة الإنسانية، غير أن آفاق إرسال المزيد من المساعدات الدولية الدقيقة والمحددة التي تلبي احتياجات الكوريين، شكلت عاملاً رئيسياً في تعثر المحادثات حول برنامج الأسلحة النووية. كما أن رغبة حكومة \"كيم\" في تقليص المساعدات الغذائية تؤشر إلى أنها لا تتطلع كثيراً إلى المكافآت الاقتصادية التي يلوِّح بها الغرب باعتبارها وسيلة تحفيز قد تحمل \"بيونغ يانغ\" على التخلي عن تطوير الأسلحة النووية. \r\n \r\n ولما كانت حكومة \"كيم\" حريصة على السرية والتكتم، يقول \"بانبوري\"، فإنه من الصعب التأكد من صحة ما صرحت به من أنها ليست في حاجة إلى المزيد من المساعدات الغذائية. إلا أنه لم يخفِ تشككه إزاء إعلان سلطات كوريا الشمالية، مشيراً في هذا الإطار إلى سعي بيونغ يانغ إلى الحصول مؤخراً على 500 ألف طن من الحبوب من كوريا الجنوبية، مضيفاً أن إنتاجها من الحبوب في السنين الأخيرة لم يتجاوز مليون طن سنوياً، أي دون الكمية التي تحتاجها سنوياً من الحبوب والمقدَّرة ب5.3 مليون طن. \r\n \r\n وحسب تقارير وردت من بيونغ يانغ، فإن الإصلاحات الاقتصادية التي بدأت عام 2002، خففت تدريجياً من قبضة نظام كوريا الشمالية الصارم وضخت بعض الحيوية في الاقتصاد، حيث سُمح مثلا بإنشاء أسواق الأغذية الخاصة في السنوات الأخيرة. إلا أن أسعار الأغذية سرعان ما ارتفعت، وهو ما دفع المزارعين إلى بيع محاصيلهم إلى القطاع الخاص بدلاً من أن يبيعوها لنظام التوزيع العمومي بأسعار تحددها الدولة. وهو الأمر الذي كرس معاناة الفقراء من سكان كوريا الشمالية، البالغ تعدادهم 23 مليون نسمة، والذين يعتمدون على حصص الطعام التي توفرها الدولة. \r\n \r\n وضمن تداعيات ذلك، أعلنت الحكومة مؤخراً أن نظام التوزيع العمومي سيستأنف احتكاره للحبوب. والواقع أن السلطات الكورية الشمالية لم تشرح كيف تعتزم التوفيق بين هذا الإجراء والإصلاحات الاقتصادية. وتعليقاً على هذا الموضوع، قال \"بانبوري\" إن الاتفاقية القاضية باستئناف المساعدات الغذائية الأممية توحي بأن المسؤولين الكوريين الشماليين أدركوا أن نظام التوزيع العمومي لا يستطيع تأمين توفير الطعام للجميع، بالرغم من تأكيدهم السابق على أنه حان وقت الانتقال إلى مساعدات التنمية. \r\n \r\n وحسب المسؤول الأممي، فمن المنتظر أن يتم استئناف توزيع المساعدات الغذائية التابعة للأمم المتحدة فوراً، غير أن الأمر سيتطلب عدة أسابيع قبل أن تأخذ هذه العمليات سرعتها ووتيرتها المعتادتين. وعلى غرار ما كان عليه الحال في السابق، فإن معظم المساعدات الغذائية ستكون على شكل بسكويت مقوى بالفيتامينات للأطفال، وخلطات حساء غنية بالفيتامينات للرضع، ومقويات للنساء الحوامل والشيوخ والعجزة. \r\n \r\n ورغم تقليص عدد الموظفين من 48 إلى 10، أعلن \"بانبوري\" أن موظفي الأممالمتحدة سيتمكنون من التحقق من أن الأغذية تصل فعلاً إلى الفقراء، وليس موظفي الحكومة أو العسكر. ومما يذكر في هذا السياق أن تحويل وجهة المساعدات الغذائية شكل مصدر قلق كبير بالنسبة للولايات المتحدة ودول مانحة أخرى تابعة للأمم المتحدة منذ أن أعلن كيم أن الجنود ومسؤولين آخرين يحظون بالأولوية في كوريا الشمالية. إلا أن بانبوري قال: \"لن نوفر الأغذية للمناطق التي لا يمكن لموظفينا الوصول إليها\". \r\n \r\n إدوارد كودي \r\n \r\n محرر الشؤون الخارجية في \"واشنطن بوست\" \r\n \r\n ينشر بترتيب خاص مع خدمة \"واشنطن بوست ولوس انجلوس تايمز\" \r\n \r\n