ولا تشكل تلك المشاريع سوى جزء يسير من المبالغ الكبيرة التي رصدتها إيران لإنفاقها على البلد وتصل قيمتها إلى 204 ملايين دولار، ما يجعلها تحتل مرتبة متقدمة ضمن الدول المانحة لأفغانستان في فترة ما بعد الحرب. \r\n وبالرغم من التوتر السائد حالياً بين إيرانوالولاياتالمتحدة على خلفية الملف النووي الإيراني واتهامها بالسعي إلى امتلاك السلاح النووي، إلا أن العدوين اللدودين استطاعا تخطي خلافاتهما في أفغانستان والعمل سوياً في بلد تجمعهما فيه المصلحة المشتركة. لذا فإن العمل على حشر إيران في الزاوية من خلال فرض عقوبات عليها أو شن حرب ضدها قد يؤدي إلى انتكاسة جهود إعادة إعمار في أفغانستان التي ينظر إليها الكثيرون على أنها ساحة المعركة الأولى في الحرب الطويلة ضد الإرهاب. ويذكر أن التأثير الإيراني في أفغانستان ليس بالأمر الجديد، بل يعود إلى تاريخ سحيق وآلاف الأميال من الحدود المشتركة والمفتوحة التي يعبرها نحو ألفي شخص يومياً، ناهيك عن اللغة المشتركة. \r\n غير أنه في ظل التوتر الذي ما فتئ يتصاعد بين إيرانوالولاياتالمتحدة يتوقع بعض المحللين لجوء إيران إلى استخدام نفوذها في أفغانستان لخلق المتاعب للولايات المتحدة. فقد حذر أحد الدبلوماسيين الغربيين الذي فضل عدم ذكر اسمه لحساسية الموضوع بأن \"إيران تملك القدرة على خلق صعوبات جمة أمام الولاياتالمتحدة إذا أحست بأن الحكومة الأفغانية تنحاز إلى الغرب، أو إذا شعرت بأن التواجد الأميركي في أفغانستان يمثل تهديداً على الوضع الداخلي في إيران\". الإسمنت هو فقط واحد من الأمثلة العديدة التي تؤكد مدى النفوذ الذي باتت تتمتع به إيران في أفغانستان. فقبل فترة قصيرة كانت إيران تحتكر الإسمنت في أفغانستان، لكنها توقفت منذ مدة عن تصدير الإسمنت إلى أفغانستان مفضلة التعامل مع السوق العراقية. والنتيجة أن تضاعفت الأسعار حسب مصادر محلية، وهو ما كشف بوضوح عن قدرة إيران على إعاقة جهود الإعمار بسهولة كبيرة. \"الحاج كلام قادر أكبر\"، رئيس غرفة التجارة في مدينة هيرات أكد بأنه \"إذا ما قررت إيران وقف صادراتها، فإن ذلك سيترتب عليه العديد من المشاكل بالنسبة لنا، حيث علقت مشاريع عديدة بسبب ارتفاع أسعار الإسمنت\". \r\n ولا تقتصر القدرات الإيرانية في عرقلة الجهود الأميركية على التحكم في السوق الداخلية والتأثير عليها، بل تمتد أيضاً، كما يقول بعض الصحفيين، إلى الهجمات الإرهابية في ظل شائعات تشير إلى إقامة الحرس الثوري الإيراني معسكرات له خارج هيرات. وفي هذا الإطار نقلت وكالة \"الأسوشييتد برس\" عن سيد أحمد أنصاري، رئيس الشرطة في شينداد، وهي إحدى المدن التابعة لمحافظة هيرات قوله \"يتم استقدام المواد المتفجرة من داخل إيران لأنها لا تريد أن تنعم أفغانستان بالسلام بسبب صراعها مع الولاياتالمتحدة\". ومع ذلك لم تتأكد بعد مزاعم التورط الإيراني في زعزعة استقرار أفغانستان عبر دعمها للعمليات الإرهابية، لا سيما في ظل غياب قرائن ملموسة تثبت التدخل الإيراني. وقد عبر عن ذلك \"أيوب سالانجي\"، رئيس الشرطة في هيرات بقوله \"قبل التعليق على الموضوع علينا أن نتوفر أولا على أدلة\". ومن جهته أصر السفير الإيراني لدى أفغانستان على الدور الإيجابي لبلاده، غير أنه حذر في الوقت نفسه من أن ذلك قد يتغير في المستقبل قائلاً \"إذا ما فرضت علينا ظروف جديدة، فإن تصرفنا سيكون على قدر تلك الظروف\" مضيفا \"إذا ضبط الأميركيون نفسهم في أفغانستان، فإني لا أرى سببا لتغيير موقفنا الإيجابي\". \r\n وحتى بالنسبة لمن يحاولون في الولاياتالمتحدة تصيد الأخطاء الإيرانية في أفغانستان وإثبات تورطها في العمليات الإرهابية وجدوا أنفسهم يقرون بالسلوك الإيجابي لإيران، معترفين بأنها جار جيد لأفغانستان. كانت تلك بعض من الأصداء التي ترددت خلال جلسة استماع نظمها الكونجرس الأميركي تم الاستماع فيها إلى هيئة من المختصين سلطوا الضوء بالإجماع على مساهمة إيران الإيجابية في دعم الاستقرار في أفغانستان. وفي هذا السياق صرح سيث جونز من شركة راند إلى الكونجرس قائلا \"لا أعتقد بأن إيران تقوم بدور سيئ في أفغانستان، حيث العلاقة بين طهران والحكومة الأفغانية مازالت في حدود المعقول\". والأكثر من ذلك حذر \"بارنيت روبن\"، الأستاذ بجامعة نيويورك \"من هؤلاء الذين يحاولون إقناعنا بوجود تقارير استخباراتية تدين إيران لإنها ببساطة عارية عن الصحة\". وقد وصلت المساهمة الإيرانية في جهود إعادة الإعمار بأفغانستان إلى مستوى متقدم سيؤدي حتما إلى تعثر تلك الجهود في حال أجبرت إيران على الخروج بسبب العقوبات أو الحرب. \r\n \r\n ديفيد مونتيرو \r\n \r\n مراسل \"كريستيان ساينس مونتور\" في أفغانستان \r\n ينشر بترتيب خاص مع خدمة \"كريستيان ساينس مونيتور\" \r\n \r\n \r\n