وفي وقت تقوم فيه الولاياتالمتحدة بحث دول أخرى في الشرق الأوسط، أو تلك التي تربطها بإيران علاقات وثيقة، على الانضمام إلى الجهود الرامية إلى الضغط باتجاه إحداث تغيير سياسي هناك، تطرح علامات استفهام حول مدى فعالية ونجاعة إحداث تغيير داخلي في غياب برامج، ودرجة التأييد الشعبي للجماعات المعارضة داخل إيران. وفي هذا السياق، يقول \"باهمان باختياري\"، المتخصص في شؤون الشرق الأوسط بجامعة \"مين\" الأميركية: \"مما لاشك فيه أن لدى إيران مجتمعا مدنيا نشطا وقاعدة عريضة من الشباب، ولكن ترجمة نقاط القوة هذه إلى تغيير سياسي –وما إذا كان باستطاعة الولاياتالمتحدة أن تكون القائد الخارجي لهذا التغيير- تعتبر عقبات ينبغي تجاوزها\". \r\n ولعل أولى العقبات المطروحة، حسب \"باختياري\"، تتمثل في مشاعر الكره والغضب التي تسود الشارع الإيراني تجاه السياسات الأميركية، بما فيها تلك المنتهجة في العراق. وبالتالي، فإن أية جماعة على علاقة بالولاياتالمتحدة تفقد مصداقيتها. وعلاوة على ذلك، يضيف \"باختياري\"، فإن المقارنة مع بولندا في غير محلها لأن النظام الإيراني ليس ضعيفاً كما كان النظام الديكتاتوري في بولندا حين قامت \"حركة التضامن\" المدعومة من الخارج ضده. \r\n لقد أعلنت وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس أمام الكونغرس الأسبوع الجاري أن الإدارة الأميركية تسعى إلى الحصول على 75 مليون دولار على وجه السرعة للبدء في حشد الدعم والتأييد للقوى المنادية بالديمقراطية في إيران. وتجدر الإشارة إلى أنه تم رصد 10 ملايين دولار لهذا الغرض حالياً، إلا أن القليل من هذا المبلغ فقط هو الذي تم صرفه حتى الآن. \r\n وحسب مسؤولي وزيرة الخارجية فإن الرأي السائد في أوساط الإدارة هو أن الوقت مواتٍ حالياً لدعم الجماعات المعارضة الإيرانية –ولأن تنحو دول أخرى هذا المنحى، حيث بات ينظر إلى طهران اليوم في العالم على أنها تجاوزت \"الخطوط الحمراء\"، على حد تعبير الوزيرة رايس، وذلك في ضوء استئنافها تخصيب الوقود النووي هذا الأسبوع، والخطب الاستفزازية المتكررة للرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد. \r\n ومن المتوقع أن يخصص هذا الدعم المالي المرتقب لتعزيز وسائل الإعلام باللغة الفارسية الموجهة نحو إيران، ودعم الجماعات المعارضة، وتبادل الطلبة. وينتظر أن تعمل \"رايس\" على التعريف بهذه المساعي والترويج لها خلال زياراتها المرتقبة لمصر والسعودية والإمارات. فيما يرتقب أن يبحث مسؤولون آخرون المسألة مع الحلفاء الغربيين الذين أضحوا مستعدين لتحدي طهران بعد أن رفضت هذه الأخيرة المساعي الدبلوماسية التي بذلتها بريطانيا وفرنسا وألمانيا للتوصل إلى تسوية عن طريق المفاوضات لملف إيران النووي. \r\n خطر إخفاق المخطط \r\n بيد أن عددا من الملاحظين يحذرون من احتمال أن تؤدي الضغوط الخارجية في اتجاه إحداث التغيير إلى نتائج عكسية تقوي النظام القائم. وفي هذا الإطار، يعتبر عدد من المراقبين أن الجهود الأميركية الرامية إلى إنشاء معارضة داخلية للرئيس الفنزويلي هوغو تشافيز، على سبيل المثال، إنما عززت التأييد الذي يحظى به هذا الزعيم الشعبوي، وأتاحت له فرصة مهاجمة خصومه ووصفهم بدمى الولاياتالمتحدة. \r\n ويقول \"ريموند تانتار\"، المتخصص في شؤون الشرق الأوسط ب\"مجلس الأمن القومي\" في عهد إدارة جورج بوش الأب، \"في حال قامت الإدارة علناً بدعم جماعات المعارضة، فإن ذلك لن يؤدي سوى إلى تقوية المرشد الأعلى في إيران، آية الله علي خامنئي، والرئيس الذي انتقاه، أحمدي نجاد\". \r\n صعود مجاهدي خلق؟ \r\n ويرى السيد \"تانتر\" أن الولاياتالمتحدة قد تضطر إلى إعادة النظر في \"مجاهدي خلق\"، وهي حركة معارضة قديمة لنظام طهران ولكنها تصنف من قبل وزارة الخارجية الأميركية ضمن قائمة المنظمات الإرهابية. ويرى السيد \"تانتر\"، الذي أمضى أربعة أشهر في دراسة المعارضة الإيرانية قبل الخروج بهذا الاستنتاج، أنه \"لا وجود لجماعات معارضة أخرى في الواقع\"، مضيفا \"إذا كنا جادين في التعاون مع مجموعات من الداخل، فلابد أن يكون ذلك مع \"مجاهدي خلق\"، وذلك نظراً لغياب جماعة معارضة أخرى يأبه لها النظام\". \r\n غير أن \"رايس\" جددت علنا الشهر المنصرم نية الإدارة الأميركية عدم التعامل مع \"مجاهدي خلق\"، حيث توجه للجماعة تهم القيام بأعمال إرهابية، بما في ذلك قتل مواطنين أميركيين بإيران إبان السبعينيات. \r\n إلا أن عدة أعضاء في الكونغرس يضغطون في اتجاه إزالة هذه الحركة من قائمة المنظمات الإرهابية، كما يرى \"تانتر\" أن \"الباب ينفتح\" داخل الإدارة للاعتراف مجدداً بالمجموعة. \r\n وحسب \"مهدي ماراند\"، المتحدث باسم \"مجلس التغيير الديمقراطي\" في إيران، فإن المجلس، ومقره بالعاصمة واشنطن، يرحب بالدعم الخارجي للمعارضة الإيرانية، ولكنه يرى أن المقاربة التي تتبناها إدارة بوش ليست فعالة معتبراً أن \"المشكلة اليوم ليست مالية، بل سياسية\"، مضيفاً \"إذا كانت الولاياتالمتحدة ترغب فعلاً في مساعدة القوى الديمقراطية داخل إيران، فالسبيل الوحيدة إلى ذلك هي رفع القيود عن المعارضة\". ويرى \"ماراند\" أن بعض الأعضاء في الكونغرس باتوا مستعدين لشطب اسم \"مجاهدي خلق\" من قائمة المنظمات الإرهابية لأنهم يرون فيها السبيل الأوحد لإحداث التغيير داخل إيران. \r\n هذا في حين يرى آخرون أن ارتباط الولاياتالمتحدة مع حركة \"مجاهدي خلق\" سيكون قراراً غير حكيم، إذ يعتبر السيد \"باختياري\" أن \"مجاهدي خلق\" يفتقرون إلى المصداقية والتأييد في أوساط الإيرانيين بعد أن تلقوا الدعم من صدام حسين، ويقول في هذا الصدد \"إن دعم جماعة تفتقد إلى المصداقية سيكون شبيهاً بمثال أحمد الجلبي مع الولاياتالمتحدة في العراق. فمعظم الناس يعتقدون اليوم أن ذلك كان كارثة حقيقية\". \r\n هاورد لافرانتشي \r\n ينشر بترتيب خاص مع خدمة \"كريستيان ساينس مونيتور\" \r\n