\r\n فبينما كان ملايين الإيرانيين يستعدون يوم الجمعة للتصويت لانتخاب رئيس جديد خلفا للرئيس \"محمد خاتمي\"، بدأت هذه المجموعة ما لا يصح تسميته إلى أنه حملة علاقات عامة منسقة، من أجل التشكيك في الانتخابات حتى قبل أن تقع، مستندين في هذا كله إلى قيام الرئيس \"بوش\" نفسه بشجب الانتخابات بقوة. \r\n \r\n \r\n وكان الرئيس \"بوش\" قد أعلن في بيان له صدر عن البيت الأبيض ظهر يوم الخميس أن: \"إيران محكومة اليوم برجال يقومون بقمع الحرية في بلادهم ونشر الإرهاب في العالم. إن السلطة متركزة في أيدي أقلية غير منتخبة احتفظت بالسلطة من خلال عملية انتخابية تتجاهل المتطلبات الأساسية للديمقراطية\". \r\n \r\n وعلى غرار تصريحات الرئيس \"بوش\" صدرت تصريحات عن مستشار الأمن القومي \"ستيفن هاندلي\"، وكذلك عن وزيرة الخارجية \"كوندوليزا رايس\" وإن كانت أقل صراحة. وقد قدمت تصريحات بوش هذه شيئا من الطمأنة للصقور، وبخاصة بعض المحافظين الجدد خارج الإدارة الذين دفعوا بقوة بحملتهم طويلة المدى من أجل \"تغيير نظام الحكم\" في طهران. \r\n \r\n ومع ذلك فإن جهودهم هذه للتشكيك في الانتخابات تُبرز في نفس الوقت اهتمامهم المتزايد بأن الرئيس الجديد في طهران يمكن أن يكون شخصا يستطيع الغرب إقامة علاقات معه، كما قالت \"مارجريت تاتشر\" معلّقة على مجيء الرئيس السوفييتي \"ميخائيل جورباتشوف\" منذ 20 عاما. \r\n \r\n وقد تصاعد هذا الاهتمام بحدة مع نهاية الشهر الماضي عندما حثّ مسئولو وزارة الخارجية زعامة الجمهوريين في كلا مجلسي الكونجرس على تأجيل اتخاذ أي إجراء فيما يتعلق ب\"قانون دعم الحرية في إيران\"، والذي سيفرض عقوبات جديدة على إيران لقيامها بتعليق المفاوضات الجارية بينها وبين دول الاتحاد الأوروبي الثلاثة: بريطانيا وفرنسا وألمانيا، بخصوص البرنامج النووي الإيراني. \r\n \r\n وقد صرح مصدر مطّلع طلب عدم ذكر اسمه قائلا: \"إن هؤلاء الأشخاص يريدون تغيير نظام الحكم، كما أنهم قلقون للغاية بخصوص أي شيء يمكن أن يحوّل النظر عن هذا الأمر. إنهم يريدون أن يضمنوا أن البيت الأبيض لن تراوده أيّة أفكار غريبة من قبيل عقد صفقة مع حكومة إيرانية جديدة\". \r\n \r\n إن الصيغة التي أعلنها الصقور يوم الخميس عشية الاقتراع هي أن الانتخابات لن تشكّل أي فرق؛ لأن العناصر المتشددة التي يقودها القائد الديني الأعلى غير المنتخب \"آية الله علي خامنئي\"، و\"مجلس الوصاية\" الذي قام بالكثير من أجل إعاقة الرئيس \"محمد خاتمي\" والإصلاحيين، سوف يظلان يقودان البلاد بغض النظر عن الفائز. \r\n \r\n وفي مقال له بعنوان \"عندما تُفرّغ الانتخابات من مضمونها\" نشره \"ناشيونال ريفيو أون لاين\" صباح الخميس كتب \"مايكل لدين\" من \"معهد العمل الأمريكي\": \"إن أي شخص عادي على دراية بالجمهورية الإسلامية يعلم أن هذه ليست انتخابات على الإطلاق...\" وأضاف يقول: \"إنهم مجرد أدوات تمثيلية، أو أدوات للتسلية، أو أوبرا كوميدية يتم عرضها من أجلنا. إن الغرض من وراء هذا التمثيل الهزلي بكل بساطة هو الحيلولة بيننا وبين دعم قوى الثورة الديمقراطية في إيران\". \r\n \r\n وقد ترددت هذه الفكرة في سلسلة من الأحداث والعديد من الأعمدة المنشورة يوم الخميس، من بينها مقال ل\"كينيث تيمرمان\" في \"ناشيونال ريفيو أون لاين\" (وتم نشره ثانية يوم الجمعة في \"الواشنطن تايمز\") وكان عنوانه \"انتخابات زائفة وتهديدات حقيقية\". وقد تنبأ \"كينيث\" في هذا المقال أنه لن يخرج للاقتراع في طهران أكثر من 5 بالمائة ممن يحق لهم التصويت. \r\n \r\n وثمة مقال آخر في \"واشنطن تايمز\" عنوانه \"مواجهة الانتخابات الإيرانية\" بقلم \"إيليوت كودوف\"، و\"نير بومز\" النائب السابق لرئيس \"مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات\"، والذي يشغل حاليا منصب نائب رئيس \"مركز الحرية في الشرق الأوسط\"، الذي أُنشئ حديثا. ومقال ثالث نُشر في \"نيويورك تايمز\" كتبته نائب رئيس \"معهد العمل الأمريكي\" \"دانييل بليتكا\" عنوانه \"هذا ليس رجلنا في إيران\"، وهو يشير إلى الرئيس السابق \"علي أكبر هاشمي رافسنجاني\" المتقدم في سباق الانتخابات. وذهبت \"دانييل بليتكا\" في مقالها إلى أن \"النصر المفترض\" ل\"رافسنجاني\" يرجع إلى \"مؤامرات الفقهاء (الملالي)\". \r\n \r\n في غضون ذلك اتهم السيناتور \"سام براونباك\" –وهو زعيم مسيحي يميني مقرب من المحافظين الجدد المتشددين وفي نفس الوقت مقرب من الإيرانيين الأمريكيين المؤيدين ل\"رضا بهلوي\" الابن الطموح لشاه إيران السابق، والذي يعيش في أمريكا– في خطاب له في مجلس الشيوخ الانتخابات بأنها كانت \"زائفة\". وعلى الجانب الآخر من المدينة جرت مناقشة حول الانتخابات احتوت على عرض قدمه \"محسن سازجارا\" وهو مؤسس \"فيلق الحرس الثوري\"، من \"معهد واشنطن لسياسات الشرق الأوسط\"، والذي تنبأ أنه \"لا يّهم من يفوز في الانتخابات الرئاسية، إذ إنه لن تكون هناك تغييرات حقيقية في السياسة الإيرانية المحلية أو الخارجية\". \r\n \r\n ورغم التأكيد الواضح في وجهات النظر هذه إلا أن العديد من المتخصصين في الشئون الإيرانية الموجودين في الولاياتالمتحدة –مع كونهم متفقين على أن سلطات \"خامنئي\" ومجلس الوصاية ستقيّد الرئيس القادم– إلا أنهم قالوا إن وصف الانتخابات بأنها زائفة ساذج في أحسن الأحوال، وهو تحريف متعمَّد في أسوأها. \r\n \r\n وعلى عكس تأكيد \"بليتكا\" أن رافسنجاني تم اختياره من قبل الفقهاء، قال \"جاري سيك\"، الخبير في الشئون الإيرانية والذي يعمل بجامعة \"كولومبيا\": \"لقد أكد القريبون من عملية الانتخابات الفعلية مرارا أن \"رافسنجاني\" يُنظر إليه باعتباره يفرّق الفقهاء، كما أن خامنئي لم يعارضه بشدة عند ترشّحه\". \r\n \r\n وقد كرر نفس وجهة النظر هذه \"عباس ميلاني\" و\"مايكل ماكفول\"، مديرا \"مشروع الديمقراطية الإيرانية\" في \"معهد هوفر\" بكاليفورنيا، في مقال منشور في عدد الجمعة من \"الهيرالد تريبيون\" الدولية. فقد كتبا يقولان: \"إن رافسنجاني وخامنئي أصبح كل منهما على طرفي نقيض من الناحية السياسية\"، في إشارة إلى \"الانقسام الواضح داخل الصفوة الحاكمة\"، والتي تُنذر بشدة ب\"بدء الحرية السياسية\". \r\n \r\n وأوضح كل من \"ميلاني\" و\"ماكفول\" أن الأهم من هذا هو أن \"رافسنجاني\" و\"مصطفى معين\" –وهو إصلاحي كان يُحتمل أن ينافس \"رافسنجاني\" في انتخابات 1 يوليو– قد ذهبا إلى أبعد مما ذهب إليه \"خاتمي\" في \"تحدّي شرعية الجمهورية الإسلامية وقيادتها الحالية\"، وفي تأييد تحسين العلاقات مع الولاياتالمتحدة. \r\n \r\n إن قراءة قريبة من الصقور تكشف عن تناقضات خطيرة. فرغم إصرار \"مايكل لدين\" –على سبيل المثال– أن \"الملايين من أوراق الاقتراع 'المعلَّمة رسميّا‘ قد تم فبركتها منذ عدة أسابيع، لضمان أن المرشح المناسب هو الذي سيفوز\"، إلّا أنه اعترف أنه لا يعلم من الذي يمكن أن يفوز. \r\n \r\n وقد افترض \"لدين\" –مثلما فعلت \"بليتكا\"– أن \"رافسنجاني\" هو الذي سيفوز، ولكن بما أن \"خامنئي\" يتحكم في مجلس الوصاية من أجل أن يستطيع \"معين\" –(وهو بحسب وصف \"لدين\" \"مصلح زائف قذر\")– اللحاق بالسباق، فإن \"لدين\" أعلن أنه ليس متأكدا. وأضاف \"لدين\": إن \"معين\": ربما يكون أكثر إقناعا لأنه يلعب أكثر الأدوار صعوبة، وهو دور الوجه المعتدل للفاشية الإسلامية\". \r\n \r\n ويرى بعض الخبراء أن هذه التوقعات لا تمثل إلا برهانا على أنه مثلما ارتفعت فجأة نغمة الحرب على العراق فإن بعض المتشددين يحاولون الآن جعل الحقائق متوافقة مع السياسة التي يفضلونها\". \r\n \r\n وفي هذا السياق يُعلّق \"ويليام بيمان\" الأستاذ بجامعة \"براون\" –والذي راقب عن كثب حملة الأسبوع الماضي في طهران– فقال: \"إن \"مايكل لدين\" لم يذهب مطلقا إلى إيران، وهو لا يتحدث اللغة الفارسية، وهو لا يملك إلا الحد الأدنى من المصداقية في الحكم على الانتخابات الإيرانية، أو تقييم الموقف السياسي هناك\". \r\n \r\n وأضاف \"براون\": \"من الواضح أن المحافظين الجدد يلجئون إلى الحل الأخير بإنكار أي مصداقية لدى الشعب الإيراني في هذه الانتخابات، من خلال الاستمرار في ترويج صورة الإيرانيين اليائسين الذين يعيشون مرتعدين في ظل حكم إيراني مستبد. وهذا ما يرونه الطريق الأفضل لتبرير نوع من الهجوم يقود إلى 'تغيير نظام الحكم‘. وجدير بالذكر أن \"براون\" سيصدر له قريبا كتاب \"'الشيطان الأكبر‘ و'الملالي الغاضبون‘: كيف تصوّر كل من الولاياتالمتحدةوإيران الآخر في صورة الشيطان\".