\r\n \r\n وقد مثلت انتفاضة الحزبين داخل الكونغرس, في وجه التهديد بخطر الفيتو, هزيمة للرئيس بوش لا مثيل لها, ذلك انه عندما كان الامر يتعلق بالامن القومي, تعود بوش, خلال السنوات الخمس الاولى من رئاسته, ان يقود كما يحلو له, وحوله مشرعون موالون يسيرون في الخط والسياسة نفسها, اما اليوم, حيث ارقامه في استطلاعات الرأي تغوص في مستنقع سياسي, فتسهم معضلة ادارة الموانئ في اضفاء صفة الضعف التي حررت الليبراليين الذين لم يكونوا ليجرؤوا يوما على معارضته. \r\n \r\n \r\n في هذا الخصوص, يقول طوني فابريزيو, احد مستطلعي الرأي من الحزب الجمهوري, »ليس لدى الرئيس بوش اي رأسمال سياسي, واخذ رأسماله هذا في التحلل ببطء, ولكن على نحو مؤكد, فهناك علاقة مباشرة بين الانحناء في ارقام المؤيدين وبين الاستقلال من جانب الجمهوريين - ولا اريد ان اسميه عدم الولاء - في الكونغرس. \r\n \r\n فاتفاقية ادارة الموانئ اربكت الجمهوريين, ليس من حيث مادتها وحسب, بل ايضا من حيث تناول الرئيس لها, ذلك ان البيت الابيض اخفق في توقع الاهتياج الذي سيستثار من آفاق ادارة شركة عربية لموانئ امريكية, اذ يعتقد العديد من الجمهوريين بان الرئيس بوش فاقم الوضع بالتسرع في التهديد باستخدام النقض. \r\n \r\n وتبدو جميع هذه الخطوات الخاطئة اكثر دهشة بالنسبة للبيت الابيض, الذي كان يعرف ذات يوم بالانضباط والدقة السياسية, فبتراوح تأييد بوش بين 34 بالمئة, حسب استطلاع, »سي. بي, اس نيوز« و 41 بالمئة في احدث استطلاع لصحيفة واشنطن بوست »ايه.بي. سي, نيوز« فان بعض المرشحين الجمهوريين يواجهون الناخبين, وفي فترة ثمانية اشهر فقط, بقلق يعبرون عنه في جلساتهم الخاصة, من ان بوش سيكون مثل طائر النقرس اكثر من كونه ميزة بالنسبة لمرشحي الحزب الجمهوري في حملة الخريف الانتخابية, على العكس من الحال عامي 2002 و .2004 \r\n \r\n على ان منظري البيت الابيض يرفضون مثل هذا الحديث على انه مبالغ فيه, مشيرين الى امثلة اخرى عن وحدة الجمهوريين وتضامنهم, ومؤملين بان هذه الضجة حول ادارة الموانئ ستذوي قبل وقت طويل من دخول اي ناخب الى صندوق الاقتراع في شهر تشرين الثاني, وقد حقق بوش نجاحا ظاهريا ما, يوم الخميس الماضي, عندما احاط نفسه باعضاء في الكونغرس من الجمهوريين, في القاعة الشرقية, لدى توقيعه تشريعا يؤكد على تنفيذ »قانون الوطني الامريكي«, ومن بين هؤلاء النائب بيتر كينغ/عن ولاية نيويورك, الذي قاد الثورة على اتفاق الموانئ. \r\n \r\n في هذا الخصوص, قال السكرتير الصحفي للبيت الابيض, سكوت ماكليلان, »نحن حزب موحد, ونسير الى الامام على سجل حافل من الانجازات النتائج« واذ رفض الاجابة عن اسئلة تتعلق بكفاءة الرئيس بوش وفاعليته, اضاف ماكليلان, »في هذه المدينة تيار يحاول انتقاء عبارات نارية غير دقيقة التوجيه, بينما الحياة الواقعية الاوسع تتمثل في اننا ذوو سجل حافل بالنتائج, واننا ننجز الاشياء لصالح الامريكي«, \r\n \r\n وهناك العديد من الجمهوريين الذين ما يزالون ملتفين حول الرئيس, فبعد توقيعه قانون الوطني الامريكي, سافر الى اتلانتا ليكون على رأس حفل عشاء يوم رئيس الحزب الجمهوري في جيورجيا, وقد عبر احد كبار المسؤولين في البيت الابيض, من دون ذكر اسمه, عن بعض الارتياح والانفراج حيال كون معظم اعضاء الكونغرس من الحزب الجمهوري ما يزالون يؤيدون بوش في القضايا السياسية الاكبر, وفي مقدمتها العراق. \r\n \r\n ومع هذا, فالكثير من الجمهوريين اقل رغبة لاعطاء بوش فرصة الشك كما سبق لهم ان فعلوا ذلك, واتضح ذلك العام الماضي في القضايا الداخلية, عندما تخلوا عن برنامج, »الضمان الاجتماعي« وهاجموا طريقة معالجته لاعصار كاترينا, وفرضوا سحب ترشيح هاريت مايرز لعضوية المحكمة العليا, وامس فقط, اقرت لجنة الموازنة في مجلس الشيوخ قرارا اسقط مقترحات بوش المتعلقة بتخفيف الضرائب وتقليص الرعاية الطبية, ووسعوا حسابات التوفير الصحي, وقد رد بوش المحبط اوائل الاسبوع باتهام الكونغرس بالتقليل من قيمة جهود الانفراج والتخفيف من آثار الاعصار. \r\n \r\n والان, يتزايد التباعد حتى في قضايا الامن القومي, حيث اذعن الجمهوريون طويلا للرئيس حيالها, وتجلت مواقف الاستهزاء الاخيرة, من اتفاق ادارة الموانئ الى خطر التعذيب الى تعديلات القانون الوطني التي فرضت على بوش مقابل مصادقة الكونغرس, كما يبدو على زعماء الحزب الجمهوري انهم يميلون, وباسم الامن القومي جزئيا الى رفض اقتراح بوش بشأن برنامج العمال الضيوف كبديل للهجرة غير القانونية. وفي هذا الشأن, قال بارتيك غريفين رئيس مكتب الارتباط التابع للكونغرس في عهد الرئيس كلينتون, »لا يملك بوش ان يرتكب انتهاكا اخر في مجال الامن القومي, وان فعل, فسيكون ذلك بمثابة دمار كبير«. \r\n \r\n وقال ستانلي غرينبيرغ, استطلاعي الرأي العام من الحزب الديمقراطي, الذي اجرى مسحا الاسبوع الماضي, بين فيه ان موضوع اتفاق ادارة الموانئ اضر بشعبيته, انه فات الاوان كثيرا على اصلاح الشقاق القائم بين الرئيس بوش واعضاء الكونغرس من الجمهوريين, مضيفا »لا علم لي بطريقة تعيد الجنِّي الى الزجاجة, فبعد خمس سنوات من الولاء الشديد للرئيس, بان هؤلاء انهم سيفترقون عن الرئيس للنفاد بجلدهم«. \r\n \r\n لقد زودت اتفاقية ادارة الموانئ الديمقراطيين بذخيرة, وهم الذين بدأوا فعلا طرح القضية على نطاق واسع, وبأن الرئيس بوش في حيرة من امره, ووصف السيناتور الديمقراطي جون كيري/ساتشوسيتس حالة اتفاقية الموانئ بانها »دراسة حالة في عدم كفاءة الادارة«, وقال عنها السيناتور كريستوفر دود, ديمقراطي من كونيكتيكت, ان الادارة »كانت غافية عند فتح الضوء, واساءت التصرف عند رؤيتها للاتفاقية«. \r\n \r\n ومع هذا ليس واضحا ان كان الديمقراطيون قادرين على تجيير هذه القضية لصالحهم في انتخابات الخريف. فالجمهوريون في كابيتول هيل على ذات القدر من الصراحة, مثل خصومهم في الموقف ضد اتفاقية الموانئ, الامر الذي يصعب الامر اكثر من حيث رسم خط تمايز واضح في الحملة الانتخابية, غير انه في التحول ضد بوش, قد ينقذ بعض القياديين في الحزب الجمهوري انفسهم من مصير اسوأ, كما يعتقد بعض منظري الحزب اذ قال فابريزيو, »لم يخطر ببالي ابدا ان يأتي يوم يتطرق فيه الجميع الى حق الرئيس في قضايا الامن القومي, ولعلهم صنعوا من ذلك سلطة دجاج, فان تمكن الديمقراطيون من استغلال ذلك, فسيكون الامر مريعا, ومريعا جدا«. \r\n