ان من ارتكب أخطاء الحذف والتفويض التي كثرت في العمليتين العسكريتين هم الرئيس ونائبه ووزير الدفاع ومساعدوه. لكن ما كان لهؤلاء أبداً ان يتركوا على هواهم دون ان ينهض أحد لتصحيحهم لولا تواطؤ الكونغرس، الذي يسيطر عليه الحزب نفسه الذي يسيطر على البيت الأبيض. \r\n \r\n \r\n \r\n ولذلك فنعندما يحين وقت توجيه أصابع الاتهام، لا تنسوا أولئك الأشخاص الذين يملؤون القاعات الرخامية في مجلس الشيوخ ومجلس النواب بالكونغرس الأميركي، والذين بدا ان واجبهم الأول هو حماية الحزب الجمهوري وحماية رئيسهم.وبدلاً من ان يزأر هؤلاء كالأسود الغاضبة، راحوا يئنون وينتحبون كالجراء. \r\n \r\n \r\n وعندما ظهرت الأدلة بأن كبار الضباط كذبوا عليهم بشأن تواطئهم وتواطؤ رؤسائهم المدنيين في تعذيب وإذلال مجموعة مختلطة من المقاتلين الأجانب والإرهابيين والفتية المغفلين في أماكن مثل غوانتانامو وأبوغريب، فعل أعضاء الكونغرس كل ما بوسعهم لترك هذه الأكاذيب تمرّ بهدوء دون مساءلة. \r\n \r\n \r\n وعندما أصدر البنتاغون أوامر للفرق العسكرية الأميركية بان تترك أفضل وأقوى مركباتها المدرعة في قواعدها بالولايات المتحدة، وتذهب إلى الحرب لتقاتل بمركبات «هامفي» الهزيلة في أخطر شوارع بالعالم، التزم الكونغرس الصمت ولم يحرك ساكناً. \r\n \r\n \r\n وعندما رجع نحو 2000 جندي أميركي في نعوش عسكرية إلى الوطن واستخدم وزير الدفاع آلة أوتوماتيكية لختم توقيعه على رسائل التعزية الموجهة إلى العائلات التي يعتصر الحزن قلوبها، كان كل ما فعله الكونغرس هو إصدار بيانات صحافية تتفجع على الخسائر البشرية المتزايدة. \r\n \r\n \r\n عندما حذر الرئيس دوايت آيزنهاور وهو رئيس جمهوري وجنرال سابق الأمة في خطابه الأخير عام 1961 من مُركّب عسكري صناعي يستحوذ على «نفود غير مبرر»، توقع في الكونغرس ان يبقى متيقظاً من خطر أولئك الذين يتخذون على الموارد العامة. \r\n \r\n \r\n وفي ظل أسلوب إدارة بوش في الإدارة، وحروبها الخارجية، سال لعاب بعض المقاولين وأقطاب صناعة الدفاع أمام هذه الفرصة السانحة لهم ليغرفوا من الخزينة الأميركية، وحيال كل هذا وقف الكونغرس موقف المتفرج، لا بل انه كان يحثهم على ان يغرفوا أكثر من الخزينة.وبالطبع هناك استثناءات. هناك أفراد أصحاب مباديء وأصحاب ضمير في كلا مجلسي الكونغرس. \r\n \r\n \r\n لكنهم قلة قليلة ولا صوت لهم. أحد هؤلاء هو السيناتور الجمهوري تشاك هاغيل، الذي شارك بنفسه في حرب فيتنام ويعرف حق المعرفة ماذا يجري في الحروب وفي معارك المشاة، ولقد بذل كل ما بوسعه لحمل حزبه على الاهتمام كما ينبغي بقضايا الجنود والمحاربين القدامى والمواطنين الصالحين. \r\n \r\n \r\n والسيناتور الجمهوري جون مكين، الذي شارك أيضاً في حرب فيتنام، بذل أيضاً جهوداً مخلصة في منع شركة بوينغ من الظفر بعقد مبالغ فيه بقيمة 30 مليار دولار مقابل تأجير سلاح الجو طائرات لتزويد الوقود في الجو في صفقة تفوح منها رائحة الفساد، كان الكونغرس يريد إهداءها لبوينغ، وبعد انفضاح أمر الصفقة، حكم على موظفين من بوينغ بالسجن، وكان يجب ان يلحق بهما آخرون من سلاح الجو والكونغرس. \r\n \r\n \r\n السيناتور الجمهوري جون وارنر، رئيس لجنة القوات المسلحة بالكونغرس، حاول ان يقف على الحياد. فهو أيضاً محارب قديم خدم في البحرية ويفهم قضايا الجنود، وكان في البداية متعصباً بشكل أعمى لإدارة بوش، لكنه بدأ يدرك تدريجياً حجم الشرور والآثام التي تقترف وبدأ يجاهر في الحديث عنها. \r\n \r\n \r\n والسيناتور الجمهوري ليندساي غراهام، الذي يخدم في قوات الاحتياط، عبر عن معارضته لطريقة إدارة الحرب وانضم إلى مكين ووارنر في اقتراح قانون لحظر ممارسة التعذيب أو الإذلال المتعمد في حق أي محتجز لدى الأميركيين.ومن جانبهم فإن الديمقراطيين لم يقصروا في الانتقاد، لكن افتقارهم للرؤية البديلة يشلّ فعاليتهم مثل مرشحهم الرئاسي الذي لم يقدم بديلاً أفضل من البقاء في العراق حتى النهاية. انهم غائبون ميتون في المياه الساكنة. \r\n \r\n \r\n وربما ينبغي حتى إنشاء لجنة لمراجعة ملفات قضايا التكسب من الحرب كتلك التي أنشئت خلال الحرب العالمية الثانية والتي أوكلت رئاستها لسيناتور مغمور في ولاية ميزوري يدعى هاري ترومان، وتبين لاحقاً انه رجل شرس لا يعرف الهوادة عندما يتعلق الأمر بنهب الموارد العامة، \r\n \r\n \r\n وإذا ثبت انك سرقت الحكومة واحتلت على جنود أميركا بحرمانهم من أفضل التجهيزات والأسلحة والذخائر التي يستحقونها، فإن هاري ترومان يقيلك من منصبك أو يضعك في السجن، ونحن الآن بحاجة للجنة على غرار لجنة ترومان. نحن بحاجة ماسة أكثر لكونغرس يتمتع بقدر أكبر من العزيمة. \r\n \r\n \r\n خدمة «لوس انجلوس تايمز» \r\n \r\n \r\n خاص ل «البيان» \r\n \r\n