وأخذ يكيل الاتهامات على الحرب الجوية التي خاضها حلف الناتو في يوغسلافيا وتمادى في لهجة التحدي وإثارة الشهود ومضايقتهم وكثيرا ما أهان القضاة وممثلي الادعاء وأنكر على الجميع الحق في محاكمته. \r\n وعلى الرغم من أن موت ميلوسوفيتش يفترض أنه قد غيب معه الاتهام ، وحرم ضحايا الجرائم الشنيعة في يوغسلافيا السابقة من سماع الحكم العادل والقصاص من المتهم ، بيد انه يجب الا يفرض تعتيما على إنجاز يفوق حجمه حجم محاكمة ميلوسوفيتش نفسه ، وربما يكون موته قد حال دون توجيه اتهام له غير أنه لن يفلت من العدالة المطلقة. \r\n وبينما يشعر ضحايا حرب البلقان بالأسى والضيق لحرمانهم سماع حكم الإدانة العادل في تلك القضية إلا أن المتهم الذي كان يتباهى بنفسه على انه رجل صربيا القوي لفظ أنفاسه في سجنه بينما تحيط به الاتهامات من كل جانب وأمامه عريضة بالجرائم التي اقترفها ستظل شاهدة عليه على مر الأجيال. \r\n وكانت محكمة الجرائم الدولية الخاصة بمحاكمة قادة يوغسلافيا السابقة قد قامت بجمع وتكديس عدد هائل من أدلة الإدانة ضد ميلوسوفيتش ودوره في جرائم القتل الجماعي وإشعال الحروب وارتكابه جرائم ضد الإنسانية خلال عمليات تطهير عرقي واسعة نفذت بناء على تعليماته في الفترة من 1992 وحتى 1999 في البوسنة وكرواتيا وكوسوفو. \r\n كما أن وفاة ميلوسوفيتش ربما تقوض جهودا كانت تسعى لإيضاح أن عمليات التطهير العرقي لم تكن نتاجا لمجموعة عرقية واحدة ولكن كان وراءها برامج سياسية نسجها قادة سياسيون إلا أن تلك الوفاة لن تأد إنجازات تمت على مدار عشر سنوات من عمل المحاكمة أوقفت ميلوسوفيتش ومسؤولين غيره ممن احتلوا أعلى المناصب أمام القضاء. \r\n وكذا فإن وفاة الرئيس الصربي السابق وإنهاء محاكمته تبرز أهمية استخلاص الدروس من إجراءات تلك المحاكمة التي امتدت اربع سنوات فمحكمة الجرائم الدولية التي تتولى محاكمة مسؤولين بارزين على جرائم كبيرة تواجه تعقيدات وتحديات يمكن أن تهدر أوعلى الأقل تعيق تقدم عملها على النحو المطلوب. وقبل كل شئ تأتي صعوبة إثبات الاتهام ضد مسؤولين بارزين لم يكونوا قريبين من كثير من الأماكن التي ارتكبت فيها تلك الجرائم لحظة وقوعها. \r\n وفي أفضل الظروف يطول أمد تلك المحاكمات ، ومن ثم فممثلي الادعاء الدوليين يجب أن يضعوا نصب أعينهم التركيز على الاتهامات التي يتوفر لها أقوى الأدلة وفي هذا الخصوص كان من الأجدى الفصل بين الجرائم التي وجهت إلى ميلوسوفيتش سواء في كرواتيا او البوسنة او كسوفو ، حيث كان الأمر سيختلف عما حدث مع جمعهم في محاكمة واحدة. \r\n إلا أن طول فترة المحاكمة الى هذا الحد البعيد يرجع إلى وجود ما يزيد على 66 اتهاما بارتكاب جرائم ضد الانسانية وجرائم الحرب والقتل الجماعي التي تم جمعها معا في عريضة اتهام مشتركة وحدث أن تأجلت المحاكمة مرات عديدة بأمر القضاه لظروف ميلوسوفيتش الصحية غير أنه كان يسمح له ايضا بأن يطرح نفس الاسئلة مرات عديدة على الشهود ويمارس ضدهم مضايقات واستفزازات ، ويسهب في الحديث حول موضوعات سياسية ليس لها علاقة بمحاكمته غير أنه لا يجوز السماح للمتهمين أمام محاكم الجزاء الدولية بأن يعيقوا العدالة بتأخير أو إرباك سير الإجراءات على نحو متعمد، وعلى قضاة المحاكم الدولية تأكيد سيطرتهم على مجريات المحاكمة مع ضمان احترام حق المتهم في محاكمة عادلة وعندما يموت المتهم قبل صدور الحكم النهائي يكون هناك شعور بوجود فجوة وحالة من الخلل والنقصان ، غير أن تلك المشاعر تصل إلى أقصاها مع حالة ميلوسوفيتش على الرغم من قطع المحكمة شوطا طويلا في تداول قضيته وعندما يقف متهمون آخرون مثل راتكو مالديتش ورادوفان كاراديتش أمام القضاء الدولي يجب أن تستفيد المحكمة من دروس قضية ميلوسوفيتش وهناك رسالة واحدة لم تحجبها محاكمة ميلوسوفيتش - على الرغم من أوجه القصور التي شابتها - وهي أن الإفلات من العقوبة على الجرائم التي تهز ضمير الإنسانية - بصرف النظر عن مكانة المسؤول - قد باتت شيئا من الماضي . \r\n \r\n * مدير برنامج العدل الدولي في منظمة هيومان رايتس ووتش ، وحضر محاكمة ميلوسوفيتش من 2002 إلى 2004 \r\n * خدمة انترناشونال هيرالد تربيون خاص بالوطن