هذا وقد بدأت حمى الاستعداد للانتخابات الرئاسية المقبلة سلفاً, في كل من الحزبين الرئيسيين الجمهوري والديمقراطي. هذا ويكشف التنافس الحزبي على الترشيح في صفوف \"الجمهوريين\" بنهاية الأسبوع الجاري, مدى الخطوات العملية التي قطعها \"الجمهوريون\" في هذا الاتجاه. يجدر بالذكر أن هذا التنافس سيتم خلال مؤتمر القادة \"الجمهوريين\" في الولايات الجنوبية الذي ينعقد في مدينة ممفيس. \r\n لكن وحتى هذه اللحظة, فإن جبهة التنافس الرئيسية إنما هي المال والتمويل. ذلك أن كل التحليلات والمؤشرات, تؤكد أنه يتعين على المتنافسين توفير أموال طائلة لتمويل حملاتهم الانتخابية, تفوق كثيراً كل الاحتياجات المالية التي كانت تلزم المرشحين في المعارك الرئاسية السابقة. ولا يعني ذلك شيئاً آخر بالطبع سوى أهمية استعداد المرشحين قبل عام من موعد الانتخابات على الأقل, لحملة انتخابية تكسر كافة الأرقام القياسية السابقة في جبهة التمويل, ويتعذر خوض الانتخابات أصلاً دون مواجهة الضغوط المالية والتحديات الكبيرة التي تفرضها عليهم الانتخابات الرئاسية المقبلة. \r\n غير أنه ليس صحيحاً القول باتفاق جميع خبراء التمويل السياسي وناشطي الحملات الانتخابية مع السيد تونر, على أن رفع رسوم الترشح للمنصب الرئاسي إلى 100 مليون دولار خلال الاثنين وعشرين شهراً المقبلة, هو الإجراء الصحيح والأنسب لاعتماد ترشيح كافة المرشحين الرئاسيين الجادين, ممن يتمتعون بالمصداقية, خاصة إن كان لجميع المرشحين أن يخوضوا تلك المنافسات على قدم الندية والمساواة. يجدر بالذكر أن مبلغ ال100 مليون دولار المشار إليه, يكاد يعادل ثلاثة أمثال ما كانت عليه رسوم الترشيح في المعركة الانتخابية الأخيرة. ولكن يبقى مفهوماً في الوقت ذاته, أن جملة من العوامل والظروف قد تضافرت معاً لتجعل الأفكار السابقة عن تمويل الحملات الانتخابية الرئاسية وتكلفتها, أمراً غير ممكن من الناحية العملية في الوقت الحالي، \r\n وأول هذه العوامل, السابقة التي أرستها انتخابات عام 2004. فمن خلالها قرر كل من الرئيس بوش ومنافسه \"الديمقراطي\" جون كيري, وضع حد للأموال المطلوبة لتمويل حملتيهما بلغ نحو 44.7 مليون دولار. كان ذلك في مرحلة الترشيح. ولكنهما رفعا ذلك المبلغ إلى 247.7 مليون دولار ثم إلى 253 مليونا على التوالي, قبل أن يبدأ كلاهما قبول التمويل العام للحملة الانتخابية العامة التي جرت في فصل الخريف. وقد كان النجاح المالي الكبير الذي أحرزه كلاهما, مثار تعليق الخبراء والمحللين الذين تكهنوا بأنه سيكون النبراس الذي ستهتدي به كافة الحملات الانتخابية الرئاسية اللاحقة. والأكثر من ذلك, اعتقد الكثير من المحللين بأن عام 2008 سيكون عاماً تقتصر فيه الترشيحات الرئاسية على المقتدرين مالياً, ممن يرجح رفضهم لمبادئ التمويل العام وحدود الإنفاق التي تحكم هذه الحملات عادة, وأن يسري ذلك الرفض حتى على حملة الخريف النهائية الفاصلة. وفيما لو حدث ذلك فعلياً, فإنه سيتعين على مرشحي الحزبين, توفير مبالغ مالية قد تصل إلى 400 مليون دولار, بحلول الرابع من نوفمبر عام 2008. ومما لاشك فيه أن المرشحين سيحرصون على توفير هذه الأموال قبل حلول ذلك الموعد بمدة كافية, حتى لا يضطروا لإهدار وقت ثمين من الحملة الانتخابية في جمع الأموال. ضمن ذلك تنبأ ستيف إلميندورف نائب مدير الحملة المالية للحملة الانتخابية العامة لجون كيري ضد بوش, بأن يصبح قبول التمويل العام من قبل المرشحين, ظاهرة من ظواهر الماضي الانتخابي الأميركي هذه المرة, سواء كان ذلك في الجولات الانتخابية الأولى أم النهائية العامة. يذكر أن التمويل الانتخابي العام, كان قد بدأ عام 1976 في أعقاب فضيحة \"ووترجيت\" الشهيرة. \r\n وتضاف إلى هذه العوامل السابقة, الجهود التي تبذلها السناتور هيلاري كلينتون –عن ولاية نيويورك- لجمع الأموال اللازمة لحملتها الانتخابية من الآن. وبما أن لها خبرة مجربة ومشهودا لها, في حملات جمع الأموال على مستوى الولايات وعلى المستوى القومي, وفيما لو ترشحت لانتخابات عام 2008, فإنها تمثل تحدياً مالياً كبيراً لمنافسيها المرشحين من كلا الحزبين. ولذلك فإن الاتجاه الطاغي في أوساط \"الجمهوريين\", هو ضرورة أن يبني مرشحو حزبهم استراتيجيتهم المالية على احتمال مرجح لرفض هيلاري كلينتون للتمويل العام, وابتكار معيار جديد لتمويل الحملات الانتخابية والإنفاق عليها. \r\n ويحتم هذا السباق المبكر والمحموم في مضمار تمويل الحملات الانتخابية, على المرشحين الذين لا يتمتعون بسمعة شعبية واسعة في البلاد, أو الذين يفتقرون إلى شبكات جمع الأموال على النطاق القومي, أن يبدؤوا حملة تنقل وترحال مستمر من الآن عبر مختلف الولايات, بهدف بناء علاقات مع الأثرياء ومع الولايات الغنية المانحة, مثل ولايات نيويورك وكاليفورنيا وفلوريدا. غير أن مديراً انتخابياً \"جمهورياً\" –رفض ذكر اسمه- قال إنه ليس من المسؤولية في شيء, أن يخطط مرشح ما, حملته الانتخابية في المرحلة الأولية وحدها, دون أن يضع في الاعتبار المفاجآت المالية التي يمكن أن تفرضها عليه هيلاري كلينتون في المرحلة التالية للجولة الأولية. ومن رأي المتحدث أن الذي سيحدث في مثل هذه الحالة, هو إدارة المرشح المعني لاهتمامه كله إلى كيفية التعامل مع حملة هيلاري كلينتون, بدلاً من صب الاهتمام على حملته هو وقياداتها سياسياً. \r\n ومهما يكن فإن من رأي خبراء ومديري الحملات الانتخابية أن المحك الجدي الذي يواجهه كافة المرشحين لانتخابات 2008, هو القدرة التنظيمية المؤهلة لحشد الطاقات والجهود, وجمع الأموال اللازمة لخوض التنافس الانتخابي المقبل. \r\n \r\n توماس بي. إيدسول \r\n \r\n محرر في صحيفة \"واشنطن بوست\" \r\n \r\n ينشر بترتيب خاص مع خدمة \"لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست\"