وعكس ما قد يعتقده بشكل كبير كل شخص فان هناك نقصا مذهلا في عدد الصراعات حيث انخفضت هذه الصراعات بنسبة 40% عما كان عليه الحال في مطلع التسعينات. وكان هناك 25 صراعا مسلحا انفصاليا في 2004 وهو ادنى عدد منذ عام 1976 حسبما جاء في تقرير الامن البشري الموثق لعام 2005. حيث اعلن هذا التقرير ان عدد عمليات القتل الجماعية قد انخفض بنسبة 80% منذ اواخر التسعينات. وعلى مستوى العالم ثمة زيادة ملحوظة في عدد الصراعات او الحروب الاهلية التي تم حلها كما هو الحال في اقليم اسييه الانفصالي في اندونيسيا هذا العام ليس بالقوة بل بالمفاوضات. \r\n وثمة اسباب كثيرة لهذه التحولات. منها انتهاء الحقبة الاستعمارية والفترة التي تلتها والتي انتجت ثلثي او اكثر من كل الحروب في الفترة من الخمسينات الى الثمانينات. وانتهاء الحرب الباردة التي انتهت معها كثير من الحروب بالوكالة والتي كانت تزكيها واشنطن او موسكو والتسريع في زوال عدد من انظمة الحكم الاستبدادية التي كانت تقوي وتثير مشاعر الاستياء والتمرد الداخلية بشكل ملموس. \r\n والتفسير الافضل هو ذلك الذي يمكن ان نفاجأ به وهو الزيادة الكبيرة في الجهود الدولية لمنع وادارة وحل الصراعات. \r\n وافضل النماذج في ذلك هي تلك التي لايرد ذكرها في نشرات المساء. فمن خلال استيعاب الدروس الصعبة التي تم تعلمها من الايام الكارثية في مطلع التسعينات في اماكن مثل البوسنة ورواندا والصومال فان المجتمع الدولي هو الان افضل بكثير عما كان معتادا عليه دائما فيما يتعلق بمنع الصراعات. \r\n فيما بين 1990و2002 زاد عدد المهام الدبلوماسية الاممية الرامية الى وقف الحروب قبل ان تشتعل ستة اضعاف حسب التقرير السابق. وعلى الرغم من عدم فعاليتها في بعض الاحيان الا ان العقوبات الاقتصادية ضد انظمة فاسدة في العالم زادت احد عشر ضعفا فيما بين 1989و2003. والتصرف المبكر والواعي في اماكن مثل بروندي واندونيسيا ومقدونيا جعل اغلب الاميركيين غير مدركين بشكل يثير الغبطة ان هناك دولا قد نأت بعيدا عن العنف واسع النطاق الذي عمها في الماضي. \r\n وكانت الانتخابات الرئاسية الاخيرة في ليبيريا هي قصة خبر يوم واحد عن شعب يقترع بسلام بعد سنوات من اراقة الدماء. وان كانت مهمة حفظ سلام ناجحة قد ساعدت في تحقيق ذلك. \r\n وكانت هناك حرب اهلية جديدة كارثية على شفا الانفجار هذا العام جراء قرار سييء من قبل حكومات مجاورة بالتدخل عسكريا دعما لاحد فصائل النزاع السياسي الداخلي. غير ان منظمات مثل منظمتنا دقت اجراس الخطر وكان هناك فيض من النشاط الدبلوماسي في نيروبي واديس ابابا ونيويورك. وسادت الاراء الحكيمة ب(لا) للتدخل و(لا) لاندلاع الحرب هناك ولانه لم يحدث شيء فلم يلحظ احد ذلك. \r\n وبغض النظر عن كل قنبلة على جنبات الطريق في بغداد فان قوات حفظ السلام في اماكن مثل البوسنة وكوسوفو وتيمور الشرقية وسيراليون تقوم بواجبها بهدوء الذي يبدو الان انه روتيني في الغالب. وفيما بين 1998 و2004 فان عدد عمليات حفظ السلام الاممية زادت عن الضعف. \r\n وباتت المنظمات الاقليمية في اوروبا والاميركتين وافريقيا قوية بشكل كبير في التصدي واتخاذ اجراءات ضد الانتهاكات التي لاتغتفر ضد المدنيين مما يساعد على تحجيم الصراعات قبل ان تستفحل وتخرج عن حد السيطرة. ويستحق ماكس فان دير ستويل المفوض الاعلى الاوروبي السابق لشئون الاقليات القومية جائزة نوبل للسلام لوقفه اكثر من عشرة من الصراعات الكبيرة العرقية والقائمة على اللغة من الاندلاع عبر اوروبا من البلطيق الى رومانيا. \r\n واحد الدروس الباقية من صراع البلقان هو ان المجتمع الدولي يمكن ان يكون فعالا عندما يتعاون. فقبل النهج المنسق بين الولاياتالمتحدة واوروبا في البوسنة كان الوضع عبارة عن ازمة دموية وكان الرد الدولي غير كاف وكان العالم ينظر الى دولة فاشلة تعمها الفوضى في وسط اوروبا. وعندما تعاون جانبا الاطلسي تغيرت الامور بشكل مذهل. \r\n وهناك ايضا اجماع ناشيء على مسئولية المجتمع الدولي لحماية المدنيين في حالة الخطر الكبير. وقد ساعد ذلك على سد الفجوة بين اولئك الذين يريدون الدفاع عن المبادئ التقليدية لسيادة الدولة واولئك الذين يؤكدون على الحق الدولي بالتدخل في الازمات الانسانية. \r\n ولايمكننا القول حتى الان، كمجمتع دولي، بان هناك شيئا اشبه بالاجماع لكيف ومتى يمكن القيام باي تدخل وتحت مسئولية من. وفي الوقت الذي يستمر فيه الخلاف يستمر الناس في الموت. لكننا الان على الاقل على الدرب نسير. \r\n ولايزال هناك كثير من العمل الجاد المطلوب عمله في ارجاء المعمورة في اماكن مثل العراق والسودان والكونغو لكن هناك اخبارا طيبة يمكن الاحتفال بها اكثر بكثير مما قد يعتقد الكثيرون. وفي عالم غامض في الغالب فان ارواح الملايين من الاشخاص صارت الان اكثر امنا وامانا عما كان قبل عقد من الزمان. \r\n غاريث ايفانس \r\n وزير خارجية استراليا في الفترة من 1988 الى1996 ورئيس مجموعة الازمة الدولية \r\n خدمة لوس انجلوس تايمز واشنطن بوست خاص ب(الوطن).